عقوبات أوروبية على النظام... وموسكو تريد "مارشال" سوريّاً

عقوبات أوروبية على النظام... وموسكو تريد "مارشال" سوريّاً

28 أكتوبر 2016
تكثفت الغارات على دوما أخيراً (خالد أبو جعفر/الأناضول)
+ الخط -
ازداد منسوب العمليات العسكرية في مختلف المناطق والمحافظات السورية، بينما كان لافتاً تحرّك الاتحاد الأوروبي عبر فرضه المزيد من العقوبات على مسؤولين في النظام السوري، فضلاً عن اعتبار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن "التفاهم مع الأميركيين في الشأن السوري انتهى". واعتبر بوتين، أمس الخميس، أن محاولاته للتوصل إلى اتفاق مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لـ"وقف سفك الدماء" في سورية لم تنجح. وأضاف في ختام مؤتمر فالداي الـ13، الذي انعقد في سوتشي الروسية على مدار الأيام الثلاثة الماضية، أنه "في الحقيقة لم تتشكل جبهة موحّدة لهزيمة الإرهاب. هناك قوى في واشنطن بذلت قصارى جهدها لضمان ألا تنجح اتفاقاتنا". ودعا بحسب موقع "روسيا اليوم" إلى "تحقيق التنمية في الشرق الأوسط، بصورة مشابهة لمشروع "مارشال" (الذي أعاد إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية 1939 ـ 1945)".

في المقابل، أفاد الاتحاد الأوروبي، أمس، أن "حكومات دوله فرضت عقوبات على عشرة أشخاص آخرين على صلة بالحكومة السورية، من بينهم مسؤولون عسكريون كبار وشخصيات بارزة قريبة من الرئيس السوري بشار الأسد". وكان 207 سوريين و69 جماعة أو منظمة مستهدفين، حتى الآن، بهذه التدابير التقييدية التي تم تمديدها في 27 أيار/مايو الماضي لسنة إضافية، أي حتى الأول من يونيو/حزيران المقبل. وتضاف هذه العقوبات "الفردية" إلى عقوبات اقتصادية قاسية يسري مفعولها أيضاً، حتى الأول من يونيو، وتشمل حظراً نفطياً وقيوداً على الاستثمار أو على عمليات تصدير تقنيات يمكن استخدامها في النزاع، فضلاً عن تجميد أصول المصرف المركزي السوري داخل الاتحاد الأوروبي، وغيره. وعبّر وزراء خارجية الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في 17 أكتوبر/تشرين الأول الحالي في لوكسمبورغ، عن رغبتهم في وضع لائحة جديدة بأسماء شخصيات سورية قد تشملها العقوبات. ووصف الوزراء في حينها عمليات القصف المكثف التي بدأها الطيران الروسي والنظام السوري قبل ثلاثة أسابيع على الأحياء الخاضعة للفصائل المقاتلة في حلب بأنها "جرائم حرب"، من دون أن يعبروا عن الأمل في أن تشمل العقوبات الجديدة مسؤولين كباراً في روسيا. وستكشف الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، اليوم الجمعة، هويات الشخصيات السورية العشر التي شملتها العقوبات.

وأشار المجلس إلى أن "الاتحاد الاوروبي يبقى عازماً على التوصل إلى حلّ دائم للنزاع في سورية، نظراً إلى عدم وجود حلّ عسكري"، مذكراً أن "الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد تنتظر الضوء الأخضر من دمشق، لدخول قوافل المساعدات الإنسانية إلى الضحايا في حلب".

وسبق أن مارست فرنسا وبريطانيا ضغوطاً كبيرة لتجميد ممتلكات وفرض حظر سفر على هذه الشخصيات، كوسيلة للرد على قصف مئات المدنيين، بينهم أطفال في مدينة حلب التي تتعرّض لغارات جوية من النظام السوري وروسيا. غير أن فرنسا وبريطانيا فشلتا في إقناع نظرائهم الأوروبيين في فرض عقوبات مماثلة على مسؤولين عسكريين روس جراء الأزمة الإنسانية في حلب، بعد معارضة إيطاليا، التي تخشى إلحاق الضرر بمصالحها التجارية مع موسكو.

