مجزرة الكيماوي

مجزرة الكيماوي

25 اغسطس 2014
+ الخط -
منذ سنة قتل نظام البعث في سورية المئات من السوريين بسلاح كيماوي، كان يُفترض أنه سلاح ردعٍ للسلاح النووي الإسرائيلي. وخلال أسابيع تخلّى النظام عن سلاحه هذا للحفاظ على رأسه. ثلاث مفارقات يُمكن ربطها بالذكرى السنوية الأولى لهذه المجزرة:
المفارقة الأولى، هي فارق الأسبوع بين المجزرة التي نفذها الجيش المصري بحق المعتصمين في رابعة العدوية، بعد أن نفّذ انقلاباً عسكرياً على رئيس منتخب ديمقراطياً. وفي خلال أسبوع نفذ النظامان المصري والسوري مجزرتين، يُمكن أن تُعدا نقطة مفصليّة في عودة العسكر العربي إلى ممارسة دوره الذي برع فيه منذ خمسينيات القرن الماضي، أي قمع شعبه. كما تُعد محطة مفصليّة في إعلان عدم اكتراث الثورة المضادة بالرأي العام العربي والعالمي.
المفارقة الثانية، وهي نقطة تحوّل في الثورة السورية. فبعد مجزرة الكيماوي، وكلّ التهديدات الأميركيّة التي انتهت بتسوية تسليم السلاح الكيماوي، وصل الشعب السوري إلى قناعة بأن العالم كلّه تركه. وظهر بوضوح له، أن معارضته السياسيّة فشلت فشلاً ذريعاً بحمايته، وبخلق لوبي داعم للثورة السورية، يستطيع الحصول على دعم عالمي سياسي وعسكري. كما تيقّن هؤلاء من عدم قدرة الجيش الحرّ على تحقيق انتصار عسكري يتجاوز ما هو مسموح له به دولياً. لذلك، ذهب جزء من المقاتلين السوريين باتجاه تنظيمات إسلامية جهادية كـ"داعش" و"جبهة النصرة" والجبهة الإسلاميّة، وقد نهج عدد من هذه التنظيمات منهجاً ظلامياً، ومارست الجرائم بحق الثورة السورية قبل غيرها. ولنا في مشهد عبد الباسط الساروت مطالباً "داعش" "والنصرة" بالانتقام لحمص مثلاً بارزاً.
المفارقة الثالثة، هي خسارة الولايات المتحدة فرصة ذهبية في مصالحة شارعٍ إسلامي واسع عبر دعم الثورة السورية في وجه نظامٍ لا يختلف اثنان على قمعه وإجرامه؛ لكن واشنطن، فوتت هذه الفرصة. وخسر العالم فرصة لتثبيت فكرة أن كل ديكتاتور سينال عقابه. خسر الشعب السوري، ودخلت المنطقة في قلب عاصفة جهادية، لا يُمكن وصفها بأقل من تنظيمات ظلامية تُعيدنا مئات السنوات إلى الوراء.