فراق محمود!

فراق محمود!

19 يونيو 2018
+ الخط -
اليوم هو اليوم الثمانون بعد المائة على إقلاعي عن التدخين، نعم 180 يوما مذ آخر سيجارة، ما زلت أذكرها تركتها مشتعلة في "طفاية السجائر" وقررت ألا أرجع إليها، وكأنه تحدّ وعناد لرجل آخر أمامي لا للفافة تبغ محترقة!

كانت تجربة صعبة وتحديا كبيرا بالنسبة إلي، فلم أتخيل يوما أني قادر على أن أكتب خبرا أو موضوعا بلا سيجارة وكوب شاي على مكتبي.. الآن وقبل أن آتي لأكتب هذه السطور بفضل الله أنجزت تقريرا من نحو ألفي كلمة ضمن ملف نعده أنا والزملاء عن الانتخابات العراقية، وبدون معاناة.. أعتقد أني تعافيت منها.

عموما أنا سعيد جدا وكذلك أولادي الأربعة وأمهم لهذه الخطوة الجبارة، تركتها بعد صحبة امتدت لــ 21 عاما، كنت حينها في الجامعة عندما تورطت بها خلال تواجدي بالقسم الداخلي في بغداد إلى جانب طلاب آخرين.


أبلغني الطبيب أيضا أن تنفسي جيد جدا وأن رئتي تنظف نفسها بشكل تلقائي كما أني صرت أشعر برغبة في الركض ولعب كرة القدم كما كنت سابقا، وصرت أتذوق وأشم بشكل ممتاز، ولون وجهي عاد مجددا بلا شحوب ولا هالات تحت العين أو شفتين سوداوين.

من زاوية أخرى خارج جسدي طبعا بدت رائحة ملابسي عطرة، وسيارتي باتت تحافظ على نظافتها من الداخل، وابتعت معطر جو صغيرا لها، بينما صالة المنزل بحالة طيبة للغاية.. حتى أن الأولاد صاروا أكثر راحة وصرت أكثر قربا منهم، واليوم وأنا بالمصعد إلى مكتبي شعرت ببشاعة رائحة المدخن.. صعد معي شخص أظنه فرنسيا كانت رائحته نيكوتين بل ذكرتني برائحة طفاية السجائر التي عندما تصحو صباحا وتجدها ما زالت تحوي على أعقاب سهرة الأمس، شعرت بما كنت عليه، فمن يا ترى تقزز من رائحة النيكوتين المنبعثة مني مثلما فعلت الآن مع هذا الرجل.. المعادلة صفرية مع الدخان بكل معنى الكلمة.

أعترف بأني أتذكرها بين فترة وأخرى! لكن بصراحة كلما أستعيد الأمور الإيجابية التي ألمسها على جسدي وعلى من حولي أقول الحمد لله.. لا يعود لها إلا مجنون.

هذه السطور نصيحة لمن يفكر بترك التدخين.. أنت قادر وستكون أكثر راحة وقوة.
عثمان المختار (العربي الجديد)
عثمان المختار
صحافي عراقي متخصص بصحافة البيانات وتدقيق المعلومات. مدير مكتب "العربي الجديد" في العراق.