كوكتيل فساد

كوكتيل فساد

03 مارس 2016
+ الخط -
امتلأ رأسي بخليط من وقائع الفساد التى نعيشها. حاولت الربط بينهما، لكي أصل إلى مسمى لهذه الفوضى المحيطة بنا، جراء هذا الفساد الذي تغلل واستوطن فينا، ولا نستطيع الإفلات منه. وكلما تحركنا واتجهنا إلى زاويةٍ، نجد حجم الفساد أكبر من التي تركناها. ولا أظن أن هناك من يخالفني الرأي في هذه المسألة.
اغتيال الأسير الفلسطيني، عمر نايف، أحد أعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بعد عقدين هارباً في بلغاريا، ومحتمياً بسفارة فلسطين هناك، هارباً من مطالبة الصهاينة لسلطات العدل البلغارية بتسليمه إياه، وعلى الرغم من ذلك، دخل الصهاينة السفارة لتيسير مهمة الموساد في اغتياله... هو فساد.
لجوء محمد دحلان وأبو مازن إلى الدول العربية لتصفية الخلافات الحادة بينهما على كرسي السلطة والحكم، هو فساد، وشحن قيادات الدول العربية ضد بعضهما، وضد المقاومة الفلسطينية وشيطنتها للحصول على تأييد هذه الدول، ودعمها لضمان استمرارهما على الساحة، هو فساد.
تخلي الفصائل الفلسطينية عن قضية الأسير محمد القيق ورفقائه، والتراخي والاعتماد على السلطة الفلسطينية هو مضاعفة للفساد.
مشاهدة الشهداء من الأطفال تتساقط يومياً على يد الاحتلال في القدس والضفة دفاعاً عن فلسطين، وجلوس السلطة والفصائل والقوى المدنية متفرجة تمصمص الشفاه، وتزرف الدموع،... هو فساد.
السكوت عن فساد السلطة الفلسطينية واستيلائها على منظمة التحرير الفلسطينية وتفتيتها هو فساد. السكوت على تدهور وفساد أكبر فصيل فلسطيني (حركة فتح)، والسماح بتسلل اليأس والإحباط بين شبابه بسبب تسلط الجيلين، الأول والثاني، على السلطة، هو قمة الفساد.
الوساطة، والمحسوبية، والرشوة، والعمالة، والتنسيق الأمني، وحماية أمن الكيان، والتضحية بأبنائنا، وتشريد الأسر التي يهدم الاحتلال بيوتهم، هو فساد.
غلق المعبر والتضييق على أهالي قطاع غزة، ووضع اللاجئين الفلسطينيين المتردّي في الدول العربية الشقيقة، وانضمام ملايين المواطنين من الشعوب العربية إلى مخيمات اللاجئين وإلى الهجرة غير الشرعية و الموت غرقاً، هو فساد.
وجود القيادات العربية في السلطة حالياً، والحروب العربية، والتدخل في اختيارات الشعوب لمستقبلها، والدماء العربية التي تسيل يوميا، والسماح للصهاينة بتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على ما تبقى من أرض فلسطين والمقدسات الدينية، والوقوف مكتوفي الأيدي وانتظار الأمم المتحدة ومجلس الأمن لجلب حقوقنا، هو فساد.
الكل يعلم أنه يتم التلاعب بنا مثل كرة بين أقدام الدول الكبرى، بمستويات مختلفة، والكل يعلم ما أقوله عن الفساد وأكثر بكثير. فالمجال لا يتسع لسرد التفاصيل. ومن في سدة الحكم يطالبوننا بالانقلاب على هذا الفساد، ويستنهضون الشعوب للمطالبة بالقضاء على هذا الفساد، متناسين أنهم جزء من هذا الفساد، وأنهم داخل هذه المؤسسات الفاسدة ويخشون الحديث عن هذا الفساد علناً، لأنهم ببساطة يخافون من فقدان هذا المنصب.
من يتجرأ على الكلام أو نقد الفساد داخل أي مؤسسة أو سلطة سوف يتعرض للعقاب فوراً، وأقل درجات العقاب هي فقد وظيفته وأعلاها فقد حياته. لذلك، لا نجد قوة حقيقية تطالب بالقضاء على الفساد، فالكل يشارك في هذا الفساد.
وهل هناك أكثر وأكبر من التضحية بحياة الإنسان للقضاء على هذا الفساد؟ أعتقد أنها أعلى درجات التضحية، وهذا ما لمسناه من الحراك الشعبي العربي الذي أُطلقت عليه مصطلحات عديدة، وهو في مجملة رفض لهذا الفساد، وهؤلاء الشباب الذين ضحوا بحياتهم، لكي ينتفض أصحاب السلطان الناقمين على الفساد، ليس لأنه يضر بالآخرين فحسب. ولكن، لأنه لم يقدم لهم ما كانوا يتطلعون إليه من سلطة ومال ونصيب أكبر من أموال الشعب.
1026368B-01A9-4DFE-AB0E-0F71353B3071
1026368B-01A9-4DFE-AB0E-0F71353B3071
نعيمة أبو مصطفى (فلسطين)
نعيمة أبو مصطفى (فلسطين)