طموح واعد في الاحتفالية الأولى

طموح واعد في الاحتفالية الأولى

26 مايو 2015
+ الخط -
مضت أيام قليلة على نتائج الدورة الأولى لجائزة كتارا للرواية العربية، التي استقطبت منذ الإعلان عنها اهتمامًا كبيرًا. وجاءت النتائج جامعة لأسماء مكرّسة وأخرى شابّة، ما سلّط الضوء على آلية عمل لجان التحكيم. هنا قراءة في هذه النتائج للجائزة التي اختارت شعار "للرواية حقّ التكريم" في دورتها الأولى.
اختارت المؤسسة العامة للحي الثقافي ـ كتارا في الدوحة، شعار "للرواية حقّ التكريم" لتظاهرة جائزتها السنوية للرواية العربية، في دورتها الأولى التي اختتمت مساء الحادي والعشرين من شهر مايو/ أيار الجاري، بإعلان أسماء الروايات التي فازت في المنافسة على الجوائز العشر، وتكريم كتّابها، في حفلٍ كبير، أُعلن، في نهايته، عن إطلاق الدورة الثانية للجائزة التي صارت الأضخم والأكبر للرواية العربية، بالنظر إلى قيمتها المادية الكبيرة، وأيضاً لأنها لا تخصّ روايات منشورة فقط، بل تُمنح لرواياتٍ مخطوطة أيضاً. وكان لافتاً الإعلان في الحفل عن اسم إحداها فائزة أيضاً بجائزة الدراما، كما نظيرة لها منشورة. وإذ لم يكن هذا الأمر قد تمّ إشهاره سابقاً، فقد أُعلن في الحفل أيضاً عن إضافة جائزة للنقد الأدبي المتعلّق بالفن الروائي، بدءًا من دورة العام المقبل، وقال بشأنها المشرف على الجائزة، خالد السيد، إنها ستتلافى "الأخطاء والشوائب" التي وقعت في الدورة المنقضية، ورأى، في مؤتمر صحافي نُظّم في اليوم التالي لحفل إعلان الروايات الفائزة، وشارك فيه كتّابها العشرة، إن الدورة الأولى وصلت إلى ستين أو سبعين بالمائة من النجاح.
ويعدّ هذا الإشهار، أمام وسائل إعلام محلية وعربية غير قليلة، من منظّمي جائزة كتارا للرواية العربية، عن "أخطاء وشوائب"، من دون تعيينها، أمراً محموداً، يؤشر إلى ثقة بالنفس أولاً، وإلى عدم الاطمئنان إلى رضى مطلق عن الذات. ومساهمةً من ملحق الثقافة في "العربي الجديد" في نقاشٍ استجدّ بشأن هذه الجائزة الطموحة، التي تأتي ضمن مشروع متكامل مستمرّ في خدمة الرواية العربية وكتّابها، تأتي هذه السطور على ما تعتبرها نواقص حضرت في التظاهرة الكبيرة، صدوراً عن تقديرٍ واجبٍ لجهود القائمين عليها، وعن ثناءٍ لازم على الإخلاص الذي تبدّى في الأيام الثلاثة لهذه الاحتفالية لفكرة "للرواية حقّ التكريم"، وفي البال أن الرواية العربية، في غضون الغزارة الراهنة البادية في إنتاجها، صارت تنال من التكريم، بالجوائز وغيرها، ما يجعل كتّاب الأجناس الإبداعية الأدبية الأخرى، كالقصّة القصيرة والشعر، مثلاً، يغبطون زملاءهم على هذه الوفرة من "حقّ التكريم" بالجوائز والتظاهرات والمنافسات، الأمر الذي صار له أثره البيّن، والطيّب على كلّ حال، في مقروئيةٍ عاليةٍ، طالما تتزايد، للرواية العربية.
قبل الإتيان على ملاحظاتٍ، أو مؤاخذاتٍ، يمكن حسبانها ضمن ما سمّاها خالد السيد "أخطاء وشوائب"، تحسن تهنئة الروائيين الفائزين. في فئة الرواية المنشورة، وقيمة كل منها ستون ألف دولار: السوداني أمير تاج السر عن روايته "366"، والمصري إبراهيم عبد المجيد عن "أداجيو"، والبحرينية منيرة سوار عن "جارية"، والعراقية نصيرة السعدون عن "دوامة الرحيل"، والجزائري واسيني الأعرج عن روايته "مملكة الفراشة"، التي نالت أيضاً جائزة الدراما (مئتا ألف دولار)، ومن المنتظر أن يتمّ العمل على إنجازها مسلسلاً تلفزيونيا أو فيلما سينمائياً. وفاز في فئة الرواية غير المنشورة، وقيمة كلّ منها ثلاثون ألف دولار: العراقية ميسلون هادي عن "العرش والجدول"، والمغربي زكريا أبو مارية عن "مزامير الرحيل والعودة"، والأردني جلال برجس عن "أفاعي النار"، والمغربي عبد الجليل الوزاني التهامي عن "امرأة في الظل"، والمصري سامح الجباس عن روايته "حبل قديم وعقدة مشدودة"، التي نالت كذلك جائزة الدراما (مائة ألف دولار).

