متظاهرون يطالبون السبسي بسحب قانون المصالحة الاقتصادية

تونس
D8A6CEA0-1993-437F-8736-75AB58052F84
وليد التليلي
صحافي تونسي. مدير مكتب تونس لموقع وصحيفة "العربي الجديد".
تونس

إيمان بن حسين

avata
إيمان بن حسين
12 سبتمبر 2015
D68C3747-7E68-487B-AE7A-7A1974B31BD1
+ الخط -
شكّل شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة التونسية، ظهر اليوم السبت، مسرحاً لمسيرات عدة، على رأسها مسيرتان مهمتان ضد ‏‏مشروع قانون المصالحة الاقتصادية الذي اقترحته رئاسة الجمهورية التونسية على مجلس نواب الشعب. وعلى الرغم من عدم ‏‏حصولها على التراخيص القانونية للتظاهر من قبل وزارة الداخلية وعلى الرغم من حالة الطوارئ المعلن عنها منذ أشهر مرّت، ‏فإن ‏معارضي هذا القانون صمّموا على النزول إلى الشارع كحقّ من الحقوق المضمونة بالدستور‎.‎


وخلّف هذا المشروع موجة عارمة من الاحتجاجات ورفضاً كبيراً من قبل شريحة واسعة من أحزاب المعارضة إلى جانب ‏عدد ‏مهم من منظمات وجمعيات وطنية لاعتباره يتعارض مع مسار العدالة الانتقالية ودرباً من دورب تبييض الفساد، وبدا ‏هذا ‏الرفض قوياً من خلال الشعارات والتنديدات المرفوعة اليوم من قبل المتظاهرين‎.

ونزل إلى شارع الحبيب البورقيبة، رمز الثورة، العشرات من المتظاهرين من مختلف القوى السياسية المعارضة، و‏على ‏رأسها الجبهة الشعبية يتقدمهم الناطق الرسمي باسمها حمة الهمامي الذي أكد لـ"العربي الجديد" أنه "لا تراجع عن ‏المحاسبة، ولا ‏مصالحة قبل كشف الحقيقة ومعرفة الفاسدين ومحاسبتهم"، وأضاف "نحن مع حرية التعبير وعدم منحنا ‏رخصة للتظاهر هو ‏مخالف للدستور، لذلك التعلل بحالة الطوارئ لن يثنينا عن الاحتجاج والمطالبة بسحب مشروع القانون ‏من مجلس نواب الشعب و‏هو الهدف الرئيسي من هذه المسيرة". ‎

في السياق ذاته بيّن رئيس شبكة "دستورنا" جوهر بن مبارك لـ"العربي الجديد" أنه "سيقع اللجوء إلى مختلف الطرق ‏والأساليب ‏السلمية من أجل جبر هذه السلطة على سحب هذا القانون الذي سيضرّ بالمصلحة الوطنية وسيزيد الشعب ‏التونسي تفرقة"، مضيفاً ‏‏"من غير المعقول أنه من أجل بضعة عشرات من الفاسدين نتخاصم مع نصف الشعب".‎

ومن أهم هذه المسيرات مسيرتان؛ الأولى دعا لها ما سُمي باللقاء الوطني المتكون من أحزاب الجبهة الشعبية المعارضة و حزب ‏المسار والحزب الاشتراكي اليساري والاتحاد العام لطلبة تونس وعدد من منظمات المجتمع المدني تحت شعار "من أجل ‏سحب مشروع المصالحة الاقتصادية وتصحيح مسار العدالة الانتقالية‎". 

وتزامنت هاتان المسيرتان مع مسيرة حركة "مانيش مسامح"، وهي حركة شبابية مجتمعية مواطنية مستقلة عن كافة ‏المنظمات ‏والجمعيات والأحزاب وفقاً لما أوضحه الناشط الحقوقي المحامي شرف الدين القليل لـ"العربي الجديد" الذي أكّد أن ‏هذا "التحرك ‏يهدف إلى الضغط من أجل سحب مشروع القانون المصالحة الاقتصادية الذي يُعدّ مشروعاً لتبييض الفساد ‏والفاسدين وهو ضرب ‏لمسار العدالة الانتقالية وتنكر لدماء الشهداء‎"‎.

