شباب غزة يهربون الى الحب "الإلكتروني"

شباب غزة يهربون الى الحب "الإلكتروني"

18 مارس 2014
+ الخط -

 يلجأ بعض الفلسطينيين إلى التعارف من خلال الإنترنت، هرباً من تقاليد مجتمعهم الذي لم يتقبل حتى اليوم العلاقة بين المرأة والرجل خارج إطارها التقليدي. يجدون في العالم الافتراضي متنفساً لطالما افتقدوه في يومياتهم. قرّب الانترنت بين البعض، حتى قادهم إلى الزواج، فيما كان نذير شؤمٍ بالنسبة لآخرين.

مضى على زواج ميسون سنوات عدة. صحيح أن قصة الحب التي جمعتها وشريكها سلكت المسار التقليدي المتمثّل بالزواج، إلا أن بداية تعارفهما كانت مختلفة تماماً، ومواكبة للحداثة.

تعرفت على زوجها خلال مشاركتها بأحد المنتديات على الانترنت. جذبها بـ"شخصيته القوية وقدرته على الإقناع". تحن اليوم إلى نقاشاتهما التي نمّت بداخلها مشاعر قوية حياله، لم تستطع تجاهلها، وخصوصاً أنه بادلها المشاعر عينها. تقول: "لم يمرّ وقت طويل قبل أن يتقدم لخطبتي بطريقة تقليدية بحتة خشية معارضة الأهل"، لافتة إلى أن "المجتمع الفلسطيني يرفض هذه العلاقات بين المرأة والرجل، ويعتبرها من المحرمات".

إلا أن ميسون لا تنفي أن هواجس كثيرة كانت تطاردها خلال فترة تعارفهما. كانت تخشى "ألا يكون صادقاً، وخصوصاً أن الكثيرين يسيئون استخدام الانترنت".

ثنائي آخر ساهم الانترنت في إلغاء المسافات بينهما، وجمعهما في بيت واحد. على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، لفت خالد الذي يقطن في قطاع غزة، فتاة تُدعى خالدة تعيش في دولة الإمارات، وتحمل اسم عائلته. تعارفا، وتحوّل الإعجاب الذي تبادلاه سريعاً إلى حب، قبل أن يكتشفا أنهما قريبان.

يعرب خالد عن سعادته لاقترانه بقريبته، مؤكداً أن خيار الزواج نبع من إعجابه بشخصيتها وثقتها بنفسها. ويرى أن "الانترنت يتيح التعرف على الشريك بشكل أكبر، وخصوصاً أن الشباب يكونون أكثر جرأة، في ظل ثقافة العيب التي تطغى على المجتمع".

لم يكن الانترنت فاعل خير دائماً، فكان له دوره في تدمير بعض الأسر. هكذا يُحمّل البعض التكنولوجيا مسؤولية انجرارهم إليها إلى حدّ الإدمان، من دون أن يلوموا أنفسهم. تقول دعاء، وهي أم لخمسة أطفال، إن مكوث زوجها الطويل على الانترنت بعد توقفه عن العمل إثر سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة أدى بهما إلى الطلاق في نهاية المطاف. وتلفت إلى أنه كان يغضب كثيراً حين تتعطل الخدمة أو ينقطع التيار الكهربائي. تحوّل زوجها إلى مدمنٍ ما أدى إلى تغير سلوكه حتى باتت حياتهما سوية مستحيلة. 

تقول المعالجة النفسية في "برنامج غزة للصحة النفسية" ختام أبو شوارب إن "مجال الكذب أوسع على الانترنت بالمقارنة مع الواقع"، لافتة إلى أن "مواقع الدردشة والتعارف على الانترنت كانت سبباً في الكثير من الإشكاليات، وأحياناً الانفصال، الناتجة بمعظمها عن الخداع وايهام الآخر بالحب. الأمر الذي دفع بالكثيرين إلى اللجوء للعلاج النفسي". 

وتشير أبو شوارب إلى أن "الشباب في قطاع غزة يلجؤون إلى الانترنت بسبب الفقر والبطالة وقلة فرص العمل، بعكس الفتيات اللواتي يبحثن من خلاله عن شريك حياتهن"، محملة المجتمع "مسؤولية دفعهن إلى هذا الخيار في ظل القيود المفروضة على العلاقات العاطفية في المجتمع الغزي، إضافة إلى اعتبار الفتاة التي تخطت الـ 25 مهددة وقد فاتها قطار الزواج، فتمارس عليها ضغوط نفسية". هكذا يقود المجتمع الغزي شبابه إلى خيارات لا يحبذونها بالضرورة.

 

دلالات

المساهمون