مجد كردية: فرشاة تُبشّر بعالم أجمل

مجد كردية: فرشاة تُبشّر بعالم أجمل

18 مارس 2015
لثورة أعطتني مزيداً من الإحساس بآلام الآخرين(العربي الجديد)
+ الخط -


اعتمد الفنان مجد كردية على نفسه في دراسة الفن، وذلك ببحوث شخصية تخللتها دراسة الغرافيك، إضافة إلى ثلاث سنوات من الدراسة الأكاديمية في كلية الفنون الجميلة في جامعة حلب، تركها في السنة الأخيرة بسبب "المناخ القمعي، فلم أرد أن أكون نسخة مكررة عن غيري".

يعتمد مجد في لوحاته على رسم الكائنات الحية تماهياً مع بدء اكتشاف الفن التشكيلي على جدران الكهوف، والرموز التي يرسمها تعبّر عن دلالات معينة بحسب القصة التي بدورها تتغير مع وحي اللوحة، إذ هناك تمازج بين النص واللوحة، ولذلك لم يستطع مجد حصر شخصية برمز معين بدلالة واحدة.

جمع في أعماله الأخيرة الرسم والكتابة، ولم يستغن عن خطوطه الطفولية النقية التي تصور الكون مثالياً متكاملاً، الأمر الذي يشعرك للوهلة الأولى بانفصال الرسومات عن الواقع كلياً والحدث السوري بشكل خاص، إلاّ أنّها متأثرة فيه بشكل غير مباشر، يقول كردية لـ "العربي الجديد": "قد تظهر أعمالي أنها غير مرتبطة بالواقع، نتيجة تعودنا على المباشرة، التي هي طريقة مبتذلة ومستهلكة لتقديم الفكرة في الفن. لا أهتم بتفاصيل الأمور، الأهم عندي هو القيم التي تغيب عن وقتنا الحالي وأحاول تجسديها".

يستمد أفكاره من الشعر القديم والأساطير والطبيعة، يقول: "تأثرت كثيراً بالشعر الجاهلي ونظرة الشعراء للكائنات الحية المختلفة، فأحدهم شبّه حبيبته بالغزال وتارة بالبقرة الوحشية، لاصقاً صفة الذئب على نفسه، وغيرها من الأمثلة التي لا مجال للتوسع فيها، الفكرة كلها تصب في ذات النقطة، من حيث احترامهم لكل أشكال الحياة، وعدم الاستعلاء على مخلوق".

رسم "كردية" القتل والسجن والجوع والخوف والحرية والحب والأمل لكن بطريقته الخاصة، موجهاً إياها لحالة بشرية عامة، يقول :"الظلم بكل الأرض يشبه بعضه، ودموع الأمهات طعمها مالح أينما كانت، أحاول أن تكون رسوماتي جرعة مبشرة بعالم قادم، أتمنى أن يكون أجمل من الذي نعيشه اليوم".


مجد ابن معتقل سياسي دفع من عمره 12 عاماً وغرب عن أولاده، لأنه حلم بوطن صالح، يقول: "للأسف، علاقة الثورة بالفن أصبحت موضة، والفنان، اليوم، لا يختلف عن تاجر السلاح، نرى لوحات عن رؤوس مقطوعة وأشلاء أطفال. تبعاً للدراج في سوق القتل يكون موضوع اللوحة".

مضيفاً: "علبة اللون الأحمر التي لا يصل سعرها إلى 30 دولاراً، باتت تساوي مئات الأضعاف فقط لأنّها تمثل لون الدم. الفن اليوم عبارة عن تجارة تقف خلفها عصابات مجرمة، فمثلاً الفنان فرانشيسكو غويا، عندما رسم فظائع الاحتلال الفرنسي، كان يوثق حالة، أخذ دورَ الكاميرا، وصور واقعاً لمسه وعاش فيه، وحتى ما قدمه للبيع من لوحاته، كان عبئاً ومسؤولية، وليس من أجل المنفعة المادية". ويتابع كردية: "إن المفارقة اليوم حين يجلس فنان الثورة في مرسمه في إحدى بلدان اللجوء الآمنة بهدوء وسكينة، وريشته تجسد مأساة مصطنعة شاهدها على الفضائيات، وآلاماً لم يشعر بها".

وعند سؤاله عن ما قدمته الثورة السورية له علّق: "الثورة أعطتني مزيداً من الإحساس بآلام الآخرين واحترام أكثر للروح البشرية". وأما النصوص التي يضيفها لتكمل لوحته رغم أنّها مكتوبة باللهجة المحكية، إلاّ أنّ ذلك لم يقف عائقاً أمام تداول لوحاته في عدد من البلدان، يقول "التفاصيل هي من تضع الحواجز، وليس اللغة".



المساهمون