التحكيم .. وحيثيات غائبة

كان مهمّاً وضرورياً أن يتمّ تعريف موجز بكلّ هذه الأعمال، في كتيّب، مثلاً، يتمّ توزيعه على حضور الحفل وضيوفه والمدعوين للتظاهرة الاحتفالية التكريمية، ولوسائل الإعلام. ما كان سيفيد في الوقوع على انشغالات الرواية العربية في لحظتها الراهنة، وللإطلالة على ما تميّزت به هذه النصوص. وقد غاب عن الحفل أي بيانٍ من لجنة التحكيم، أو القائمين على الجائزة، يوضح الحيثيات والاعتبارات الأدبية والجمالية التي سوّغت فوز هذه النصوص، كما رآها أعضاء لجان التحكيم الذين آثروا هذه الروايات العشر من بين مئتين وست وثلاثين رواية مطبوعة، صدر معظمها في العام 2014، وأربعمائة وخمس وسبعين رواية غير مطبوعة. وهذه أرقام دالة، ظلّ المشرف العام على جائزة كتارا للرواية العربية، خالد السيد، وكذا مدير عام المؤسسة العامة للحي الثقافي ـ كتارا، الدكتور خالد السليطي، يلحّان عليها دليلاً على نجاحٍ مسبّق للجائزة العربية الجديدة التي تقدّمها دولة قطر للرواية العربية. وقد قال السليطي إن "كتارا" لا تنافس أي جائزة أخرى للرواية العربية، ولها طابعها الخاص، وهي مكمّلة لكلّ الجوائز الموجودة على الساحة العربية، ولا تتطلع المؤسسة العامة للحي الثقافي ـ كتارا إلى منافسة أي جهة، وإنما ينصبّ اهتمامها على كيفية دعم الرواية العربية، والجهات التي تعمل على نشر الرواية العربية والأدباء، هواة أكانوا أم محترفين. وإذ أفاد السليطي بأن عدد الروايات التي تنافست على الجائزة "فاق التصور المتوقع"، فإن هذا صحيح، إذ يؤكد انجذاب الروائيين العرب لمسابقةٍ بهذا الوزن الاعتباري والمعنوي والمادي، كما تقدمّ 711 رواية عربية إلى هذا التنافس، أن الشغف بكتابة الرواية صار ظاهرةً ثقافية في الحال العربي، ذات إحالات كاشفة، ويمكن، بقراءتها وتحليلها ودرسها، تشخيص حالة اجتماعية وسياسية عربية معينة.
تمّ إشهار أسماء أعضاء لجان التحكيم، وتمّ تقدير جهدهم في الحفل الذي غاب عنه بعضهم، ومنهم ناقدا السينما والدراما، اللبناني إبراهيم العريس والمصري طارق الشناوي. وكان خالد السيد قد قال لـ"ملحق الثقافة" في "العربي الجديد" إن لجان التحكيم كانت من أربع مستويات: تضمّ الأولى تسعة أعضاء، اختارت ثلاثين رواية منشورة ومثلها غير منشورة، من كلّ الروايات التي تقدّمت للمنافسة. تلتها لجنة ثانية من سبعة أعضاء، اختارت عشرين رواية من كلّ فئة، ثم لجنة ثالثة ضمّت خمسة محكّمين، اختارت الروايات العشر الفائزة، خمس من كل فئة. واختارت لجنة رابعة من ثلاثة أعضاء العملين الفائزين من هذه النصوص الأكثر مناسبة لتحويلهما عملين دراميين.
ومع كلّ الاحترام لهذا الخيار في آلية التحكيم هذه، فإنه يثير جملة أسئلةٍ مشروعةٍ عن وجاهته، وعلميته، إذ إن للجنة الأولى سلطةً كبرى في تصعيد رواياتٍ لترشيحها للفوز، وكذا اللجنة التالية. وإذ لم يتمايز هؤلاء المحكّمون الكثيرون على منصة الاحتفال في لجانهم، فقد كان مثار استغرابٍ أن يكونوا، في معظمهم، من مدرّسي الأدب العربي، القديم والحديث، في جامعة قطر، ما قد يعني أن النزوع الأكاديمي والتعليمي والمدرسي لديهم هو السمت الأوضح في عملهم. ويشار إلى هذا الأمر، بالنظر إلى غياب منجزاتٍ نقدية وبحثية في الرواية العربية، لا سيما في أطوارها الجديدة، لدى عدد منهم، يمكن أن تدلل على كفاءةٍ وأهليةٍ لهم في التعامل مع الحساسية الراهنة للرواية العربية. ولا تعني الإشارة، هنا، إلى هذا الأمر تبخيساً من الأهمية الحيوية لجهود أهل التدريس الجامعي للأدب العربي، في