غلاء النفط يفاقم أزمات الأردن... ومخاوف من تأجيج الشارع

ارتفاع أسعار النفط يفاقم أزمات الأردن... ومخاوف من تأجيج الشارع

16 أكتوبر 2018
احتجاجات أردنية سابقة على رفع أسعار الوقود والضريبة(فرانس برس)
+ الخط -
تنذر توقعات ارتفاع أسعار النفط العالمية إلى 100 دولار للبرميل، مع اقتراب تطبيق العقوبات الأميركية الجديدة على النفط الإيراني وتصاعد المخاطر الجيوسياسية في المنطقة، بتعميق الأزمة الاقتصادية في الأردن، من خلال ارتفاع فاتورة الوقود السنوية البالغة حالياً نحو 3.5 مليارات دولار، حسب إحصائيات رسمية.
وتعتبر الطاقة من أكبر المشكلات الاقتصادية التي تواجه الأردن، كونه يستورد غالبية احتياجاته من الخارج، وسيدفع ارتفاع أسعار النفط العالمية الحكومة إلى زيادة أسعار المشتقات النفطية، وبالتالي تأجيج الشارع الذي يشهد حالة احتقان غير مسبوقة، حسب مراقبين.

وكان الأردن قد شهد احتجاجات واسعة في نهاية مايو/ أيار الماضي، بسبب رفع الحكومة السابقة أسعار المشتقات النفطية وإقرار قانون جديد لضريبة الدخل انتهت بإسقاط حكومة هاني الملقي وسحب قانون الضريبة من مجلس النواب.
وقالت وزيرة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية هالة زواتي، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع فاتورة المستوردات النفطية تعتبر واحدة من أهم المشكلات الاقتصادية التي تواجه الأردن، وتعمل الحكومة بأقصى طاقاتها للتخفيف منها قدر المستطاع.

وأضافت أن الأردن يعتمد بشكل كبير على الطاقة المستوردة، بما نسبته 94%، وبكلفة بلغت حوالي 3.5 مليارات دولار العام الماضي، تعادل 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي، فضلا عن مخاطر زيادات الأسعار المتوقعة مستقبلاً، ما يشكل عبئا ثقيلا على اقتصاد البلاد.
وقالت الوزيرة ل" العربي الجديد" إن الحكومة تعمل على أكثر من محور لمعالجة مشكلة زيادة فاتورة النفط بالتركيز على الطاقة المتجددة والإسراع في إنجاز مشاريع الصخر الزيتي واستيراد الغاز الطبيعي.

وأوضحت أن الجهود الحكومية تكللت بأول مشروع لإنتاج الكهرباء من الحرق المباشر للصخر الزيتي بسعة 460 ميغاواط تشكل 15% من الطاقة الكهربائية المستهلكة بالأردن عام 2020.
وأكدت أن شركة العطارات للطاقة بائتلافها الإستوني والماليزي والصيني بدأت أعمال الإنشاء والبناء منذ مارس/ آذار عام 2017 وبكلفة تقارب 2.2 مليار دولار، لتنفيذ المشروع الذي سيوظف ما يقارب 3500 من الكفاءات الوطنية في مختلف التخصصات.

وأشارت إلى أهمية الطاقة المتجددة في بلادها، إذ وصلت مساهمتها إلى 7% من الطاقة الكهربائية المستهلكة في 2017 وسترتفع إلى حوالي 16% في 2019 ثم 20% في 2020، ما يعزّز أمن الطاقة في الأردن.
وحول الإجراءات الأخرى، قالت الوزيرة إن هناك عدداً آخر من الإجراءات التي تقوم بها الحكومة في هذا الصدد، ومن أهمها إعادة استئناف ضخ الغاز المصري للأردن، إذ بدأت عمليات الضخ التجريبي، ما يساهم في تخفيض كلف استيراد النفط الخام والغاز الطبيعي من خلال البواخر، إضافة إلى أن العمل فتح باب استيراد المشتقات النفطية للشركات المحلية وكذلك التوجه لتحديد سقوف سعرية للمحروقات.

