سائقو التاكسي بالمغرب بلا تأمين صحي ومعاش

سائقو التاكسي بالمغرب بلا تأمين صحي ومعاش

03 يونيو 2015
مهنة سائق الأجرة تساهم في حل البطالة (فرانس برس)
+ الخط -
قبل ستة أشهر حصل على رخصة لسياقة سيارة أجرة "تاكسي" شاب في الخامسة والعشرين من العمر، يبدو أنه حريص على أناقته ما ينعكس على سيارته التي يعتني بها كثيراً.
يؤكد أنه اختار هذه المهنة، بعدما ضاقت به السبل، هو الذي لم يتم دراسته الثانوية. كان التاكسي الحل الوحيد لخالد المزابي، كي ينتشله من البطالة، التي تنتشر بشكل كبير بين من هم في سنّه.
وتشير آخر البيانات التي نشرتها المندوبية السامية للتخطيط، إلى أن 62.9% من الشباب الذي تتراوح أعمارهم بين 15و29 عاماً يعانون من البطالة في الربع الأول من العام الجاري. هذا يعني أن 700 ألف من العاطلين تقل أعمارهم عن ثلاثين عاماً.
عندما تحدث لـ"العربي الجديد" اعتبر المزابي نفسه محظوظاً لأنه تمكن الحصول على رخصة سياقة سيارة التاكسي. فقد قدم ترشيحه لمحافظة الدار البيضاء، واختير كي يخضع لتكوين يجرى فيه التركيز على الميزات والخصائص التي يفترض أن تتوفر في سائق التاكسي، الذي يتوجب أن يكون لبقاً وخدوماً وأهل ثقة.
هذا هو السبب الذي جعل سائقي التكاسي يطلقون على الرخصة التي تمنح لهم "رخصة الثقة"، التي يمكن أن تسحب منهم مؤقتاً أو نهائياً، إذا اشتكى منهم أحد الزبائن أو ارتكبوا خطأ.
تزامن كلام المزابي، مع ندوة نظمت مؤخراً من قبل البنك الدولي ووزارة الإسكان بالمغرب حول السكن الإيجاري، حيث نقل المذيع عبر مذياع السيارة، تصريح المسؤولين حول نية الحكومة، في التشجيع على إنشاء مشاريع توجه للإيجار السكني. تابع المزابي الخبر بالكثير من الاهتمام وعلق قائلاً " أتمنى أن تفي الحكومة بوعدها هذه المرة".
يحكي أنه لا يستطيع شراء سكن اجتماعي مثل غيره من الشباب الذين يحلمون بتكوين أسرة، رغم كون الدولة سعت في العقد الأخير إلى وضع برامج في هذا المجال، حيث تساهم الدولة بجزء من مبلغ الشقة التي تشتريها الأسر التي تعد من أجلها المساكن الاجتماعية.
يفترض في المقتني توفير جزء من قيمة السكن، عبر ادخار شخصي وقرض بنكي. خالد يعتبر أنه غير قادر عن توفير ذلك المبلغ، خاصة أنه مثل غيره من سائقي التكاسي، لا يضمن دوام ممارسته لتلك المهنة، ووفاءه بالأقساط التي في ذمته تجاه المصرف.


اقرأ أيضا: مغربيات يبعن "الشباكية" في رمضان

يعتبر المزابي أن السكن الإيجاري يشكل بارقة أمل بالنسبة لأمثاله، خاصة أن حديثاً يتردد في الأشهر الأخيرة، عن اتجاه نية السلطات العمومية، نحو تأمين التغطية الاجتماعية لأصحاب المهن الحرة، مثل سائقي التكاسي.
للتاكسي نظام خاص بالمغرب. لابد من حصول صاحبه على رخصة خاصة من الدولة. قد يشتري هذا الأخير سيارة أو يؤجر تلك الرخصة لأحد الأشخاص، الذي يتولى شراء سيارة يستعملها لنقل الزبائن.
وجرت العادة على أن يتناوب ثلاثة سائقين على السيارة الواحدة على مدار اليوم. يعمل كل واحد منهم ثماني ساعات، مقابل 15 دولاراً يؤديها لمالك السيارة. وقد يكتفي صاحب السيارة بسائقين، حفاظاً على سلامتها.
الأغلبية الساحقة من السائقين يعملون لدى مالكي سيارات، دون أن يتمتعوا بأية تغطية اجتماعية توفر لهم معاش تقاعد أو تأمين صحي. هذا ما يدفع بامحمد الزناكي، السبعيني، الذي عمل على مدى أربعة عقود سائقا للتاكسي، على الاستمرار في مزاولة ذلك العمل، بينما أمثاله من الموظفين والأجراء في شركات حكومية أوخاصة، أحيلوا على التقاعد منذ عشرة أعوام.
يحكي بامحمد كما يناديه أبناء الحي، أن سائق التاكسي، كانت له مكانة خاصة، عندما شرع في مزاولة هذه المهنة. كان دخله يتيح له تلبية جميع حاجيات أسرته وادخار جزء من المال لمواجهة مصاريف طارئة. يؤكد أن الموقع الاجتماعي لسائق التاكسي، كان مثل الأستاذ والمعلم. دخله يؤمنه ما يفيض عن الكفاف.
لكن الأيام دارت دورتها الغادرة، فأضحى دخله من التاكسي لا يكفي لتغطية حاجيات أسرته. لكن بامحمد يعتبر أن عزاءه يأتي من كونه استطاع تعليم أبنائه.
يحلو لمحسن باي الأربعيني الجلوس إلى بامحمد، فحكاياته عن يوميات سائقي التاكسي فيها الكثير من التشويق. محسن نفسه سائق تاكسي، يعتبر أنه لامستقبل له في هذه المهنة، لكنه يعتبر مع ذلك أن لا خيار أمامه سوى مزاولتها، رغم عدم توفرها على أي ضمانات ذات صلة بالتأمين الصحي أو المعاش.
يؤكد أنه عندما يفكر في تغيير تلك الحرفة يجد نفسه واقعاً تحت الدخل الذي تدره عليه. فهو يجني منها حوالى 500 دولار في الشهر، أي ضعف الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص بالمغرب.

اقرأ أيضا: بقال الحي..ملاذ الأسر المغربية الفقيرة

المساهمون