جامعة قطر وغيرها، بل هي للتأكيد على أن لا يهيمن حضورهم على غيرهم من أسماء ذات جهود بارزة في النقد الأدبي، في الحقل الأكاديمي الجامعي وفي خارجه. وكان مبعث استهجان أن يقول محكّمون لـ"ملحق الثقافة" في "العربي الجديد" إن نصوصاً فازت لم يطلعوا عليها، وإن رواياتٍ أخرى تقدّمت للتنافس لم يطالعوها، وإنهم وضعوا نقاطًا متقدّمة لنصوص لم تحظَ بالفوز، ما يعني أن توزيعاً تمّ للأعمال على أعضاء لجان التحكيم، وأن مرجعيةً عليا، غير محددة، كانت لها سلطة الخيارات الأخيرة.
وكان يمكن لبيان يصدر عن لجان التحكيم، يتلوه رئيس مفوّض لها، أو ممثل عنها، أن يؤكد مقادير أعلى من الشفافية والموضوعية في الاختيارات التي جاءت، في معظمها، وللحقّ، محل تقدير عريض، وتردّد أنها وجيهة وفي محلها، كان يمكن لبيانٍ مثل هذا أن يحقّق مرتبة مهمة وضرورية للاطمئنان من ناحية آلية تحكيم أكثر علمية. وإذ أفاد المشرف على جائزة كتارا، خالد السيد، بأن معايير وضعها مختصّون قديرون، تمّ توزيعها على المحكّمين، لتعيين نقاط التميُّز والإجادة في النصوص المتنافسة، فقد كان يحسن أن يصدر مثل ذلك البيان الغائب، وأن يتمّ توزيعه. ولعلّ فريق التنظيم والرعاية والإشراف على الجائزة ينشر، قريباً، إيجازاً عن ذلك كلّه، وييسّر معرفةً ضرورية بمظاهر التميّز والجدّة والابتكار الإبداعي في الروايات العشر التي تفوّقت بها على غيرها. ولعلّ هذا الفريق، وبإشراف من الأستاذين خالد السليطي وخالد السيد، يأخذ بآلية تحكيمٍ مغايرة في الدورات المقبلة، تقوم على اطلاع كل المحكمين على كلّ النصوص المتنافسة، وإنْ بعد غربلةٍ أولى، تستثني الأعمال التي لا تلتزم بالشروط الموضوعة. ومن شأن مثل هذا الأمر أن يحقّق لجائزة كتارا الحصانة المؤكدة، والمناعة الواجبة أمام كلّ انتقادٍ يذهب إلى قضية التحكيم، وهي الأساس لكلّ الجوائز والمنافسات، والتحكيم إنْ نجا من أي انتقاص، فإن التسامح مع أيّ هناتٍ ومواضع تقصير يكون وارداً.
ومؤكد أن لجان التحكيم بذلت مجهوداً كبيراً في مطالعة أزيد من سبعمائة رواية، للوصول إلى عشرٍ فائزة، ومن المهم التنويه بما بذلوه في هذا الخصوص، وقد تقدم كثيرون منهم بتقارير وافية عن كل ما قرأوا، أشبه بمرافعاتٍ نقدية. ومن أعضاء هذه اللجان: فاطمة السويدي (قطر)، محمد لطفي اليوسفي (تونس)، محمد مصطفى (مصر)، حبيب بوغول (الجزائر)، امتنان الصمادي (الأردن)، أحمد حاجي سفر (سورية)، عماد عبد اللطيف (مصر)، عبد الرحمن بوعلي (المغرب)، محمد الشحات (مصر)، إبراهيم السعافين (الأردن)، زهور كرام (المغرب)، معجب العدواني (السعودية)، سعيد يقطين (المغرب)، إبراهيم غلوم (البحرين)، طارق الشناوي (مصر)، إبراهيم العريس (لبنان). ويمكن تقدير أن كثرة الروايات العربية المتنافسة، والوقت الضيق، إلى حدّ ما، أمام المحكّمين، فرض الآلية التي تمّ اعتمادها في الدورة الأولى، وأخذت بتوزيع النصوص على الأعضاء، من دون أن يتمكّن الجميع من مطالعة جميع الأعمال. وإذ قال خالد السيد، في المؤتمر الصحافي الختامي، إن نجاح الدورة الأولى سيكون دافعاً للعمل أكثر من أجل تقديم دوراتٍ أكثر إشعاعاً وتنوعاً لخدمة الرواية العربية، فالمتوقع أن تنظر الدورات المقبلة في آليةٍ للتحكيم مختلفة، لمزيدٍ من الموضوعية والشفافية والمصداقية. وكان في محله قول الروائي، واسيني الأعرج، في المؤتمر الصحافي نفسه، إن الإنجاز الذي تحقّق في تظاهرة جائزة كتارا يجب دعمه من كل العاملين في حقل الكتابة، وخصوصاً أن الأمر يتعلق بالدورة الأولى.

