عروض الصيرفة الإسلامية تخيّب الجزائريين

عروض الصيرفة الإسلامية تخيّب الجزائريين

01 سبتمبر 2020
فاجأت البنوك العمومية، الجزائريين بمنتجات مالية إسلامية بهوامش ربح عالية(Getty)
+ الخط -

لم تحمل الصيرفة الإسلامية، التي تبنتها الجزائر بعد طول انتظار، عروضاً مالية تلبي تطلعات المواطنين، الحالمين باقتناء سيارة أو منزل بعيداً عن أسعار الفائدة المرتفعة، حيث فاجأت البنوك العمومية، الجزائريين بمنتجات مالية إسلامية بهوامش ربح عالية، ما جعلها تقترب من العروض التقليدية، ما يجعلها بعيدة عن المنافسة، بينما تعول الحكومة على الصيرفة الإسلامية لتحريك السيولة في البنوك وجذب أموال الاقتصاد الموازي.

وشهدت البنوك العمومية، فور إطلاقها نوافذ لتقديم منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية مطلع أغسطس/ آب الماضي، إقبالاً كبيراً من الجزائريين الباحثين عن الاستفسار حول الصيغ التمويلية المتوفرة، إلا أن العروض المطروحة خيبت آمالهم، وأجلت أحلامهم إلى موعد آخر، وفق متعاملين.

واقتصرت العروض على "المرابحة"، التي تظل حتى الآن الوحيدة في القطاع، وهي اتفاق بين البنك وأحد عملائه يطلب فيه العميل من البنك شراء سلعة، على أن يتعهد بإعادة شرائها فور تملك البنك لها على أساس آجل، بعد إضافة هامش ربح إلى التكلفة الأصلية. ويجري عادة تقسيط ثمن البيع النهائي على فترة زمنية معينة، وتعتبر المرابجة الأكثر ملاءمة، باعتبارها تهيئ شكلاً يتماشى مع مبادئ الشريعة.

ويقول عثمان حرشاوي، الناطق باسم فيدرالية الوكالات العقارية إن "الصيرفة الإسلامية لم تحمل الجديد من العروض التي من شأنها أن تحرك سوق العقارات أو سوق السيارات، فمثلا لو تقدم مواطن بطلب قرض بنظام المرابحة لشراء منزل بـ 8 ملايين دينار (63 ألف دولار)، فإن البنك يطلب منه أن يدفع 46% كصدق نية، على أن يمول البنك الباقي ويقتطع من راتب المواطن 27 ألف دينار شهريا لمدة 40 عاماً، ما يعادل 13 مليون دينار، أي 198% من قيمة القرض المقدر بـ 54% من قيمة العقار، وهذا يعتبر تحايلا باسم الدين أكثر منه صيرفة إسلامية".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأضاف حرشاوي لـ"العربي الجديد" أن "العروض البنكية الإسلامية أو التشاركية كما تسميها الحكومة، لا تتطابق وواقع معيشة الجزائريين، وهي أقرب للعروض الربوية. وفي الحقيقة، نحن كمهنيين لا نركز على الجانب الديني بل نركز على الجانب التقني المالي وهو ما يعتبر خيبة أمل كبيرة لنا".

وجاء إطلاق المعاملات الإسلامية رسمياً في البنوك، بعد إفراج المركزي عن القانون المنظم لها، منهيا سنوات طويلة من التردد في السماح بهذا النوع من الخدمات البنكية. وسمح "المركزي" للبنوك الناشطة في البلاد بتسويق 8 منتجات مصرفية إسلامية هي: المرابحة، والمضاربة، والمشاركة، والإجارة، والسلم، والاستصناع، وحسابات الودائع، وودائع الاستثمار.

وتهدف صيغ التمويل الإسلامية (دون فوائد ربوية)، إلى المساهمة في جذب أموال المدخرين، خاصة السيولة النشطة خارج البنوك في القطاعات غير الرسمية.

وتقدر قيمة السوق الموازية في الجزائر بأكثر من 40 مليار دولار، وفق بيانات رسمية، فيما يرى خبراء اقتصاد أنها تتجاوز 60 مليار دولار.

وتوجد في البلاد 30 مؤسسة بنكية، منها 7 عامة (حكومية)، وأكثر من 20 بنكا أجنبيا من دول الخليج على وجه الخصوص، وأخرى فرنسية، وواحد بريطاني وآخر إسباني. ويرى الخبير في الاقتصاد الإسلامي، فارس مسدور، أنه "تجب إعادة النظر في الأدوات المالية الإسلامية، وفي مقدمتها المرابحة واسعة الانتشار، إذ لا يوجد فارق كبير بين الشكل النهائي للأدوات المطروحة بين البنوك الإسلامية والتقليدية".

وأضاف مسدور لـ "العربي الجديد" أن "الأدوات الحالية للبنوك الإسلامية تعد نواة لخلق سوق آجلة يتلاقى فيها العرض والطلب على الائتمان من خلال توسيط وهمي للسلع والعقار، مما يؤدي في النهاية إلى تفشي الربا في المعاملات المالية والاضطرار إلى الاعتراف به بطرق مستترة، الأمر الذي يتناقض مع الهدف الذي قامت البنوك الإسلامية لأجله، وهو تقديم بديل متوافق مع الشريعة".

المساهمون