سيناء والإرهاب

06 فبراير 2015
+ الخط -

نسأل الله الرحمة والمغفرة لكل شهداء مصر، وشبابها ورجالها ونسائها، في كل زمان ومكان، ونسأله، سبحانه، أن يدخلهم الجنة، ويجعلها مستقرهم ومثواهم. "ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً، بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم، ألاّ خوف عليهم، ولا هم يحزنون"، صدق الله العظيم، (آل عمران 169-170).
بدأت العمليات الإرهابية في سيناء، منذ سبعينات القرن الماضي، وقت حكم أنور السادات واستمرت في عهد حسني مبارك، وكذلك في عهد محمد مرسي (المتهم بمساندته) والسيسي (المهتم بمحاربته)، وبالتالي، الإرهاب في سيناء لم يتوقف، ولم يرتبط بحكم القاهرة، سواء كان متهماً به، أو مهتماً بالقضاء عليه. ولكن، تختلف عملياته، وتتنوع بين فترة وأخرى، وعلى سبيل المثال، وفي الفترة الأخيرة، بعد يناير/ كانون الثاني 2011، في أثناء حكم مرسي، تركز الإرهاب في تفجير خط الغاز، وعملية قتل واحدة للجنود، بينما في حكم السيسي تتركز الاعتداءات على قوات الجيش. والعملية الأخيرة في العريش والشيخ زويد تثير تساؤلات كثيرة، ونتوقف أمام تساؤلين.
قال الفريق عبد الفتاح السيسي (يوم أن كان وزيراً للدفاع)، تعليقاً على الإرهاب، ومخاطباً المصريين: "انت متصوّر في مشكلة أروح محاصر الشيخ زويد ورفح، ومطلّع السكان برّه، وأروح مفجر المباني، مش مشكلة أعمل كده... بس، في الآخر، إنت بتشكل عدو ضدك، وضد بلدك، لأن بقى في تار بينك وبينه". هذا ما قاله نصاً، قبل أن يتولى الحكم، وعندما تولاه، وبعد "كرم القواديس"، فعل ما كان يحذر منه ويرفضه، لماذا؟ كل ما كان يرفضه، قبل توليه الحكم، سمح به بعدما تولاه. تهجير السكان وتدمير المباني وتجريف أشجار الزيتون... إلخ. ومن المعروف أن أرض سيناء جبلية وعرة، ولا يمكنك محاربة الجماعات المسلحة فيها، بدون مساندة ودعم ومعلومات من أهل سيناء أنفسهم، فلماذا، كما قال، تتم إثارة غضبهم وسخطهم، ويوجد ثأر بينهم وبين الجيش؟
السؤال الثاني: أثبتت العملية الأخيرة أن الأسلحة التي استخدمتها الجماعات الإرهابية لم تكن مدفعاً رشاشاً، وقنابل بدائية، أو "مولوتوف"، بل كانت صواريخ وأسلحة ثقيلة، وبكميات ليست قليلة، فكيف وصل كل هذا إلى الجماعات الإرهابية؟
بعد هدم الأنفاق، وإنشاء المنطقة العازلة، يستحيل أن يتم تهريب هذه الأسلحة من الحدود الشرقية. وبالتالي، فلا يتبقى إلا الحدود الغربية، حيث ليبيا والوضع غير المستقر والجماعات المسلحة هناك متعددة، ويمكن أن يتم تهريب السلاح عن طريقها، وكذلك الحدود الجنوبية، وسواء كان التهريب من الغرب، أو الجنوب، فالسؤال كيف تم نقل هذه الأسلحة مسافة حوالي 1000 كلم داخل الأراضي المصرية، لتصل إلى سيناء؟ وكما ذكرت، فالأسلحة ثقيلة، وصواريخ لا يمكن إخفاؤها بسهولة، فكيف تم هذا من دون أن يتم ضبطها والقضاء على المهربين والمجرمين؟
هناك تساؤلات كثيرة، كيف تم اختراق المنطقة الأكثر تأميناً وحراسة؟ ما هي العلاقة بين المعارضة في القاهرة والإرهاب في سيناء؟ ما هو الدور الخارجي؟... إلخ. أتمنى أن تتاح الفرصة لمناقشتها في مقالات تالية، وإن كان الزمن كفيلاً بالإجابة عليها.
اللهم احفظ مصر وأهلها ونساءها ورجالها وشبابها من كل مكروه.


 

795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
محمد لطفي (مصر)
محمد لطفي (مصر)