ليبيا: بحث سيناريوهات بعد معيتيق ومجلس الأمن يناقش الأزمة

ليبيا: بحث سيناريوهات بعد معيتيق ومجلس الأمن يناقش الأزمة

09 يونيو 2014
معيتيق يمتثل لحكم الدائرة الدستورية (محمود تركية/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

جاء حكم الدائرة الدستورية في المحكمة الليبية العليا، الذي قضى بعدم دستورية تنصيب أحمد معيتيق رئيساً للوزراء، ليضفي نوعاً من التوافق الحذر بين أطياف القوى الليبية، إذ لم يسجل تباين كبير بين تلك القوى في ردود الفعل على الحكم.

وتزامن ذلك مع جلسة خاصة عقدها مجلس الأمن، خصصت لمناقشة الوضع في ليبيا، إذ أعرب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، طارق متري، عن قلقه الشديد من الوضع الأمني السائد في البلاد.

وفي أول رد فعل من المؤسسة التشريعية على قرار الدائرة الدستورية في المحكمة الليبية العليا، أعلن المؤتمر الوطني العام امتثاله للحكم، متوافقاً مع إعلان معيتيق رضاه عن الحكم القضائي.

وعقدت بعض كتل المؤتمر اجتماعات اليوم الإثنين، للتشاور حول السيناريوهات المطروحة بعد الحكم بعدم شرعية حكومة معيتيق.
 وتنحصر الخيارات في الاستمرار بتكليف حكومة عبد الله الثني مع إجراء تعديلات وزارية على حكومته، أو تكليف حكومة توافق وطني جديدة.

وفي السياق، قال عضو مستقل في المؤتمر الوطني، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" إن المؤتمر الوطني العام سيجتمع غداً الثلاثاء لمناقشة البدائل المطروحة سياسياً.

وحصر الخيارات إما في استمرار تكليف الثني وقبوله بهذا التكليف، مع تقديمه حكومة جديدة تخلو من وزير الثقافة والمجتمع المدني الحبيب الأمين، ووزير العدل صلاح المرغني، ووزير الصحة نور الدين دغمان، الذين يعتبرهم المؤتمر الوطني امتداداً لحكومة رئيس الوزراء السابق الهارب إلى ألمانيا، علي زيدان.

وأضاف عضو المؤتمر أن الخيار الآخر يقوم على رفض الثني الاستمرار في مهمة تسيير حكومة الأعمال، وبالتالي تكليف رئيس وزراء آخر، ترددت أنباء عن احتمال أن يكون إما عمر الحاسي المرشح السابق لرئاسة الوزراء، أو محمد الفيتوري سوالم وزير العمل في حكومة علي زيدان.
وأوضح عضو المؤتمر أنه يجب أن يضغط المؤتمر الوطني باتجاه "حكومة كاملة الصلاحيات لعدم احتمال الوضع السياسي والأمني حكومة تسيير أعمال مكبلة".

من جهته، قال المحامي، صلاح طاباق، لـ"العربي الجديد" إن "المحكمة العليا سارت في اتجاه مراقبة ملائمة الأعمال السيادية، كتكليف حكومة معيتيق وكذلك الطعن في دستورية القوانين".

واعتبر طاباق أن "جميع المتابعين للشأن الليبي ذهبوا في اتجاه التحليل السياسي لمسألة قانونية فنية بحتة، تتعلق بصلاحية امتداد ولاية الدائرة الدستورية إلى الإجراءات التي أدت لانتخاب معيتيق".

بدورها، قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية في حكومة معيتيق، انتصار العقيلي، إن "حكم المحكمة العليا وضع اللبنة الأولى في اتجاه دعم دولة المؤسسات والقانون، وهو هدف سامٍ من أهداف ثورة فبراير".

وأوضحت أنه "على المستفيد من حكم الدائرة الدستورية في المحكمة العليا اليوم أن يرضخ كما رضخنا في المستقبل لأحكام القضاء الليبي، وأن يدعم الانتخابات البرلمانية القادمة وهيئة الستين لكتابة الدستور".

وأشارت العقيلي إلى أن "أعضاء المؤتمر الذين طعنوا باسم المؤتمر الوطني في حكومة معيتيق كانوا هم من يروجون لفكرة انتهاء شرعية المؤتمر". واعتبرت أن "قبول الدعوى أمام المحكمة العليا باعتبار المؤتمر طرفاً فيها، يُعد اعترافاً بشرعية المؤتمر الوطني العام من القضاء الليبي".

من جهته، دعا المسؤول العام لجماعة الإخوان المسلمين الليبية، بشير الكبتي، الجميع إلى "الالتزام بحكم الدائرة الدستورية"، مؤكداً "ضرورة أن يقوم المؤتمر الوطني العام بانتخاب حكومة جديدة ومنحها الميزانية المطلوبة لحل الاختناقات الأمنية والسياسية".

