صالونات التجميل اللبنانية... قهر للعمال واستغلال للأطفال

صالونات التجميل اللبنانية... قهر للعمال واستغلال للأطفال

27 يوليو 2016
في صالون لبناني للتصفيف والتجميل (مروان نعماني/ فرانس برس)
+ الخط -
لم تعد مهنة الحلاقة وتصفيف الشعر تقتصر علی بعض المحال الصغيرة في لبنان، وإنما تحوّلت إلى محال ضخمة وكبيرة يعتمد أصحابها على التسويق والشهرة ومواكبة أبرز صيحات الموضة العالمية. ولم يعد دورها يُختصر بقص الشعر والتصفيف بل صار للمهنة وجوه متنوعة، من "المكياج"، مروراً بتقليم الأظافر، وصولاً إلی التدليك (المساج) والعناية بالجسم والبشرة. ويحقّق هذا القطاع الذي يضم آلاف العاملين والعاملات، عائداً كبيراً لأصحاب المحال، فيما يعاني عمّاله أسوأ أنواع الاستغلال، بحسب عدد من الشهادات. 

تقول خلود، وهي تعمل في صالون في بيروت، إنها بدأت عملها في هذا المجال قبل 11 عاماً، وعانت كثيراً حتی باتت تصفّف وتصبغ الشعر. وتسترسل شارحة لـ"العربي الجديد"، إن بداية امتهانها التصفيف كانت صعبة جداً، حيث عملت مجاناً لمدّة تجاوزت عشرة أشهر بحجة أنها في فترة تدريب، وبعدها تطور دورها نحو غسيل الشعر فقط، براتب لا يتعدی الـ150 دولاراً أميركياً. بعد أكثر من ثلاث سنوات أصبحت خلود تقوم بكل الأمور من تصفيف وتزيين، وهي اليوم تتلقی راتباً لا يتخطی الـ600 دولار، بالإضافة إلى بعض "الزيادات" التي تحصل عليها عند بذل مجهود كبير.
علي، شابٌ في الـ24 يعمل في ضاحية بيروت الجنوبية لدی أحد أشهر المحال التي يصفها صاحبها بأنها أكاديمية. دخل علي هذا المجال لعدم قدرته علی متابعة الدراسة قبل نحو ست سنوات. يقول علي لـ"العربي الجديد"، إنه عانى كثيراً قبل دخوله الأكاديمية. فبعد عمله في أحد المحال الصغيرة لسنتين ساعده أحد أقربائه بـ"واسطة" أهّلته للدخول إلی الأكاديمية.

يضم المحل عدداً كبيراً من العمال، بين إناث وذكور، وفق علي، يعمل معظهم براتب زهيد جداً لا يكاد يكفي تكاليف النقل، والحجة هنا أن الراتب القليل يقابله "التعليم"،
فبحسب صاحب المحل "من يعمل هنا يستفيد ويحمل مهنة تنتج له كثيراً"، وإذ يرفض الحديث عن أي زيادة على الراتب يردد دائماً "من لا يعجبه الراتب فلينصرف".
سناء، زميلة علي، التي تعاني كبقية زملائها، تبتسم قائلة، إنها تحب هذه المهنة كثيراً. وتوضح أنها حاولت الدخول إلی الأكاديمية، لكن الأسعار خيالية مما جعلها مجبرة علی التعلم من خلال العمل الشاق والساعات الطويلة.

بدوره، يقول بهيج، والذي يبدو خبيراً بهموم العاملين في القطاع، إنها من أسوأ المهن في البلد من حيث الحقوق. يتحدث بهيج عن بداياته في "المصلحة" كبقية زملائه، شارحاً أنه "عمل لدی العديد من المؤسسات الكبيرة بدوام يجعلك عبداً لعملك، فلا مجال للتنفس ورؤية العائلة والأصدقاء في ظل العمل لأكثر من عشر ساعات يومياً، وفيما لا تزيد أيام العطلة عن يومين في الشهر فقط يستثنى منها السبت والأحد، حيث تكون العطلة في منتصف الأسبوع وحيث الأصدقاء والأهل في أعمالهم".

يغيب التنظيم النقابي عن هذه المهنة، وفق بهيج، وطبعاً يغيب الضمان الاجتماعي، "فالمؤسسات لا تصرح للضمان عن العاملين والعاملات، باستثناء قلة قليلة من العمال ترتبط بعلاقة قرابة أو صداقة مع أصحاب العمل".
ويضيف بهيج أن "العامل يعاني سنوات حتى يرتقي لمستوى نيل حصة، عبارة عن نسبة علی كل مهمة يقوم بها، أكانت مهمة قص أو صبغ أو غيرها. مشيراً إلى أنه لا يحصل علی هذه النسبة على الرغم من انخفاضها إلا بعد أن يحصل المحل علی حصته المطلوبة".

حالة عماد تختلف عن كثير من زملائه، فهرباً من تسلط أصحاب الصالونات في لبنان، هاجر سنواتٍ، ليعود برأسمال كافٍ ويفتح محلاً صغيراً شعبياً، "يشبهه ولا يشبه بقية المحلات التي تستغل العمال والعاملات".

بالإضافة إلى ما تقدم، تستخدم محال الحلاقة، الشعبية منها تحديداً، العمّال الصغار في السن وتعتمد عليهم في مهمات كثيرة، كتنظيف المحل مروراً بغسيل شعر الزبائن وصولاً إلى فتح وإغلاق المحل.
وغالباً ما يكون هؤلاء دون الخامسة عشرة وأحياناً من المقيمين السوريين في لبنان.
في منطقة وطی المصيطبة، في بيروت، يقول طفل سوري يعمل في صالون للحلاقة، إنه "سعيد" في عمله. فـ"المعلم" يعطيه 50 دولاراً في الأسبوع، وهو يتعلم مصلحة، ويساعد عائلته في مصروف المنزل. أمّا صاحب المحل فيشكو الإيجار العالي للمحل، فضلاً عن مصروف الكهرباء وقلة العمل، ما يدفعه إلی استقدام عامل صغير في السن براتب هزيل.

يشرح أمين سرّ المركز اللبناني للتدريب النقابي، أديب أبو حبيب، أن العاملين في هذا القطاع يتعرضون لمظلومية كبيرة، من دون أن ينالوا حقوقهم الأساسية.

ويشير إلى أن في الماضي كان هناك نقابة تسمی نقابة الحلاقين، وبدأ دورها يتراجع عبر الزمن، واليوم هي غير فاعلة. ويضيف أنه من حق أي عامل لأي قطاع انتمی، بمجرّد قيامه بعمله، أن ينتسب إلی الضمان الاجتماعي، لافتاً، أيضاً، إلى أن الضمان لا يعترف براتب أقل من الحد الأدنی للأجور، ما يلزم صاحب العمل بإعطاء العامل حقوقه.
ويختم أبو حبيب القول: "إنه من غير المقبول عدم إعطاء الموظفين حقوقهم، مطالباً إياهم بإعلاء صوتهم كي يصل للضمان الاجتماعي، العمل على التجمع في إطار يؤسسون من خلاله نقابة يدافعون من خلالها عن حقوقهم ويرفضون الاستغلال الذي يتعرضون له".

المساهمون