أسماء جديدة

وقد تابع الفعاليات المتنوعة لتظاهرة الجائزة كثيرون من أهل الكتابة، القطريون والمقيمون في قطر وضيوف التظاهرة من عدة بلدان عربية، وكذا المشاركون في اجتماع اللجنة الدائمة للثقافة العربية، الذي استضافته الدوحة، وتوازى مع التظاهرة الاحتفالية بالرواية العربية، وقد عاينوا من أهم مظاهر نجاح هذه البداية لمشروع الجائزة العربية المستجدة حضور أسماء شابّة وجديدة في أفق الكتابة الروائية العربية مع أسماء بارزة ومكرّسة وذات منجز وفير على منصة الاحتفال نفسها، وكذا في المؤتمر الصحافي المشترك، الذي كان مناسبةً لتعريف هؤلاء بأنفسهم، وبنصوصهم الفائزة للجمهور. ومنهم الشابة البحرينية، منيرة سوار، التي أنجزت روايتها في محترف الروائية اللبنانية، نجوى بركات، في العام 2014، وأصدرتها دار الآداب في بيروت. وقالت إنها كانت تخشى أن يتوه عملها، الثالث لها، وسط الأعمال الروائية الكثيرة المتنافسة. وأبدى الأردني جلال برجس والمغربيان عبد الجليل الوزاني التهامي وزكريا أبو مارية والمصري سامح الجباس بهجتهم بفوز نصوصهم، الأمر الذي يوفر لها شهرة ومقروئية لدى نشرها الذي ستتولاه المؤسسة العامة للحي الثقافي ـ كتارا، عدا عن الترجمة إلى خمس لغات، فضلاً عن تحويل رواية الجباس إلى عمل درامي، ما سيمثل فرصة استثنائية له. وأضاءت الروائية المعروفة، ميسلون هادي، على روايتها الفائزة، وغير المنشورة، "العرش والجدول"، وقالت إن موضوعها ينهض على قصّة حبّ، ويطلّ على ثلاثة عقود في العراق، من 1977 إلى 2007.
وبشأن رواية "مملكة الفراشة" التي فازت بجائزة الدراما، وكانت قد صدرت في 2013 عن دار الصدى في دبي، ثم عن دار الآداب في بيروت، فإنها تتطلّب جهداً خاصاً لذلك، بالنظر إلى توزع الأحداث والوقائع فيها في بنيةٍ غير كلاسيكية، تقوم على سرد راوية أنثى عن هذه الوقائع التي تحيل إلى ما بعد انتهاء ما يسميها واسيني الأعرج، الحرب الأهلية في الجزائر، في سنوات العنف والإرهاب العشر. وقد قال إن المخرج هو من يتولى العمل التلفزيوني أو السينمائي، وهو صاحب كيان مستقل، وصاحب نظرة فنية للعمل الأدبي.