وأوضح أن "الفترة الزمنية المتوقعة لتكليف حكومة جديدة بعد انتخاب مجلس النواب قد تمتد إلى ثلاثة أشهر"، مشيراً إلى "ضرورة أن يتحلى المؤتمر الوطني بالمسؤولية في هذه الفترة الحساسة والابتعاد عن المماحكات السياسية".

من جهته، قال المحلل السياسي، وليد ارتيمه، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "خروج معيتيق لاقى ارتياحاً في الشارع الليبي، وهذا في حد ذاته سيكون مخففاً لحالة الاحتقان الداخلية".

وأكد ارتيمه أن "النخب السياسية في ليبيا أمامها اختبار حقيقي لتبين موقفها من إرهاب العسكر في بنغازي ومن المسار الديمقراطي برمته، وهي التي أيدت فكرة الانقلاب العسكري في الشرق الليبي"، مشيراً إلى "إمكان حلّ جميع الخلافات بالرجوع إلى مؤسسات الدولة".

جلسة مجلس الأمن

في هذه الأثناء، أعرب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، طارق متري، خلال جلسة لمجلس الأمن خصصت لمناقشة الوضع في ليبيا، عن قلقه الشديد من الوضع الأمني السائد في البلاد.

وطالب متري في تقرير قدمه لأعضاء مجلس الأمن حول آخر المستجدات في ليبيا، بـ"تجميد عمل جزء من موظفي بعثات الأمم المتحدة بسبب تكرار الخروقات وإعاقة عملهم في مناطق عدة". واستعرض بعض الحوادث عن "تعرض عدد من موظفي الأمم المتحدة للتفتيش والترهيب أثناء أدائهم مهامهم في أكثر من مناسبة".

وأعرب متري عن نية الأمم المتحدة "تنظيم مؤتمر يضم جهات المختلفة، منها ممثلون عن الحكومة الليبية وقادة الميلشيات المسلحة وقادة القبائل وممثلو منظمات غير حكومية، في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة".

وقال "إن محاكمة سيف الإسلام تعتبر اختباراً حاسماً لقدرة ليبيا على عقد محاكمات عادلة"، مؤكداً أن "الحل في ليبيا لن يكون إلا بنهاية العنف".

من جهته، أعرب رئيس لجنة العقوبات الخاصة بحظر الأسلحة في ليبيا، وسفير غانا في الأمم المتحدة، إيجان غازانا، أمام مجلس الأمن عن قلقه البالغ إزاء أعمال العنف.

وذكر في تقرير له، المصاعب التي تواجه اللجنة من "أجل تطبيق قرار حظر الأسلحة"، وطالب بوضع "آلية واحدة في ليبيا تقوم على تنفيذ قرار حظر الأسلحة والسيطرة على نقلها".

أما ممثل ليبيا في الأمم المتحدة، ابراهيم الدباشي، فقد أشاد بعمل بعثة الأمم المتحدة، لكنه تحدث عن "فشل البعثة في تحقيق أهدافها بسبب تخاذل جهات سياسية في ليبيا ووقوفها أمام تمكين البعثة من أداء مهامها".

وقال إن "الشعب الليبي مغيب وغائب عن العمل السياسي في بلاده، بسبب الدكتاتورية التي عاش تحتها لأكثر من أربعة عقود، ما أدى إلى استغلال بعض الجهات السياسية للوضع وتعيين المقربين منها".

وأشار أن السنوات الثلاث السابقة بعد سقوط الدكتاتورية "لم تحقق طموحات الشعب الليبي"، وأكد أن "الصحافيين وناشطي منظمات حقوق الإنسان يتعرضون للتهديد والاختطاف وحتى القتل".

وتحدث الدباشي عن وجود قيادات سياسية تهدر أموال الدولة وتقوم بصرف مبالغ طائلة "في صورة مكافآت تفوق قيمتها ما يصرف على الجيش الليبي".

وقال إن "الجيش الليبي الذي يصل تعداده إلى ما يقارب 50 ألف جندي، يتقاضى أغلبه رواتبه وهو جالس في البيت، ويجب إعادة تمكينه من السيطرة على البلاد وتنظيف صفوفه".

وطالب الدباشي "بجمع الأسلحة من أيدي الميليشيات وانخراط أعضائها العاطلين من العمل في مؤسسات الدولة، وتجريم حمل السلاح".

ومن القرر عقد انتخابات برلمانية في ليبيا في الخامس والعشرين من الشهر الحالي. وفي السياق، طالب الدباشي "الأمم المتحدة بتدريب الكوادر والبرلمان الجديد على ممارسة مهامه بطرق صحيحة، والعمل على فصل السلطات التشريعية والتنفيذية".

وتستمر خلال اليوم المداولات في مجلس الأمن ضمن جلسات مغلقة حول الشأن الليبي، والخطوات التي يجب اتخاذها من أجل تحقيق أهداف بعثة الأمم المتحدة الخاصة.