وعلى الرغم من أن كل جهة من المحتجين قد اختارت لها طريقاً وتوقيتاً مغايراً للتظاهر في شارع الحبيب البورقيبة، وعلى الرغم ‏من أنهم ‏لم يعبروا عن وحدة موقفهم حول مشروع القانون، فإنهم جميعاً حملوا الشعارات والتنديدات ذاتها، ‏والتقوا في نفس الموقف الرافض ‏لمصالحة الباجي قائد السبسي الذي نعته مناضلو الجبهة الشعبية بحامي الفاسدين‎.‎

وخلافاً لما تمّ الترويج له في الأيام القليلة الماضية حول إمكانية حدوث مواجهات بين رجال الأمن والمتظاهرين، فإن ‏مختلف ‏المسيرات جابت شارع الحبيب بورقيبة برمته من دون أن يحصل أي تصادم بين أي من الأطراف بما في ذلك الأمنية، ‏بل كانت ‏جميع الطرق الفرعية المؤدية إلى الشارع الرئيسي قد شهدت تعزيزات أمنية مكثفة من دون أن يكون هناك أي ‏مشادات أو أحداث ‏تذكر.‏‎

إلى ذلك قالت حركة النهضة التونسية في بيان لها اليوم إنها اختارت نهج التوافق السياسي سبيلاً لحل الأزمات والاستقطاب التي ‏تواجه تقدمنا في مسار الانتقال ‏الديمقراطي على كل الواجهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مجددة مساندتها لحكومة ‏الائتلاف "في إطار الحوار ‏والتناصح البنّاء والاستقرار".‏

ولفتت الى أن مشروع قانون المصالحة الاقتصادية كما يقدم نفسه وكما يجب أن يكون ليس قانوناً للعفو عن الذين نهبوا المال ‏‏العام بل يستهدف تسوية الملفات المالية وإسقاط المتابعة القضائية في مقابل إرجاع الأموال المستولى عليها، ‏وهو إجراء يجري العمل به في المنازعات المالية.‏

كذلك أضاف البيان: "حركة النهضة مع وقوفها المبدئي إلى جانب المصالحة في مختلف أبعادها، ‏كوّنت لجاناً قانونية لدراسة ‏المشروع واقتراح التعديلات الضرورية التي ستقدمها للمجلس حتى يزول أي تعارض بين مشروع ‏القانون وقانون العدالة ‏الانتقالية والدستور".‏

ودعت إلى مزيد من الحوار حول القانون، وإلى التريّث في عرضه حتى يحقق أوسع ما يمكن من التوافقات حوله، تناسقاً مع ما ‏‏سلكناه إلى حد الآن في معالجة خلافاتنا بمنهج التوافق وتقريب وجهات النظر بديلاً عن الحسم العددي بين أقلية وأغلبية.‏

في المقابل قالت النهضة إن القوانين في الديموقراطيات تناقش في البرلمان ويتم إسقاطها أو الموافقة عليها هناك، خاصة من قبل ‏‏الأحزاب الممثلة برلمانياً، وإن المبالغة في الالتجاء إلى العمل المباشر في التعامل مع كل المسائل السياسية والقانونية من شأنه أن ‏‏يفرغ ديموقراطيتنا الناشئة من معناها ويحولها إلى حالة من الفوضوية تغري من يسعى لإسقاطها.‏

كذلك اعتبرت في الوقت ذاته أن حرية التعبير والتظاهر والاحتجاج السلمي من أهم مكاسب ثورة الحرية والكرامة، ولا ينبغي المسّ ‏بها ‏تحت أي مبرر؛ والمستهدف بإجراءات الطوارئ التي أعلنها رئيس الدولة هو الخطر الإرهابي وليس التضييق على الحريات.‏‎ ‎


اقرأ أيضاً:‎ إغلاق شارع بورقيبة بتونس..إجراء أمني أم إسكات للرأي العام

ذات صلة

الصورة
حبهة الخلاص تحيي عيد الشهداء في تونس، 9 إبريل 2025 (فيسبوك/جبهة الخلاص)

سياسة

طالبت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس، اليوم الأربعاء، بمحاكمة "عادلة علنية وحضورية" للمعتقلين السياسيين، مجددة ضرورة إطلاق سراحهم.
الصورة
الخزري والمساكني من أبرز نجوم منتخب تونس في السنوات الماضية (العربي الجديد/Getty)

رياضة

تفاعل مدافع منتخب تونس، نادر الغندري (30 سنة)، مع مساعي الاتحاد المحلي لكرة القدم التي تهدف إلى إقناع النجم وهبي الخزري بالتراجع عن الاعتزال الدولي.

الصورة
وقفة احتجاجية أمام المحكمة تطالب بجلسة علنية، تونس 4 مارس 2025 (العربي الجديد)

سياسة

قررت الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، اليوم الثلاثاء، تأجيل قضية ما يعرف بـ"التآمر على أمن الدولة" إلى 11 إبريل المقبل
الصورة
تُوج ندم التايكواندو فراس القطوسي بجائزة أفضل رياضي تونسي لسنة 2024 (Getty)

رياضة

تُوّج نجم التايكواندو، فراس القطوسي (29 سنة)، بجائزة أفضل رياضي تونسي لسنة 2024، التي تحمل اسم "المشعل الأولمبي للامتياز الرياضي".

المساهمون