لا تأسفي يا أمل علم الدين

لا تأسفي يا أمل علم الدين

06 مايو 2014
أمل علم الدين في نيويورك/Raymond Hall/GC Images
+ الخط -
"آسفة يا بنات لتحطيم قلوبكن". هذه ترجمة لتغريدة أمل علم الدين الأخيرة على تويتر، اعتذرت فيها بالإنجليزية - إحدى ثلاث لغات تتقنها- للمعجبات بالممثل الأميركي جورج كلوني، الملقّب بأحد أوسم الرجال العازبين في العالم، وفق استطلاعات رأي تجريها مطبوعات غربية على ذمّتها.  
وقد لمع اسمُ هذه الشابة اللبنانية مؤخراً إثر ارتباطها بكلوني، علماً بأنّ لها سيرة ذاتية حافلة بالإنجازات المهنية في المحاماة والقانون الدولي، هي الملقّبة بالمحامية والناشطة والكاتبة. ألقاب نادراً ما تجتمع في امرأة عربية، واذا اجتمعت لا تجذب أسماع الإعلام العربي ولا تغري منابره.

لا يجوز وصف علم الدين بالمستجدّة على الساحة الاجتماعية الدولية، الصحيح أنّ الاعلام تأخّر في التعرف عليها، تحديداً الاعلام العربي، كونها عربية أباً عن جد، وإن نالت الجنسية الإنكليزية إثر هجرة والديها من بيروت إلى لندن منذ قرابة 3 عقود، إلا أنّ قلائل من عرفوا بها في مضمارها المهني.

أما الاعلام العالمي، الذي يسارع في كلّ مرّة تظهر فيها صديقة لكلوني إلى البحث في سجلّها وسيرتها الذاتية، فقد اعترف أنّ كلوني أجاد الاختيار هذه المرة، وأشاد بالمحامية اللبنانية التي نجحت في جرّه إلى القفص الذهبي، حين فشلت عارضات الأزياء والجميلات الغربيات، اللواتي رافقهن خلال السنوات الماضية، وكن يكتفين بتوزيع الابتسامات وهن يتأبّطن ذراعه بإحكام.

هكذا قُدّمت أمل على أنها إضافة إلى سجلّ جورج، وإثراء لرصيده، من دون أن يضيف هو، رغم بعض أنشطته الإنسانية والمدنية، أيّ رصيد لها، سوى ذاك الضجيج الإعلامي.

ذلك أنّ السيرة المهنية لأمل أظهرت إنجازات ملفتة نسبة إلى عمرها، وبينما كان كلوني يتسكّع مع الحسناوات كانت هي تخوض امتحانات في جامعة أوكسفورد، وتنال الماستر من مدرسة الحقوق في جامعة نيويورك، وبينما كان يمضي للمعجبات والمعجبين كانت هي تؤلف الكتب في القانون الدولي، وإذ تصدّر قائمة أكثر الرجال العازبين وسامة كانت هي، بشعر بسيط ومن دون تبرّج، تدافع عن أسانج في قضية ويكيليكس الشهيرة، وعن رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة، تيميشينكو، إضافة الى مشاركاتها القانونية في محكمة لبنان الدولية، وفي تقرير دولي عن القضاء المصري في الفترة الأخيرة وغيرها...

ندين لأمل باعتذار لأننا كنا نجهلها، ولكلوني بشكر لأنه باختيار أمل صديقة وحبيبة وجّه لكمة لآلة تصنيع نساء عربيات من شمع وبورسلين، تلمع أسنانهن في الظلام وتبقى أدمغتهن بلا طاقة أو شاحن، علّ هذا الحدث الشخصي يتحوّل نموذجاً مضاداً لتسويق أجيال من نساء مقولبات منحوتات بمباضع جرّاحي التجميل، ودمى ترهّلت خيوطها من شدّة الاستهلاك والاتجار.

نخشى أن يستمرّ الاعلام في التعاطي مع أمل كشريكة كلوني، وليس كامرأة لبنانية وعربية لامعة وناجحة ومتفوقة.

لا يظهر أنّ أمل، التي حتى سنّ الـ 35 عاماً، لم تسمح لجراح أو أخصائي تجميل بحشو وجهها بالسيليكون أو تعديل أنفها، قد تسمح لأحد آخر بتعديل مسار تفكيرها وخطتها لمستقبلها ونظرتها إلى كيانها، بل يعوّل أن تكون نموذجاً لفتيات عربيات كثيرات يطمحن إلى خوض مجال الحقوق والقانون الدولي، أو غيره من المجالات صعبة التحديات، بشرط الايمان بقدراتهن على النجاح وتحقيق أنفسهن، الطريق الى الذات يبدأ من الذات، من المرآة التي بين الجفون المطبقة والدماغ، لا تلك المعلّقة في غرفة تبديل الملابس.

خلال مؤتمر صحافي في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 في لندن لعرض قضية تيميشينكو السجينة في حضور ابنتها



المساهمون