سرقة فلسطين.. نشاط إسرائيلي متواصل لنهب الأرض والتاريخ والأركيولوجيا

سرقة فلسطين.. نشاط إسرائيلي متواصل لنهب الأرض والتاريخ والأركيولوجيا

14 يوليو 2015
الكيان تحوّل إلى مركز دولي للتجارة غير القانونية(مأمون وظوظ/الأناضول)
+ الخط -
لم تترك الحركة الصهيونية باباً يمكنها توظيفه في خدمتها إلا وطرقته، تنهل منه كل ما يمكن أن يخدم أساطيرها اللاهوتية لتبرير سرقة فلسطين، وقد كتب كثيرون عن عمليات التزوير للتاريخ وللآثار خاصة بعد النكبة وتفرّد كيان الاحتلال الإسرائيلي في عمليات التنقيب عن الآثار، وتشويه حقيقة وحقائق ما تم العثور عليه، وفرض الهوية اليهودية عليه بأثر رجعي.
وكما فعلت في السنوات الأولى بعد النكبة، فإنها نشطت بقوة أكبر بعد السنوات الأولى لاحتلال الضفة الغربية المحتلة والقدس عام 1967، في سباق مع الزمن بحثاً عن "آثار مملكة يهودا وآثار المكابيين"، وغيرهم، وكرست ذلك بالاستعانة بأسماء توراتية أسقطتها على المستوطنات التي أقامتها في شتى أنحاء الضفة المحتلة. وتكررت مشاهد "الإسرائيليين" في الرحلات في "أحضان الطبيعة" لاقتفاء آثار الأنبياء اليهود، بنفس المشاهد التي كان طالعها الفلسطينيون في الداخل في العقود الأولى للنكبة، ومثلما فاخرت إسرائيل بسرقة الأرض والوطن، تفاخر وزير أمنها (الدفاع)، موشيه ديان، ليس بحبه للآثار فقط بل وبسرقاته للآثار التي كان يقوم بالبحث عنها مستعيناً بجنوده، ومسخّراً جيش الاحتلال لنقل المسروقات إلى بيته الذي حوّله لمتحف يعج مثلاً بالآثار المصرية التي سرقها من رفح وسيناء.

وبطبيعة الحال كان "العقل والأكاديميا" الإسرائيلية السلاح الأول والجندي الأول في معركة تطويب الأرض المسروقة والتاريخ المزيف، لكن أكاديمية العلوم الإسرائيلية خرجت، أمس، بتقرير جديد تقر فيه بما كان معروفاً للقاصي قبل الداني، أن علم الآثار الإسرائيلي لم يكن أكثر من أداة لتحقيق الأهداف السياسية، لكن تقرير المؤسسات الأكاديمية يقصر التزوير والتزييف على ما يحدث في الضفة المحتلة، حيث تتحول بتير الفلسطينية إلى بيتار عاصمة المكابيين، مثلاً ولا يتطرق بكلمة واحدة لسرقة الآثار الفلسطينية على مر السنوات، داخل فلسطين المحتلة عام 48، أو مصادرتها وتحويلها لخزائن الكيان ومتاحفه.
ويقول التقرير، الذي نشرته هآرتس قبل أيام، إن أكاديمية العلوم الإسرائيلية "تنتقد التوظيف السياسي لعلم الآثار وتحول إسرائيل إلى مركز للتجارة غير القانونية وغير الشرعية للموجودات الأثرية". والتقرير هو ثمرة لقاءات واسعة مع علماء آثار إسرائيليين من مختلف الجامعات الإسرائيلية وسلطات الآثار الإسرائيلية، وتم خلال إعداده فحص مناهج التعليم الإسرائيلية في الجامعات ومساقات تدريس الأركيولوجيا، وحملات التنقيب التي قامت بها سلطة الآثار الإسرائيلية على مر السنين.
ومع أن التقرير لا ينتقد أي من حملات التنقيب التي جرت حصرياً تحت سمع وبصر الإسرائيليين بشكل عام، إلا أنه يبرز رفض ومقاطعة مدير جمعية إلعاد الاستيطانية لقاء أعضاء اللجنة التي أصدرت التقرير، وما تبيّن من ضلوع اعتبرته اللجنة غير مسبوق للجمعية الاستيطانية في عمليات التنقيب عن الآثار في القدس المحتلة، وخاصة أن الجمعية تنشط أساساً في تهويد القدس، وتركز جل نشاطها على قرية سلوان في القدس المحتلة، جنوبي المسجد الأقصى، من جهة، وتدير ما تسميه سلطات الاحتلال بالحديقة التوراتية، مدينة داوود. ووفقاً للاتفاق بين الجمعية المذكورة وبين سلطة الآثار الإسرائيلية، فقد سمح للأخيرة بالقيام بعدة حملات تنقيب تاريخية من أهم الحملات وأكبرها، بحسب اللجنة.
وقد انتقدت اللجنة الإسرائيلية، هذه المرة، منح جمعية كجمعية إلعاد، ذات الميول والأهداف السياسية الواضحة، حقوق إدارة المكان وتنفيذ عمليات تنقيب أثرية، وتحديد مسار الزوار للموقع الأثري وعرضه على الجمهور وسط تجاهل مطبق من السكان العرب وحضورهم في المكان.
كما بيّن التقرير أن الاحتلال استغل الادعاءات بأهمية المحافظة على الآثار كمبرر سياسي كاذب لمنع تطوير البناء بين قريتي العيساوية والطور قرب الجامعة العبرية على جبل المشارف بدعوى وجود حديقة تاريخية وأثرية يمس تطوير البناء في المكان بها. كما أن سلطات الاحتلال تهتم فقط بتطوير الحدائق والمواقع الأثرية والتاريخية "اليهودية" أو تلك التي يغلب عليها الطابع اليهودي دن أن تبذل جهداً أياً كان لتطوير مواقع أثرية غير يهودية.
وفي السياق نفسه، أقرت اللجنة المذكورة أن إسرائيل هي "الدولة الوحيدة في المنطقة التي تتيح التجارة بالآثار، وإنها تحولت في واقع الحال إلى مركز دولي للتجارة غير القانونية بالآثار وغسيل الأموال.

المساهمون