مشروع فريد

وإلى مسألة تكريم الرواية العربية بالجوائز، ثمّة التكريم الأشمل، الذي يتبدّى في المشروع الكبير الذي تنهض به المؤسسة العامة للحي الثقافي ـ كتارا في الدوحة، وهو مشروعٌ إذا ما تم المضيّ فيه بكفاءة، فسيكون رصيداً كبيراً ومنجزاً بالغ الحيوية، تقدّمه دولة قطر للثقافة العربية. ومن تفاصيله إقامة مركز للرواية العربية في حي كتارا في الدوحة، تتوفر فيه الروايات العربية، وستتم أرشفتها بكيفية علمية. وقد تم توفير معظم الإصدارات الروائية منذ العام 1937، وسيتم إنجاز دليل إلكتروني لها، وإتاحة الأرشيف للقراء على شبكة الإنترنت، ما أن يكتمل إنجازه. ويعد المركز فريداً على مستوى المنطقة، من حيث تخصّصه في الرواية العربية، إضافة إلى ما يقدّمه من خدمة للروائيين الشباب والكبار. وهو يشمل مكتبة تضمّ مجموعة من الروايات الحديثة والقديمة، وأفلاماً عربية مقتبسة من روايات مشهورة، والمكتبة الآن قيد التطوير المستمر. ويحتوي المركز على معرض صور لروائيين عرب شهيرين، إلى جانب مركز للتدريب وورش عمل متخصّصة، في مجال كتابة الرواية، سيستفيد منه مشروع طلائع كتارا العربية في المرحلة المقبلة.
وإلى افتتاح المركز، وضمن فعاليات التظاهرة، عقدت ثلاث ندوات، شارك فيها باحثون ونقّاد أدب ودارسون، عن راهن الرواية العربية وآفاقها، وممكنات التجريب فيها. كما تمّ تدشين طابع كتارا للرواية العربية الذي صدر بالتعاون بين كتارا والشركة القطرية للخدمات القطرية البريدية، وتميّز بتصميمه من حيث الشكل الفني والهوية البصرية، وتمت طباعة أربعين ألفاً منه. وضمن فعاليات التظاهرة الكبرى، افتتح معرض الروائيين القطريين، يضم لوحات تحمل أسماءهم وصورهم، وصدر كتيّب توثيقي في هذا الخصوص.
ويبقى الرهان قوياً على نجاح هذا المشروع الواعد، الذي يحتاج إلى اعتناء كبير وجاد، إذ من شأنه أن يساهم في لملمة شتات الرواية العربية، وأن يمثّل منصة مهمة عند دراسة راهن المتن الروائي العربي وماضيه، كما أنه يعد تكريماً خاصاً للرواية العربية، يفي بشعار "للرواية حقّ التكريم" الذي اختير عنواناً لتظاهرة جائزة كتارا في دورتها الأولى التي حفلت بالكثير من الإيجابي، وشابتها مقادير من السلبي، وإذا كان المشرف على الجائزة، خالد السيد، قد أعطى نسبة نجاح التظاهرة نحو ستين بالمائة أو سبعين بالمائة، فالمأمول أن تتمّ معالجة الثغرات البادية، على صعيد آلية التحكيم خصوصاً، في الدورات المقبلة لهذه الجائزة الكبرى، التي ليس لائقاً بها أن تظلّ موضوع مقارنة مع جوائز أخرى، وأن يُحسب فوز بعض من نالوها، الأسبوع الماضي، فعلًا انتقاميًا من جوائز أخرى لم يحظوا بها، فالأدعى للانتباه، والأولى بالنظر، بهجة قراءة الرواية التي تيسّر المتعة والجاذبية والإبداع والاقتدار، ولعلّ في النصوص غير المنشورة التي فازت بجوائز كتارا كثيراً من هذا كلّه، ننتظر نشرها لنقرأ، وقد قرأنا روايات منشورة مبهجة، فازت بالجائزة، وأخرى فازت بجوائز عربية أيضاً.

المساهمون