إغلاق شارع بورقيبة بتونس..إجراء أمني أم إسكات للرأي العام

إغلاق شارع بورقيبة بتونس..إجراء أمني أم إسكات للرأي العام

12 سبتمبر 2015
قانون المصالحة يُثير قلق المعارضة التونسية (getty)
+ الخط -
انقسم الرّأي العام في تونس، بين رافض ومؤيد لقرار الداخلية التونسية، القاضي إغلاق شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي، وسط العاصمة، مدّة ستة أيام (من 9 - 14 أيلول/سبتمبر الجاري) "لدواعٍ أمنية"، بعد إعلانها عن وجود "مخططات وتهديدات إرهابيّة" تستهدف عدداً من المقرات الحيوية والأمنية.

رافضو "الإجراء الأمني" اعتبروه "ذريعة لمنع كل أشكال الاحتجاج ولإسكات الرأي العام"، فيما ذهب الشق الآخر إلى "تأييده على اعتبار أن البلاد في حالة طوارئ، ويجب أخذ كل الاحتياطات".

والأربعاء الماضي، دعت التنسيقية المعارضة لقانون المصالحة الاقتصادية (تضم أحزاباً سياسية وشخصيات مستقلة)، إلى التظاهر، اليوم السبت، وحشد الشارع ضد "القانون الذي يهدف إلى المصالحة مع متهمين بالفساد، خلال حكم الرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي"، وفقاً للتنسيقية، إلا أن الدّاخلية التونسية لم تمنح تصريحاً لتنظيم المظاهرة.

اقرأ أيضاً: الحكومة التونسية ترفض الترخيص لتظاهرات مندّدة بقانون المصالحة

ويثير قانون المصالحة الاقتصادية المقترح من قبل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، جدلاً واسعاً في الأوساط التونسية، إذ يراه بعضهم "تبييضاً للفساد"، فيما يقول مسؤولون إن "القانون سينعش الاقتصاد المتدهور بضخ مليارات الدولارات لخزينة الدولة".

ويرى التونسي عبد الحميد عمار (60 سنة) أنّ "المسؤولين منفتحون على الدّيمقراطية والحرية، وبالتالي يجب عدم التشنج كثيراً، والتحمس جداً للمظاهرات، والتي ليست في وقتها، فالشارع كبير ويمر عبره يومياً المئات، وسيكون من الخطير تنظيم مظاهرة هناك، خاصة بوجود مخاوف من محاولة تسلل إرهابيين، ما قد يؤدّي إلى حدوث كارثة بحجم كبير من الأضرار".

من جانبه قال أحمد الغزواني (56 سنة) إن "قانون المصالحة قانون استبدادي جاء لتلميع صورة من سرقوا البلاد ونهبوها، وقد أعلن النظام منذ أشهر حالة الطوارئ، ليتمكن من تمرير قانون المصالحة الاقتصاديّة".

وتابع " لا بد من الاحتجاج والخروج إلى الشارع، ولن نسكت من أجل حقّنا".

من جهتها توافق رشيدة (58 سنة) على قرار إغلاق الشارع أمام مختلف وسائل النقل إذا ما كان ذلك فعلاً لأسباب أمنية، فهي "مع أخذ كل الاحتياطات اللازمة لتفويت الفرصة على الإرهابيين، ومنعهم من التسلل بين المتظاهرين والاعتداء على البلاد".

عادل بن يغلان ( 40 سنة) مواطن آخر يقول "أنا مع المحاسبة، وليس المصالحة، حتى يكون كل من أخطأ في حق الوطن عبرة لغيره"، مشدداً على ضرورة "ألا تصادر حرية التظاهر".

وقال النّاشط السياسي، العياشي الهمامي، "أنا لست ضد إغلاق الشارع في حد ذاته، ومنع جولان (حركة السير) السيارات، وأحترم ذلك كإجراء أمني، المهم ألا تقمع مسيرة اليوم".

وتابع أنّ "إعلان حالة الطوارئ قبل فترة (عقب هجوم سوسة)، من قبل رئيس الجمهورية السبسي، جاء كخطوة تحضيرية، ليتم في ما بعد اقتراح مشروع قانون المصالحة الاقتصاديّة، ومحاولة تمريره، وقد كان يعرف جيّداً أنه سيكون هناك رفض شعبي له، وأنه ستخرج مظاهرات واحتجاجات".

وأردف قائلاً "هذه سياسة تنتهجها الحكومة لمواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصاديّة للمواطن، لأنها لا تملك حلولاً عملية لها".

وأضاف الهمامي "منذ انتخاب السبسي رئيساً، كنّا نتوقع عودة نظام بن علي من جديد، وهو ما يحدث اليوم، فقد عاد كل المسؤولين القدامى ورجال الأعمال ممن ساهموا في تمويل حملته الانتخابية".

وعن مَوضوع تشكيل البرلمان التونسي لجنة تحقيق بشأن هيئة "الحقيقة والكرامة" (حكومية، أسسها المجلس الوطني التأسيسي التونسي للنظر في تجاوزات الأنظمة السابقة)، ووجود شبهات وفساد مالي بحق رئيستها، سهام بن سدرين، لفت الناشط السّياسي إلى أنها "مسرحية سيئة الإخراج لنواب نداء تونس (الحزب الحاكم) للتغطية على قانون المصالحة الاقتصادية"، والذي اعتبره "قانوناً للفساد".

وأشار إلى وجود "إرادة لتعطيل الهَيئة، والتّي بدأت عملها منذ تسعة أشهر، وهم اليوم يريدون محاسبتها.. لا مانع لدي، شريطة أن يحاسب المتورطون في الفساد المالي طيلة أكثر من 20 سنة".

اقرأ أيضاً: تونسيون يقودون حملة "مانيش مسامح" للإطاحة بقانون المصالحة

ويقرّ قانون المصالحة الاقتصادية "العفو لفائدة الموظفين العموميين، وأشباههم، بخصوص الأفعال المتعلقة بالفساد المالي، والاعتداء على المال العام، ما لم تكن تهدف إلى تحقيق منفعة شخصية، مع استثناء الرشوة والاستيلاء على الأموال العامة، من الانتفاع بهذه الأحكام".

كذلك يتضمن "إمكانية إبرام الصلح بالنسبة للمستفيدين، من أفعال تتعلق بالفساد المالي، والاعتداء على المال العام، ويشمل الصلح، الأموال والممتلكات، والتي ما زالت على ذمة المعني بالأمر، ولا تدخل الممتلكات التي تمت مصادرتها لفائدة الدولة".

وبعد هجوم مدينة سوسة، شرق البلاد، أواخر حزيران/ يونيو الماضي، والذي راح ضحيته 38 سائحاً، أعادت السلطات فرض حالة الطوارئ التي رُفعت في 2014، فيما صادق البرلمان على قانون لمكافحة "الإرهاب"، انتقدته بشدة منظمات حقوقية، رأت أنه يهدد الحريات الوليدة في البلاد.

دلالات

المساهمون