غرداية .. كلام مرسل وتدويل

غرداية .. كلام مرسل وتدويل

06 اغسطس 2015
+ الخط -
بعد أيام قليلة، أعقبت أحداث غرداية الجزائرية، الدامية، في يوليو/تموز الماضي، خرج علينا كبير مستشاري الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أحمد أويحي، متهما المغرب الشقيق، بالوقوف وراء ما زعم أنها "فتنة"، من خلال تزويد (جرذان) شبان مدمنين في غرداية بجرع مفرطة، من مخذرات المملكة، ذات الجودة، والمفعول"الممنهج"؟
كلام مرسلٌ على عواهنه، من دون بيّنة ، أو إثباتات مادية، وهو أشبه بما كاله ملك ملوك إفريقيا، وعقيد ليبيا الراحل، لشعبه، إبان ثورة فبراير شباط العام 2011.
أسابيع قليلة بعد تصريح العائد للسياسة، وإلى أمانة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الموالي للرئيس قلبا وقالبا، يصل "فجأة"، وزير خارجية سلطنة عمان الشقيقة، ويحطّ في غرداية ، "المفترى عليها"، في إطار جهود تهدئة النفوس، والخواطر الإباضية، تحت عباءة التدويل "المستحبّ".
تدويلٌ أضحى بين عشيّة وضحاها "مشروعا"، في عرف ديبلوماسية رمضان لعمامرة، وزير خارجية الجزائر. مقاربات تخبّط، وانعدام وزن، فيها اكتملت الصورة التي تسعى السلطة في الجزائر إلى ترويجها.
تنظيرٌ وهمي مقامر، يهتدي بناموسه الأبدي "المؤامرة"، و"الأيادي الخارجية"، لقمع الحريات السياسية والدينية، وطعن أي أفق لانفتاح حداثي، جامع لكل المتن، ومانع لأي فتن.
سيرة مغامرة، ومسيرة مصادرة، ومحاصرة كلّ من يغرّد، خارج معسكر تروس السلطة. وما تسوقه وجوه نظامية من أدلة التوريط "الهادئ" و"الماكر" للأشقاء، على جبهة غرداية "التسامح والإخاء"، هو امتداد لتطرّف وعنجهية، تُوثّق التهويش، والنعيق، وطرائف المواقف المتناقضة، لتُخمد المعركة الأم؛ البناء المؤسساتي النزيه، والصلب، واحترام قيم الجمهورية، إضافة إلى التقسيم العادل للثروة المتهالكة، بفعل الأيادي الداخلية المحصّنة، في محميات الجزائر"المتفرّدة"، ووقف نزيف التكسّب، من اقتصاد ريع حاويات، بارونات النفوذ المالي، المتجذّر، والمستشري كالنار في الهشيم. أما اقتفاء هوامش، ومزايداتٍ، تستنزل أجندات الفرقة، والكراهية، فهي مجرد صفاقة، تُدنّس دما طاهرا، يُهرَق بمواقيت، ويُكابر ختلاً، وزيفا، ضدّ مصير أخوي، مشترك التاريخ، واللسان، والعقيدة، وقفَ عليه كلّ من وصل إلى غرداية "الوطنية والكرم"، وتبيّن من أنّ رؤى الفكر المذهبي ليست سوى بضاعة، بلغت أهالي غرداية، ضمن متاع سلطوي، يزجّ بالجزائريين في أتون الخلافات، ومراتع الصراع، فيسكنون، ويسكتون، عن أشرّ عباد عزلوا البلاد، واستنفذوا كل معاول "خندقة "البلاء بالافتراء.
أحداث غرداية، وبعد فشل كل وساطات البطون المدنية، والأمنية، والعسكرية، ها هي السلطة تتلهف للنصيحة، قبل الفضيحة المدوّية، ولو كان ذلك على حساب ثوابتها، وعقائدها الديبلوماسية الرّاسخة، كما تقول، والتي تقضي بعدم جدولة قضايا الجزائر، على منابر كلّ الأوطان، وفي أيّ زمان.
السلطة الجزائرية تعلم علم اليقين، اليوم خصوصاً، أن الاعتصام بالمكائد، واحتضان الفخاخ، والمصائد، لم يعد مجديا، وسيفرط العقد، وُيرسّم الضربة القاضية، والتي لن تنفع معها غواية الإصلاح، وفرض سلطة التنفيذ، والتشريع، والقضاء، والإعلام، المتداعية، واقع عين بأثر.
تلك هوية من تجندل بالغطرسة، والعنجهية الجافية، المفضية حتما إلى الهاوية، في ظلّ زوال فاعلية المسكّنات، ورمزية المُقبّلات، حقائق على ذمّة القيد، في سجلّات الأرض والسماء.

CA626F87-22C2-4724-AA44-D55527642A21
CA626F87-22C2-4724-AA44-D55527642A21
محلي الحاج (الجزائر)
محلي الحاج (الجزائر)