لأنهُ الأبد

لأنهُ الأبد

13 ديسمبر 2015
لوحة لـ "مامي جيبس" (Getty)
+ الخط -
(1)
سَليلُ الضوءِ،
مَحشوٌ وجههُ بالوردِ والعطرْ
تُعششُ الفراشاتُ والنُجومُ في عينيهِ
ومنْ شَفتيهِ يتسربُ الصبحُ والأغنياتْ
نبضهُ .. تراتيلٌ ملائكية،
ها هُو ذا يكشطُ عن جلدهِ السماءْ
فأتساقطُ ، فُتاتَ شَفقْ!


(2)
ولزنبقةٍ تتشربُ وجههِ، أهمسْ ..
تَمرّغيْ في حواسيْ الألفْ
حَتى تَتلفَ أعصابُ اليقظةِ
ويَتدثر طَيفيْ بالغسقَ!
لجناحٍ يفتتحُ أفقَ عَينيهِ،
أرتحلْ فيْ أريافِ النشوةِ
حيثُ تلتقيْ السحابةُ بالتَعبْ
لطفولةٍ/ لنجمةٍ/ لصاعقةٍ
تصبُ في ملامحهِ الحُلمْ،
انتهكيْ هَذا الوميضَ المُتناميْ
فيْ غاباتِ الحنينْ ..
فيِ هجرةِ فصولِ البراءةِ
لأسَتلني منْ التماعاتِ نبضهِ
فَراشةً تتحولُ إلى أثيرِ الدهشةِ!

(3)
قَابلٌ هُو للتمدُدِ في دَميْ،
كأغنيةٍ صاخبة النقاءْ
تَيارها مُحتقنٌ بَالشموسِ.
طابعهُ السُمو،
حافلٌ بالطفولةِ والبياضْ
في الامتزاجِ العميقْ ..
نطفو مُبلورينْ بالتوهجِ
ونتأهبُ ، لترومنا الأساطيرَ.

(4)
طِفلٌ منَ السُكرِ والتعبْ ..
أتنهدهُ ملءَ التَيمِ،
في عِظاميِ يتدفقُ نسغاً مُضيئاً
فَتقنيْ في أوجِ إشراقهِ،
فتَشققتْ مداراتُ الروحْ.
عَلمنيْ مُطالعةَ الوجودْ/ مُطالعتي،
أصابِعهُ مقرورةٌ في حسِ الماءْ
وأنا في عينيهِ قد أَبحتُ احتراقيْ.

(5)
مَن ينعى مُهجتينْ ..
قد انبثقَ من التقائهما كونٌ؟
تَضافرنا على تجاوزِ الوقتِ
وفضاء المصادفاتِ البعيدْ
يَكتُبني الآنَ رمزَاً للتكوينِ،
واكتبهُ بنفسجةً في السديمْ
صوتهُ المُخمليُ أتوسدهُ حُلماً
ارتشفُ قهوةَ عينيهِ الدافئتين.
كفاكهةٍ مقدسةٍ الضوءُ فيها ناضجٌ
يُطوقنيْ بالبرقِ، يُهدهدُني ..
ليكُن بيني وبينَ التكسُرِ في مَصابيحهِ
حديقةَ الجسدِ، نبعَ اللهبِ الأولِ
حيث أسَتقيْ معينَ الحزنِ واللهفةِ
عالقانَ نحنُ ..
قُبلةً على مَرايا القمرْ!

(6)
فَسيحُ الصُبحِ،
خَليفةَ الضوءِ على الأرضِ ..
اعتَقني منْ جدبِ الوجودِ،
يُخمرُ روحيْ حُلماً في جسدهِ
يَطحنُني برحى الأفقِ، قصيدةً
يُطعمها لغيمةٍ غافلةٍ في بياضِ،
بجعتينْ مُحترقتينْ في العناقْ!

(7)
عَنْ شَيخوخةِ الماءِ حَدثنيْ ..
عنْ ولادةِ قمرِ نيسانْ في ليلكةِ الغسقْ
بذورُ التنينْ المبعثرةِ فيْ الريحِ
تبعثُ أولَ تباشيرِ الفجرْ،
يأتينيْ بينَ المطرِ وبينَ المطرِ
اتركُ وجههُ الموسيقيْ على صدري
واحملُ عينيهِ بينَ أصابعيْ،
قناديلاً وصلواتْ!

(8)
لأنهُ الأبد،
جذوريْ ضاربةً في نَسيجهِ
ارمِمُني بوردِ وجههِ،
أتَجرعهُ مهرجاناً للضوءِ
أخذَ بعضيْ وتراكمَ في البقيةِ عِطراً
أُلغيْ أشباهَ الفراشاتِ ..
وأرتقُ السماءَ بأجزائهِ المنتشرةِ فيَّ
لأنهُ يَكونني وأكونهُ أبداً
أمضي بهِ إلى ما وراءِ الكونِ ..
إلى ما وراءِ كُل الأشياء،
كُلِ ... الأشياء!

(سورية)

دلالات

المساهمون