فرقة "أدونيس" اللبنانية: نحمل معنا رسالة شعب ينتفض

فرقة "أدونيس" اللبنانية: نحمل معنا رسالة شعب ينتفض

26 أكتوبر 2019
ستقدّم الفرقة عرضاً في مدينة لندن (العربي الجديد)
+ الخط -
ابتعدت فرقة "أدونيس" عن الأغاني والموسيقى الكلاسيكية التي عهدناها في عالمنا العربي، من دون أن تتحوّل إلى حالة تتمرّد على تقاليد مجتمعاتنا. بل اعتمدت الفرقة أسلوباً فنيّاً مُبسّطاً، واتّخذت مساراً خاصّاً بها. أغانيها لمست حياة المواطن العادي اليومية، وتناولت قضاياه العاطفية والاجتماعية والسياسية ببساطة الكلمات، فوصل صوتها إلى جميع طبقات المجتمع، دون تكلف أو ادعاءات نخبويّة أو تصنُّع. ربّما خطّت الفرقة طريقها ببطء، لكن بثبات ونجاح، وانطلقت من لبنان إلى دول العالم العربي، مثل الأردن ومصر وبعض دول الخليج العربي. وها هي اليوم تقوم بجولةٍ أوروبية للمرة الأولى منذ انطلاقها في عام 2011. قد لا يكون هذا التوقيت هو الأفضل لتقديم عروضها، إذْ إنَّ الشعب اللبناني في الساحات ينتفض على السلطة الطائفيَّة الفاسدة. حالة وضعت أعضاء الفرقة بين خيارين: إمّا إلغاء الحفلات تضامناً مع ما يجري على الساحة اللبنانية، أو الإبقاء عليها وإيصال رسالة صوت الثورة.

وفي دردشةٍ مع "العربي الجديد"، قال المغني الرئيسي للفرقة، أنطوني خوري: "نحن حالياً في وضع استثنائي، إذْ نحمل معنا رسالة شعبٍ ينتفض. كان هناك احتمال إلغاء الحفل، لكنّنا قرّرنا استغلال هذه العروض لإيصال روح ما يجري في لبنان إلى الجاليات العربية في الدول الأوروبيَّة".


ويشير أنطوني إلى أنّ قلوب أفراد الفرقة مع الثورة اللبنانيَّة التي تعتبر الآن أكبر مصدر إلهام لهم، حتى أنّ هناك شعارات رفعت في الثورة استخدمت كلماتٍ من أغانيهم. وأشار إلى أنَّهم يفكرون في العودة إلى لبنان للمشاركة في الحراك من خلال فنّهم. ويضيف أنّه طُلِبَ منهم عزف موسيقاهم في أحد التحرّكات القائمة في لبنان. ويوضح أنطوني أنّ فكرة فرقة "أدونيس" بدأت حين كان يدرس الهندسة في الجامعة مع صديقه جوي أبو جودة، عازف الغيتار في الفرقة. ويلفت إلى أنّهما كانا تقريباً من القلائل الذين يستمعون إلى الأغاني العربية في الجامعة، مثل أغاني الفنّان زياد الرحباني وغيره، بينما كان الجوّ السائد بين الطلاب هي الموسيقى الأجنبية. ويكمل أنهم رأوا الحياة من منظار المحيط الذي يدرسون فيه، فجاءت أغانيهم متأثّرةً باختصاصهم في دراسة الهندسة المعمارية، مثل أغنية "على سطوح أدونيس" و"صوت المدينة" و"ضو البلدية" وغيرها.


وهناك أغان تروي ما يعانيه المواطن اللبناني أو العربي بشكل عام، أو الحياة اليومية، ومنها أغنية "من شو بتشكي بيروت"، إذْ تحكي قصّة فتاةٍ تحاول إقناع حبيبها بالعدول عن السفر، والبقاء في بيروت حيث لا يزال العيش ممكناً. وهي أغنية لا تقتصر على حالة واحدة، بل تشمل حال الكثير من الشباب العربي الذي يهاجر بحثاً عن حياة أفضل.
واجهت الفرقة التي تتكون اليوم من أربعة شبان هم: جوي وأنطوني وجيو فيكاني ونيكولا حكيم، تحدّيات كونها خرجت عن المألوف. يقول أنطوني: "سارت (أدونيس) في خط جديد ومتفرّد. وكل جديد على الساحة يواجه الأصعب. لكن، على الرغم من العقبات والتعب الذي عانيناه للوصول إلى المزيد من الناس، إلا أنّ الفرقة سعيدةٌ بما أنجزته لغاية اليوم، لأنّ المكافأة والفرحة كانت أكبر بكثير من الجهد الذي بذل".

حالياً، تقوم الفرقة بجولة بين برلين وباريس، وستقدّم عرضاً في مدينة لندن يوم الإثنين 28 أكتوبر/ تشرين الأول، إذْ ستغني ألبوماتها القديمة والحديثة، وآخرها ألبوم "12 ساعة"، إذْ إنَّ الجمهور يعشق الكثير من الأغاني القديمة. وبكل صراحة، يقول أنطوني إنّ الألبوم الثالث بعنوان "نور" هو الذي أحدث نقلة نوعية في مستوى أغانيهم، كونهم اكتسبوا المزيد من الخبرة في الكتابة والتلحين بعد سنوات من التجارب. أمَّا جمهورُ الفرقة، فمعظمه من طلاب الجامعات الذين يبحثون عن كل ما هو جديد ومتميز.



"أدونيس" هي فرقة لبنانية رباعية، تكونّت عام 2011، ولاقت إقبالاً كبيراً على مواقع الانترنت، الأمر الذي جعل الفرقة ترتقي لتتصدَّر مهرجانات رئيسيَّة في لبنان، وحول العالم العربي. من إصدارات الفرقة ألبوم "ضو البلدية" في عام 2011، تلاه ألبوم "من شو بتشكي بيروت" في عام 2013. برزت الفرقة في ألبومها الثالث "نور" الذي أصدرته في عام 2017، وتعاونت مع المنتج والموزع الموسيقي جان ماري رياشي، لتدخل النبضات الإلكترونية في نكهتها الموسيقية الخاصة. أما ألبومها الرابع والأحدث فهو "12 ساعة"، إذْ أطلقته الفرقة في صيف 2019 على مسرح مهرجان جونيه العالمي. في الألبوم الأخير، وإذا ما استثنينا أغنية "صاروا رجال"، فإن أغاني "أدونيس" لا تتطرق إلى موضوعات سياسية أو قضايا اجتماعية، بل يغلب على مضمونها الطابع العاطفي، كما هو حال معظم الأغاني العربية الشعبية، وجميع الأغاني ترتكز إلى كلمات بسيطة مقبولة اجتماعياً، لا يمكن وصفها بالجريئة أو المتمردة. فـ"أدونيس" ليست كنظيراتها من الفرق البديلة التي غنت أعمالاً عاطفية متمردة، فهي لا تغني أغاني حب محرمة اجتماعياً كأغاني "مشروع ليلى" التي أشعلت ثورة في الأغنية العربية، ولا تستخدم مصطلحات وتعابير جريئة ومشاكسة كما تفعل فرقة "مين".

المساهمون