عيش.. حرية.. عدالة

عيش.. حرية.. عدالة

30 أكتوبر 2014
ثورة 25 يناير طالبت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية (أرشيف/getty)
+ الخط -

المواطن في كل مكان في العالم له احتياجات ضرورية، وعليه واجبات ضرورية. والحكومات في بعض دول العالم، يختارها المواطنون لتوفر لهم الاحتياجات، وتناقشهم في الواجبات حتى تقنعهم بأهميتها، فيقررون تطبيقها بما يعود عليهم بالنفع، وعلى بلدانهم بالخير.

لكن تلك المعادلة المنطقية ليست قائمة في كثير من بلدان العالم، خاصة دول العالم الثاني والثالث، أو تلك التي يطلق عليها إعلاميا "الدول النامية".

في الدول النامية، خاصة تلك الغنية بالثروات، يقبع المواطن في ذيل قائمة اهتمامات حكومته. الحكومة في تلك الدول ليست منتخبة في الأغلب، أو جاءت بانتخابات مزورة أو ملفقة، وبالتالي فإنها لا تهتم برفاهية المواطن؛ كونه لن يكون سببا في إسقاطها لاحقا.

معظم الدول النامية تحكمها إدارات عسكرية أو أمنية، يشترك جميعها تقريبا في الإنفاق على التسليح واستيراد أدوات القمع والتعذيب، أكثر من الإنفاق على التعليم والصحة والرفاهية.

وفي تلك الدول، اعتاد المواطنون على أنهم بلا حقوق، وأن مطالبهم الطبيعية المشروعة ليست إلا تمردا منهم على الأوضاع القائمة، وأن مطالبتهم بالتغيير، الذي هو سنة الحياة، افتئات على حق الحاكم القائد الزعيم في حكمهم وحكم أولادهم وأحفادهم مدى الحياة، بل وتوريثهم إلى أحد أولاده، وربما لأحفاده.

في العالم الأول، ينشغل المواطنون بالتعليم والصحة والضرائب، إنها حقوقهم المكفولة دستوريا وقانونيا، وهم يحرصون على توفيرها وجودتها وتطويرها، وتلك الثلاثية وحدها كفيلة ببقاء حكومات وزوال أخرى، واستمرار الأنظمة أو سقوطها، وتغيير السياسات أو تعديلها.

بينما في العالم ما دون الأول، فإن التعليم والصحة رفاهية لا توفرها الدولة لمواطنيها، أو ربما لا ترغب، فإنهم إن تعلموا وباتوا أصحاء قد تزيد قدرتهم على المطالبة بحقوقهم، التي ترى الأنظمة أنها ليست حقوقهم.

وفي هذا العالم غير الأول، جباية الضرائب أهم من تطبيق القوانين، وتحصيلها أهم من حياة المواطنين أنفسهم، حتى وإن كانت الأنظمة التي تجمع الضرائب لا تقدم أي خدمة لمواطنيها الفقراء مقابل تلك الأموال التي تقوم بجبايتها منهم.

في العالم الطبيعي، للناس مطالب منطقية، بينها الطعام والتعليم والعلاج وحرية الرأي، وهي التي جسدتها هتافات باتت شهيرة خلال أيام الربيع العربي الأولى، عندما صدحت أصوات الثوار قائلة: "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية".

ويظن البعض أن تلك الأصوات الثورية الهادرة سكتت.. لكن: ما ضاع حق وراءه مطالب.

المساهمون