على قناة "سما"... كل هذه السخافة

على قناة "سما"... كل هذه السخافة

03 اغسطس 2020
"حلول" تطرح الترفيه "مجاناً" (حسن بلال/Getty)
+ الخط -

نغمة الانتصارات التي يعزف عليها النظام السوري لم تتوقف يوماً، فما زال إعلامه يردد أهازيج التهليل والتطبيل ويستثمر كل مناسبة أو حدث ليتغنى بأمجاد الأسد وجيشه وحكومته؛ من دون أن يراعي الإعلام الرسمي المعاناة الكبيرة التي يعيشها السوريون اليوم في ظل تردي الأحوال المعيشية وعجز الحكومة عن تأمين احتياجات الناس.   
هذه الهوة التي تشكلت ما بين الواقع الذي يعيشه السوريون اليوم والخطاب الرسمي لإعلام النظام السوري، عمل النظام على ردمها من خلال بعض الإضافات الطفيفة التي أعطت الإعلام مهمات جديدة، أبرزها مهاجمة الناس الذين يشتكون من الوضع القائم وطرح حلول فضائية للأزمات التي يعاني منها السوريون اليوم؛ وأحياناً يتم تغليف هذه الحلول بقشور سياسية نضالية، تحت مسمى "الصمود". وفي بعض الأحيان يتم طرح هذه الحلول بوصفها معلومات عامة تثقيفية، يقدمها التلفزيون للناس كدعم مجاني لهم في محنتهم. 
يعدّ برنامج "صباح الخير" الذي تبثه قناة "سما" بشكل يومي نموذجاً على ذلك. يقدم البرنامج الإعلاميان ورد الصباغ ونور يوسف. وبابتسامة عريضة ومشرقة توحي بأنهما قادمان من عالم آخر، يخاطبان السوريين الذين أنهكتهم الحرب، ويبدون التعاطف معهم عند بداية كل فقرة، قبل أن ينهالوا عليهم بالنصائح والمعلومات السطحية التي يفترضان بأنها ستساعدهم على تخطي كل المشاكل والأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ويحاولان أن يدمغا النصائح بصبغة علمية من خلال استضافة العديد من المختصين، الذين يكررون المعلومات ذاتها ويشيرون إلى أن "العلم" أثبت صحتها. وفي بعض الأحيان تتخلل هذه المعلومات اتهامات مباشرة للجمهور، تشير إلى أن جهل السوريين بهذه المعلومات العامة الإيجابية هو ما يسبب لهم الكآبة، وتنتهي كل فقرة بالجملة الكليشيه ذاتها: "انشالله استفدتو".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

هذه المعلومات العامة تهدف غالباً إلى إقناع السوريين بالرضوخ والاستسلام للواقع ومنعهم من التذمر مهما تردت أوضاعهم. ومن هذه المعلومات: "السعادة غير مرتبطة بالمال"، الصبر هو مفتاح النجاح"، "كل الأمور ستتحسن من تلقاء نفسها إذا لم نسعَ لتغييرها" والكثير من هذه العبارات التي ترغّب المشاهدين في الاستسلام للفقر والذل. 
وفي بعض الحلقات، يقوم البرنامج بطرح حلول ليتمكن المشاهد المكتئب بواسطتها من الحصول على السعادة. ومثال على ذلك، حلقة تم تقديمها قبل أيام طرحت حلولاً للسوريين كي يُرفهوا عن أنفسهم من دون إنفاق أي نقود. وبعد تخمة المعلومات النظرية التي تؤكد أن السعادة والرفاهية لا ترتبطان بالمال، جاءت الحلول مثيرة للسخرية ولا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، فاعتبروا أن مشاهدة التلفزيون هو أمر يسبب السعادة، وتناسوا أن سورية تعيش معظم وقتها من دون كهرباء، واعتبروا أن أفعالاً بسيطة كالأكل تسبب السعادة، وتناسوا أن مشكلة السوريين الكبرى في الوقت الحالي هي عجزهم عن تأمين قوتهم اليومي. وفي النهاية وصل المقدّمان للحل الأرخص والأمثل للحصول على السعادة، وهو النوم. وبعيداً عن السياق الذي ورد فيه هذا الحل، بدا كصورة فائقة تختزل منهجية إعلام النظام السوري؛ فالإعلام الذي يسعى إلى تخدير الشعب وتجميده، ليس غريباً عنه أن يطلب من السوريين في برنامج "صباح الخير" أن يناموا ليسعدوا.
ومن الأمور الطريفة أيضاً، أن البرنامج يُقدّم في جميع الأيام بالطريقة ذاتها، فلا فارق بين أيام العيد والأعياد الرسمية وغيرها؛ فكل أيام السوريين تبدأ بالاحتفالات على قناة "سما".

المساهمون