كل شيء لإغراء يهود فرنسا بالهجرة إلى فلسطين المحتلة

كل شيء لإغراء يهود فرنسا بالهجرة إلى فلسطين المحتلة

18 مايو 2014
وزيرة استيعاب المهاجرين الإسرائيلية صوفا لاندفر (غالي تيبون/فرانس برس/getty)
+ الخط -

يُواصل الصهاينة، دونما كلل، مخططهم الرامي إلى تهجير يهود جدد إلى فلسطين، في الوقت الذي يعيش فيه الفلسطينيون بحزن وصبر الذكرى السادسة والستين للنكبة التي حرمتهم بلدَهُم وشرّدتهم وجلبت غرباءَ استوطنوها. ولا يتوقف تصميم الساسة الصهاينة على جلب اليهود الفرنسيين، بشكل خاصّ. ولا يُخفي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمله في إحداث اختراق كبير من هذه اللحظة إلى حدود سنة 2017. بل ،وإقناع أقصى ما يمكن من يهود فرنسا للمجيء إلى فلسطين المحتلة. وهو ما يجعل البعض يتخوف، فعلاً، من استنزاف كبير يطال الجالية اليهودية في فرنسا، والتي يبلغ عددها 550 ألف شخص. 

يحلم نتنياهو برؤية 42 ألف يهودي فرنسي يحطون رحالهم في فلسطين المحتلة، وهو ما يعادل 8 في المئة من يهود فرنسا. وقد أعدّ لهم جميع الوسائل لإغرائهم بالهجرة. ومن أهم هذه الإجراءات التي تُنفَّذُ لأول مرة "الاعتراف بالشواهد الجامعية الفرنسية المتعلقة بالطبّي وشبه الطبيّ والقطاع الضريبي، أيضاً". كما أنّ دولة الاحتلال عبرت عن استعدادها لتقديم المزيد من المساعدات المالية من أجل استقرار الوافدين الجدد واندماجهم، وفق ثلاثة مَحاور مفضلة: البحث عن العمل والسّكن والتعليم لأبنائهم. 

لماذا التركيز على اليهود الفرنسيين؟ يعترف العاملون في الوكالة اليهودية في فرنسا أنّ عدد اليهود الذين قرّروا الاستقرار في فلسطين المحتلة ازداد في عام 2013 مقارنة مع عام 2012 بنسبة 63 في المئة. ويبقى أنّ كل الوسائل صالحة لتحفيز اليهود على مُغادرة فرنسا، إذ، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي تعرفها فرنسا، يتمّ التأكيد على تزايد الأعمال العدائية ضدّ اليهود، وهو تهويلٌ ليس بالأمر الصحيح، ويُكرّره المختصون والساسة الفرنسيون أنفسهم. ولكن وسائل الإعلام الإسرائيلية لها رأي آخر. إذ لا تفتأ هذه الأخيرة تذكر قُرّاءَها بازدياد الأعمال العدائية التي تستهدف اليهود الفرنسيين وتستشهد بـ"الخطابات الأخيرة الحاقدة والعنصرية من قبيل: "أيها اليهودي، فرنسا ليست بلدك!" أو "اليهود، خارج فرنسا" التي "يُقال" إنها شعارات سُمِعت في تظاهرة اليمين المتطرف في 26 يناير/كانون الثاني 2014، والتي "عزّزت من شعور الخوف ومن تفكك العلاقة بين اليهود وفرنسا". 

ولكن هذه التبريرات المرتبطة بالعنصرية و"معاداة السامية" في فرنسا فيها مُبالغةٌ كبيرة، ولا تُفسّر كل الأمر، إذ أنّ الوزارات الإسرائيلية المكلفة بالهجرة والإندماج ضاعفت، منذ سنوات، من الأنشطة المشجّعة على تهجير اليهود، خصوصاً الشباب منهم، وذلك من خلال برنامجيْ "تاغليت" و"ماسا"، اللذين يستهدفان "تقريب الجيل الشاب من الشتات اليهودي من حياة اليهود اليومية في فلسطين المحتلة وتعزيز الهوية اليهودية، بفضل دعوات سفر مجانية". وتكون النتيجة، كما يعترف أحد موظفي الوكالة اليهودية على الشكل التالي: "بما أنّ النظام الجامعي الإسرائيلي يُعتَبَرُ واحداً من أفضل أنظمة التعليم الجامعي في العالم. وبما أن إطار العيش في إسرائيل يحظى بسمعة ممتازة، فإنّ الآباء لا يترددون في السماح لأبنائهم بالسفر حتى إذا أدى بهم الأمر إلى اللحاق بهم بعد سنوات".

كل شيء من أجل تشجيع الهجرة إلى فلسطين المحتلة من فرنسا، خصوصاً إذا عرفنا أنّ باقي الهجرات من بلدان العالم عرفت انخفاضاً كبيراً في السنوات الأخيرة. ولا تخفي الوكالة اليهودية في فرنسا هذه الحقيقة حين تقول في إحدى تقاريرها (فبراير/ شباط 2014): "إنّ عصر الهجرات الكثيفة والجماهيرية إلى إسرائيل يوجد خلفَ ظُهورنا ". وهو ما يعني تغيير استراتيجية عمل الوكالة من خلال "التركيز على تطوير الانتماء إلى الهوية الثقافية اليهودية، بدل تشجيع الهجرة إلى إسرائيل". وتتأسف الوكالة اليهودية لأنّ مغادرة اليهود الفرنسيين لفرنسا لا تمنح لإسرائيل سوى 1 في المئة منهم، في حين يفضل الآخرون الاستقرار في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأستراليا وهونغ كونغ. ولا يتردد آخرون في التوجه إلى تايلاند والبرازيل وساحل العاج والغابون والسنغال. 

وبالطبع تستنجد الوكالة اليهودية بأسماء يهودية لامعة من أجل الترويج لهذا المشروع. ومن بينهم المغني اليهودي الصهيوني من أصول جزائرية إنريكو ماسياس، الذي تجرأ على الاعتراف: " سأهاجرُ، يوماً، إلى إسرائيل"، مضيفاً "قراري بالإقامة في إسرائيل اتخذ منذ زمن طويل. أريد أن أمنح لأبنائي وأحفادي المثال الجيد من خلال القدوم إلى إسرائيل، قريباً. لن آتي إليها سائحاً. أنا أعيش مع إسرائيل وحين أنام في الليل، قلبي يخفق من أجل إسرائيل، وحين أستيقظ يخفق من أجلها أيضاً".  

كل هذه الجهود لجلب يهود العالم إلى فلسطين المحتلة تترافق مع محاولات إسرائيلية وأميركية حثيثة لإقناع القيادة الفلسطينية ومُفاوضيها للاعتراف بإسرائيل: "دولة يهودية". من قال إنّ المشروع الصهيوني لإلغاء الآخَر العربي سيتوقف، يوماً؟!  

المساهمون