عندما كان المسبار كاسيني يرسل صوراً لكوكب المريخ، كان النقاش السائد في الجزائر عمن هم "أهل السنّة والجماعة" ومن هم خارجها، ومن هم أحق بـ"الإسلام الصحيح" من "الإسلام المغشوش"، ومن هي الجماعة السوية من الجماعات الضالة. وعندما انتبه الجزائريون، وجدوا أن المأزق ليس في ذلك كله، ولكن المأزق في كيس الحليب المفقود ووباء الحصبة الذي عاد من زمن الفقر وشرور أخرى.
نعم، جزء من النقاش الحاضر في الجزائر هو هذا الذي يخوض فيه شيوخ الوهابية والزوايا الطرقية وتخوض فيه الحكومة بجلالة قدرها، وهي التي تورطت في صنع، من حيث تدري أو لا تدري، هذا الواقع الفكري الذي يأخذ المجتمع بعيداً عن اهتماماته، والمؤسس لمنتجات التشدد والتطرف، والكسل الذي يبيع الوهم على رصيف ديني من جهة أخرى.
يقع الجزائريون بين السلفية الوهابية التي انتهت انشغالات علمائها، فانبرت تحرم "الزلابية"، والزلابية حلوى يصنعها الجزائريون في شهر رمضان، وبين الزوايا الطرقية التي عبثت بالدين واستدعت في مراقد الأولياء طقوساً وتقاليد بالية، وأغرقت مجتمعات محلية في براثن الفكر الذي يستند للغيب. ووسط ذلك، كانت السلطة تلعب لعبتها السياسية، تضرب هذا بذاك، وتصادم الطرقية بالوهابية، والوهابية بالتنظيمات الحركية، لتحمي جدارها، تماماً كما كان يفعل الاستعمار الفرنسي الذي استغل الكثير من الزوايا الطرقية لتنويم الجزائريين، حتى بات الاستعمار في نظر هذه الزوايا "قضاء وقدراً لا تجب محاربته".
يعلم الجزائريون أن السلطة التي تحفزت للتضييق على رأي لا يوافق الرؤية الرسمية، ومصادرة كتاب يحكي رواية أخرى غير الرسمية، وتحمّست لمنع محاضرة معارض، وجيّشت الشرطة لقمع مظاهرة للأطباء أو الطلبة، ما كانت لتتساهل مع السلفية الوهابية والزوايا الطرقية، إلا لأن الأولى (السلفية الوهابية) تُحرّم "الخروج عن ولي الأمر وتقضي بطاعته والصبر عليه وتعتبر التظاهر والإضرابات من المنكرات والفتن"، والثانية (الزوايا الطرقية) تدعم الحكومة ووزراءها وتناشد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الترشح لولاية رئاسية خامسة في انتخابات 2019.
ما زال طريق الجزائريين طويلاً، طالما أن النخب الفكرية والثقافية والسياسية، حاولت ولم تنتصر بعد على الفكر الوهابي وعلى الفكر الطرقي، الذي حوّل الزوايا إلى أماكن لبيع صكوك الغفران، ولم تجد المنفذ لفضح اللعبة القذرة للسلطة والنظام.
نعم، جزء من النقاش الحاضر في الجزائر هو هذا الذي يخوض فيه شيوخ الوهابية والزوايا الطرقية وتخوض فيه الحكومة بجلالة قدرها، وهي التي تورطت في صنع، من حيث تدري أو لا تدري، هذا الواقع الفكري الذي يأخذ المجتمع بعيداً عن اهتماماته، والمؤسس لمنتجات التشدد والتطرف، والكسل الذي يبيع الوهم على رصيف ديني من جهة أخرى.
يقع الجزائريون بين السلفية الوهابية التي انتهت انشغالات علمائها، فانبرت تحرم "الزلابية"، والزلابية حلوى يصنعها الجزائريون في شهر رمضان، وبين الزوايا الطرقية التي عبثت بالدين واستدعت في مراقد الأولياء طقوساً وتقاليد بالية، وأغرقت مجتمعات محلية في براثن الفكر الذي يستند للغيب. ووسط ذلك، كانت السلطة تلعب لعبتها السياسية، تضرب هذا بذاك، وتصادم الطرقية بالوهابية، والوهابية بالتنظيمات الحركية، لتحمي جدارها، تماماً كما كان يفعل الاستعمار الفرنسي الذي استغل الكثير من الزوايا الطرقية لتنويم الجزائريين، حتى بات الاستعمار في نظر هذه الزوايا "قضاء وقدراً لا تجب محاربته".
يعلم الجزائريون أن السلطة التي تحفزت للتضييق على رأي لا يوافق الرؤية الرسمية، ومصادرة كتاب يحكي رواية أخرى غير الرسمية، وتحمّست لمنع محاضرة معارض، وجيّشت الشرطة لقمع مظاهرة للأطباء أو الطلبة، ما كانت لتتساهل مع السلفية الوهابية والزوايا الطرقية، إلا لأن الأولى (السلفية الوهابية) تُحرّم "الخروج عن ولي الأمر وتقضي بطاعته والصبر عليه وتعتبر التظاهر والإضرابات من المنكرات والفتن"، والثانية (الزوايا الطرقية) تدعم الحكومة ووزراءها وتناشد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الترشح لولاية رئاسية خامسة في انتخابات 2019.
ما زال طريق الجزائريين طويلاً، طالما أن النخب الفكرية والثقافية والسياسية، حاولت ولم تنتصر بعد على الفكر الوهابي وعلى الفكر الطرقي، الذي حوّل الزوايا إلى أماكن لبيع صكوك الغفران، ولم تجد المنفذ لفضح اللعبة القذرة للسلطة والنظام.