عائلة سوريّة في السويد: "الأمان" لا يلغي الروتين

عائلة سوريّة في السويد: "الأمان" لا يلغي الروتين

20 يونيو 2014
تضم سودرتاليا حوالي 4 آلاف لاجئ سوري(جوناثان ناكستراند/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

لجأَ حوالي 4 آلاف سوري إلى السويد، بعد إعلانها منح اللاجئين تصاريح إقامة دائمة، هرباً من الحرب الدائرة في بلادهم. وجدوا الأمان في هذا البلد الجديد، من دون أن ينجحوا جميعهم في التأقلم تماماً مع حياتهم الجديدة. 

غادرت عائلة أسمر سورية في خريف العام 2013. استطاع أنطون (54 عاماً) القدوم مع زوجته رويدة وأبنائهما الخمسة إلى السويد. تركوا كل شيء في سورية. المنزل والعمل ومدينتهم القامشلي (شمال شرق سوريا بالقرب من الحدود التركية). يقول أنطون: "لم أعد قادراً على حماية عائلتي. فألحّ علي شقيقي، الذي يقيم هنا، لألحق به".

كلفة الرحلة إلى السويد كانت مرتفعة، وصلت إلى حوالي 10 آلاف يورو. كانت العائلة تملك مزرعة في سورية. واليوم، تسكن في غرفة واحدة في مبنى في ضاحية سودرتاليا، على بعد كيلومترات من العاصمة استوكهولم.

استقبلت هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 90 ألف نسمة، 4 آلاف لاجئ سوري. وهم يُشكّلون، إلى جانب اللبنانيين والعراقيين، أكبر مجموعة مسيحية شرقية في السويد. وينحدر نصف السكان من أصول أجنبية، ما يجعل الناس يطلقون عليها "ميزوبوتاميا الصغيرة". الكثيرون لا يتحدثون اللغة السويدية. ويتجاوز معدل البطالة فيها نسبة 14 في المئة، أي ضعْف المعدل الوطني.

مساعدات اجتماعية

يقول أنطون: "أعرف أطباء سوريين أصبحوا سائقي تاكسي كي يعيشوا. أنا كنت رب عمل في سورية. لا أستطيع العمل في أي مهنة". كان يرأس شركة "فلاحية" في القامشلي، في ما كانت زوجته تعمل في مجال تصفيف الشعر. يأملان في العثور على عمل كريم. وإلى حين تحقق ذلك، يدرسان اللغة السويدية ضمن "البرنامج الوطني للشغل" في مقابل مساعدات اجتماعية.  

تجد رويدة صعوبة في تعلم اللغة. تقول: "حين أُقابِل الجيران، أومئ برأسي من دون أن أفهم كلمة. وفي غالب الأحيان، أطلب من صغاري الترجمة". يرتاد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 أعوام و14 عاماً مدرسة البلدية، ويتعلمون اللغة بسرعة. تضيف: "يشعرون بالسكينة هنا. يلعبون في الشارع مع رفاقهم، وهو ما بات مستحيلاً في سورية. وإذا كنّا قد قررنا البقاء هنا، فمن أجل تأمين مستقبل لهم بعيداً عن الحرب".

هذا الأمان لا يلغي صعوبة تأقلم أنطون ورويدة مع بلدهما الجديد. يقولان: "يَنقُصُنا أقرباؤنا. أولئك الذين اضطروا للبقاء في سورية". تبكي رويدة، فيما يحتفظ زوجها الجالس إلى جانبها بابتسامة مصطنعة. يضيف: "لا أحب الروتين الذي نعيش فيه، الناس هنا جدّيون بشكل مبالغ فيه".

في السياق، يقول مسؤول برنامج التشغيل في سودرتاليا دونيز فيريان: "لا ينجح اللاجئون السوريون بالاندماج مع السويديين"، مضيفاً أنهم "يتجمعون مع أقربائهم ويتكدسون في الشقق نفسها". في المقابل، لا يبدو رجل الدّين في الكاتدرائية الأشورية الأرثوذوكسية، صموئيل يعقوب، الذي يُقدّم عِظاته لأكثر من 1400 عائلة، قلقاً حيال الأمر. ويوضح: "يجب على المرء في البداية أن يجد مجموعته حتى يشعر بالأمان، على أن يأتي الاندماج بالسويديين في مرحلة ثانية".

يحلم أنطون ورويدة بالعودة إلى منزلهما في القامشلي. لكنهما لا يَعلَمان إن كان المنزل لا يزال موجوداً. يفكران بأولادهما أولاً، وإن كان البرد يضايقهما، إضافة إلى الليل الذي يحجب ضوء الشمس باكراً. في المقابل، يريد ابنهما داود (5 سنوات) أن يصبح طبيباً. يبتسم الصغير وهو يشاهد الرسوم المتحركة باللغة السويدية.