وتسعى الحكومة إلى إتمام صفقة شراء الغاز من الاحتلال الإسرائيلي رغم معارضة عدد كبير من النواب والشارع الأردني لهذه الاتفاقية.
ومن جانبه قال النائب جمال قموه، عضو لجنة الطاقة في مجلس النواب الأردني، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع أسعار النفط سيضع الأردن في أزمة كبيرة وربما غير مسبوقة من حيث الانعكاسات السلبية على الاقتصاد الوطني والأوضاع المعيشية للمواطنين، كون الحكومة ستزيد أسعار المحروقات في حال ارتفاع أسعار النفط عالمياً.

وأضاف النائب " لقد نبنها أكثر من مرة لأهمية الإسراع في تنفيذ مشاريع الطاقة البديلة والصخر الزيتي، كون الأردن يملك احتياطياً كبيراً منها يقدر بأكثر من 40 مليار طن، بالإضافة إلى مشاريع الطاقة الأخرى، وذلك تفاديا للدخول في أزمة لا تحمد عقباها".
وتوقع النائب البرلماني أن تلجأ الحكومة في هذه الحالة إلى مزيد من الاقتراض الداخلي والخارجي لعلاج الأزمة الناجمة عن الزيادة المتوقعة في أسعار النفط، وسيتحمل الاقتصاد العبء الأكبر، في محاولة استيعاب ارتفاع الفاتورة النفطية على حساب الزيادة الكبيرة في حجم المديونية التي تقارب الآن 40 مليار دولار.

وفي سياق متصل، قال رئيس نقابة أصحاب المحروقات نهار السعدات لـ"العربي الجديد" إن التوقعات تشير إلى ارتفاع أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل خلال الفترة المقبلة، ونأمل ألا يحدث ذلك لآثاره السلبية على الاقتصاد العالمي ككل والاقتصاد الأردني ليس في منأى عن ذلك. وبيّن أن تلك الزيادة ستؤدي إلى استنزاف العملة الصعبة.
ولا يتوقف أمر تأثيرات الزيادة المتوقعة في أسعار النفط عند هذا الحد، بل يمتد التأثير إلى مختلف القطاعات الأخرى. وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد" إن الأردن سيبقى في دوامة بسبب أسعار النفط العالمية كونه يستورد الوقود من الخارج، وبالتالي أي زيادة على الأسعار تنعكس مباشرة على اقتصاده ووضع المالية العامة.

وأضاف أن كافة القطاعات الاقتصادية والخدمية وغيرها في البلاد ستتأثر بأي غلاء للنفط، ما سيؤدي إلى إضعاف القدرات التنافسية للصناعة الأردنية وارتفاع كلف الخدمات وخاصة السياحية منها، كالفنادق والمنشآت السياحية المختلفة، إضافة إلى الزيادات التي ستطرأ على أجور السلع والنقل وكلف الإنارة وغيرها. وأكد عايش أن معدل التضخم سيرتفع بنسبة كبيرة، إذ إن أسعار السلع والخدمات ستشهد زيادة كبيرة.
ومن جانبه، نبه رئيس جمعية الصناعات الصغيرة والمتوسطة فتحي الجغبير من مخاطر ارتفاع أسعار النفط على القطاع الصناعي الذي يعاني حسب قوله من زيادة كلف الإنتاج وتراجع تنافسية في الأسواق المحلية والخارجية بسبب أسعار الطاقة والضرائب المختلفة.

وقال الجغبير لـ"العربي الجديد" إن الصناعة الوطنية تواجه مخاطر عديدة، ولم يعد بإمكانها استيعاب مزيد من الصدمات.
وبدرجة لا تقل عن مخاوف الصناعة أبدى القطاع الزراعي قلقه، بعدما أغلقت أمامه الأسواق التصديرية، وخاصة إلى العراق وسورية.

وقال مسؤول اتحاد المزارعين محمود العوران لـ"العربي الجديد" إن الطاقة تشكل واحدة من مدخلات الإنتاج الزراعي، وإن زيادة أسعارها ستكبّد المزارعين خسائر كبيرة، "لا شك في أنها ستؤدي إلى هجرة غالبية المزارعين لأعمالهم".


المساهمون