في سياق آخر، ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن "الطائرات الحربية الروسية والنظامية السورية لم تحلق على مسافة أقل من عشرة كيلومترات من حلب لمدة تسعة أيام". وذلك رداً على ما قاله عمال إغاثة والمرصد السوري لحقوق الإنسان، من أن ضربات جوية نفذتها طائرات حربية سورية أو روسية، يوم الأربعاء، قتلت ما لا يقل عن 26 شخصاً في قرية بمحافظة إدلب، التي تسيطر عليها المعارضة وتقع في شمال غرب سورية قرب حلب. ورفضت وزارة الخارجية الروسية بدورها، التلميحات من حلف شمال الأطلسي، بأن "مجموعة قتالية روسية في البحر المتوسط ستشارك في قصف حلب"، ووصفتها بأنها "سخيفة".



ميدانياً، في الشمال السوري، أفاد مركز حلب الإعلامي والدفاع المدني، أن الطيران الحربي الروسي شنّ أكثر من 20 غارة على منطقة جمعية زهرة المدائن وطريق الشام والراشدين جنوب حلب، وبلدات خان طومان وخان العسل وكفر داعل والمنصورة وأورم الكبرى وكفرناها في ريف حلب. وجاء ذلك تزامناً مع معارك بين مقاتلي المعارضة وقوات النظام في محور حي صلاح الدين في الأطراف الجنوبية من المنطقة الشرقية في حلب. وأفادت مصادر محلية، أنّ اشتباكات وقعت بين الجيش السوري الحر و"قوات سورية الديمقراطية" على محاور قرى حربل وأم حوش وأم القرى والشيخ عيسى وتل المضيق وعين دقنة، الخاضعة لسيطرة الأخيرة بريف حلب الشمالي، وسط قصف متبادل من الطرفين.

من جهتها، ذكرت وكالة أنباء النظام "سانا"، أن "ثلاثة أطفال قُتلوا وأُصيب 14 تلميذاً بجروح، جراء اعتداء التنظيمات الإرهابية بالقذائف على المدرسة الوطنية في حي الشهباء بحلب". في ريف إدلب، أعلن الدفاع المدني السوري، أنّ الطيران الحربي قصف بالصواريخ الفراغية مدينة أريحا، مستهدفاً المدينة بثلاث غارات على منازل المدنيين وغارة استهدفت مدرسة ابتدائية، أوقعت أضراراً مادية كبيرة. كما طاولت الغارات الجوية مدينة جسر الشغور، وأسفرت عن إصابة مدني بجروح، كما أدى قصف مماثل عن أضرار مادية في حيش وخان شيخون.

ووفقاً للدفاع المدني، فقد بلغت حصيلة استهداف الطيران الحربي لمدرستين في قرية حاس، يوم الثلاثاء، بـ 11 غارة جوية لأكثر من 35 قتيلاً ونحو 30 جريحاً وعدد من المفقودين، لا تزال فرق البحث والإنقاذ تبحث عن مصابين تحت الأنقاض. كما احتدمت المعارك بين فصائل المعارضة المسلحة وقوات النظام، المدعومة بمليشيات أجنبية ومحلية، في جبهات بلدتي تل كردي والريحان في محيط مدينة دوما. وتعمل المعارضة على صدّ محاولة النظام إحراز تقدم على تلك الجبهات.

في وسط سورية، تكبّدت قوات النظام والمليشيات الداعمة لها، خسائر بشرية ومادية جراء محاولتها اقتحام مدينة صوران في ريف حماة الشمالي. وأفاد مدير مركز حماة الإخباري مهند العلي، لـ "العربي الجديد"، أنّ "الجيش السوري الحر صدّ محاولة اقتحام عنيفة من قوات النظام والمليشيات الداعمة لها، في جبهات المدينة، ودمّر خمس سيارات للنظام، جراء استهدافهم بقذائف الدبابات، جنوبي المدينة".

في غضون ذلك، جُرح طفلان جراء قصف مدفعي من قوات النظام على منزلهم في قرية الحويز، بمنطقة سهل الغاب، في ريف حماة الغربي. في حمص، قُتل عنصر من الجيش السوري الحر جراء اشتباكات مع قوات النظام، في جبهة المحطة، قرب قرية سنيسل، بريف المحافظة الشمالي. وفي الشرق السوري، قصف الطيران الحربي مواقع تخضع لسيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في محيط مطار دير الزور العسكري، فيما دارت معارك بين مقاتلي التنظيم وقوات النظام في أحياء العمال والرصافة والحويقة في المدينة، سقط خلالها قتلى وجرحى من الطرفين.