سراب المدارس العراقية

سراب المدارس العراقية

08 يناير 2016
يشغل النازحون ما لا يقل عن 1700 مدرسة (الأناضول)
+ الخط -

كان نصيب التعليم من فضائح العراق وافراً، وتبيّن من خلال تصريحات برلمانيين أن ملايين الدولارات دُفعت من موازنة البلاد في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي لبناء مدارس، تبيّن أنها مجرد سراب في صحراء الفضائح المترامية. لم تقتصر الاتهامات على المالكي فقط، بل طاولت وزارتي التعليم والإسكان ومجالس المحافظات وغيرها من جهات رسمية.
فما هي الوقائع التي دفعت الأوضاع إلى هذه الوجهة؟

أولاً من باب الوقائع نشير إلى تباين التقديرات بشأن المدارس المدمّرة والمتضرّرة، ولكنها تتألف من عدة آلاف، تتراوح بين مدارس مدمرة كلياً ومتضررة جزئياً. أكثر من ذلك، المناطق التي استعادتها السلطة المركزية تبيّن أن مدارسها قد سوّيت بالأرض وباتت بحاجة إلى البناء مجددا أو الترميم الكامل للبعض. وسط هذا النقص في عدد المدارس جرى اعتماد مقطورات للتعليم أمكن الحصول عليها من الأونيسكو. يضاف إلى العدد المدمّر إشغال النازحين ما لا يقل عن 1700 مدرسة. وبالطبع فالمدارس التي يشغلها النازحون حتى ولو أخليت من ساكنيها بحاجة الى إعادة ترميم وتجهيز كاملة. والرقم المتداول حول المدارس التي تم تأهيلها بلغ ما يزيد عن خمسة آلاف مدرسة بموجب البيانات الرسمية.

باختصار، التقديرات تشير إلى حاجة العراق إلى ما لا يقل عن عشرة آلاف مدرسة بالتمام والكمال. وفي دول الفساد العربي تتحوّل المأساة دائماً إلى مزراب ذهب للمنتفعين واللصوص، لذلك كانت العقود والمشاريع التي تحوّلت إلى استنزاف للعراق وللتربية ولمؤسسات يفترض أنها تُبنى من أجل مصلحة أجيال لا تحتمل التأجيل والتلاعب.

ما حدث هو العكس تماماً وتم نهب الأموال وتبديدها. على خلفية هذا الواقع تعمل أكثر مدارس العراق على مبدأ الدوامين. وبلغ الأمر ببعض المدارس أنها تعمل بثلاثة دوامات. ومن المعروف تربوياً أن قدرة الاستيعاب في الدوام الصباحي مختلفة عن دوام بعد الظهر فكيف بالدوام المسائي، ولاسيما وسط غرف يصل تعداد تلامذتها إلى 80 في الصف الواحد؟

مع ذلك، فقد بدأ العام الدراسي في موعده السنوي تقريباً. ولكن هذا لا يعني انتظام الأوضاع التعليمية، بل هو يعني في الكثير من الأحيان مجرد إجراء شكلي، إذ كثيراً ما يتم استعمال مدارس آيلة الى السقوط.

في مثل هذه الأوضاع يتوجّه تلامذة العراق الى مدارس مهددة بالسقوط، وتفتقر حتى الجديدة منها إلى التجهيزات المناسبة. وبالتأكيد وسط نقص وتراجع في مستوى الكادر التعليمي بعد ما عانته كليات التربية من معضلات لا يمكن حلّها في مثل الأوضاع القائمة حاليا.

يبقى السؤال المطروح هو التالي: كم يتعلّم تلامذة العراق وما هي نتائج ونوعية التعليم الذي يحصلون عليه؟

*أستاذ في كلية التربية – الجامعة اللبنانية

اقرأ أيضاً: عراق الفوضى الأهلية

المساهمون