مجلس الأمن ومعاناة الشعوب

مجلس الأمن ومعاناة الشعوب

04 سبتمبر 2014
+ الخط -

إن حرب الولايات المتحدة على العراق عام 2003، وتفتيته طائفياً، وتداعيات هذه الحرب المريرة على شعوب المنطقة، وكذلك فشل سياسات أميركا وانحسارها إزاء الأزمة السورية، بالإضافة إلى تراخي المجتمع الدولي عن إيجاد حلول ناجعة لقضايا التطرف في المجتمعات النامية عبر آليات براغماتية باردة، تفتقر لحلول عملية، تنسجم مع حجم معاناة الشعوب، كل هذا أدى إلى الاقتتال الداخلي السوري، ذي الطابع الإقليمي، وإلى خيبة أمل الشعوب التي تعاني صراعات تستنزف طاقاتها.

تخاذل المجتمع الدولي عن مسؤوليته أمام ما يجري في سورية يؤدي إلى تكريس حالة الاستمرار بالعنف، من خلال تعميق أجواء التحزّب لطرف على حساب آخر، وتفيد الوقائع بأن التعاطي الدولي السائد لمعالجة القضايا العالقة يعتمد على إدارة الصراعات، بدلاً من السعي إلى حله، وبالتالي، يغدو القانون الدولي عبر هذه الرؤية ألعوبة بيد الدول الكبرى. وحسب خبراء دوليين، بات دور مجلس الأمن، بهذا الخصوص، إحصائياً، يهتم بأرقام الضحايا والمتضررين، أكثر من كونه إصلاحيا.

وتفيد الوقائع بأن فاعلية استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن تحتاج مراجعة نقدية من المجتمع الدولي، بسبب ظلمٍ من الوارد أن يلحق بدولة معينة، جراء تعنّت عضو في مجلس الأمن، مثلما حصل بالنسبة للفيتو الروسي المكرر، والذي وقف مرات عديدة بوجه قرارتٍ كان من شأنها إيجاد حلول للأزمة السورية الراهنة، وكذلك الحال مع الفيتو الأميركي بشأن أي قرار يمس إسرائيل ومصالحها.

وبعيداً عن تداعيات قرار مجلس الأمن مجابهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" في سورية والعراق، فإنه يعكس، في عمقه، جوهر ما يتم التطرق إليه، في وقت ينوي فيه الأميركيون والغرب محاسبة التنظيم، التزموا الصمت حيال جرائم مروعة، في ثلاثة أعوام من عمر الصراع، لا تقل فظاعة عن جرائم التنظيم، ارتكبها النظام السوري وعناصر مقاتلة أخرى، على شاكلة مجزرة الكيماوي 2011 في الغوطة الشرقية، المتهم بها نظام دمشق، والتي راح ضحيتها 1500 إنسان. 

وبناءً على ما سلف، تصبح الرؤية التي تقول إن الاتهام الموجّه إلى مجلس الأمن بوصفه مقصراً في معالجة قضايا الشعوب، يُعد اتهاماً عاطفياً ويعاني شعوراً مركّزاً بالاضطهاد، رؤية مشكوك في صحتها وجدواها، ذلك لأنها تؤيد استمرار مشكلات الكوكب لحساب مشاريع الاقتصاد السياسي وتعزز الوطنية الشوفينية التي تقوم بدورها على إذكاء الحس التعصبي عند الأجيال المقبلة لدى شعوب العالم كافة.

avata
avata
معتز نادر (سورية)
معتز نادر (سورية)