رعبٌ وتشويق من دون منطق وتماسك

رعبٌ وتشويق من دون منطق وتماسك

27 سبتمبر 2019
سمارا ويفينغ: أداء ممتاز (فيسبوك)
+ الخط -
ينتمي فيلم Ready Or Not، للمخرجين مات بيتّينيلّي ـ أولبِن وتايلر غيلّيت، إلى سينما رعب أميركية، منتشرة مؤخّرًا، تدمج بين شيئين: الأول، High Concept، أيّ أنْ تكون فكرته جديدة وخاطِفة من الوهلة الأولى. الثاني، أنْ تدور أحداثه في مكانٍ واحد، بمحدّدات تجعل تكلفته الإنتاجية بسيطة، مقارنة بالمعتاد في هوليوود. 

في العامين الأخيرين، شهد هذا النوع إنتاج أفلام، كـDon’t Breath، الذي أنجزه فيدي ألفاريز عام 2016، وGet Out، الذي أخرجه جوردان بيل عام 2017، وUpgrade الذي حقّقه لي وانّيا عام 2018، وصولاً إلى Ready Or Not.

في بداية الفيلم، تقع جريمة قتل غامضة، يشهدها طفلان في منزل أرستقراطي فخم. سريعًا، تتقدّم الأحداث 30 عامًا إلى الأمام، خلال زواج ألِكس، أحد المقيمين في المنزل الفخم هذا، بفتاة جميلة تدعى غريس.

للوهلة الأولى، هناك شعور بغرابة تفاصيل تخصّ المكان، وتخصّ تعامل العائلة معها، قبل المشاركة، في الليلة نفسها، في لعبة "كروت" غريبة، قيل لها إنّها من الطقوس المقدّسة منذ الأزل.

حين تسحب غريس "كارت" Hide and Seek (أو الغميضة)، يخبرونها أنّ عليها الاختباء في المنزل، وأنّ عليهم البحث عنها، بحسب قوانين اللعبة، قبل أن تكتشف أن هناك معتقدات ماورائية، تخصّ العائلة، وتجعل الجميع يسعون إلى قتل أيّ شخص جديد ينضم إلى العائلة، ويسحب "كارت" الغميضة. وإنْ لم يفعلوا ذلك، فإنّهم سيموتون عند شروق الشمس، بحسب ما يعتقدون. تستمرّ الأحداث مع محاولة غريس النجاة من المنزل الملعون، وملاحقة العائلة لها حفاظًا على حياتها.



في الساعة الأولى، تجري الأحداث كلّها بانسيابية وذكاء شديدين: مقدمة خاطفة، ثمّ أجواء غامضة تثير الأسئلة، وبعدها تبدأ لعبة "الشدّ والجذب" بين الطرفين، في أفضل لحظات الفيلم وأكثرها تماسكًا. يُحاصر الجميع، بذكاء، بين جدران المنزل، وتظهر لحظات دموية حقيقية ومرعبة. هناك استفادة من أداء تمثيلي ممتاز ومناسب جدًا لسامارا ويفينغ في دور البطولة. كما يعتمد السيناريو على تلاعب منطقي وذكي، بانحياز بعض أفراد العائلة إلى غريس، ومحاولتهم مساعدتها، لدافع عاطفي كحبّ ألِكس لها، أو بسبب المنطق وكره العائلة، كانحياز دانيال، ما يمنع الوقوع في فخّ الوتيرة الواحدة.

إلى جانب هذا كلّه، يدمج الفيلم ـ بحِرَفية بالغة ـ بين الشكل والديكور الرائع، الذي يجعل الأحداث تبدو كأنّها تدور مطلع القرن الـ19 (بما يليق برهبة عائلة أرستقراطية، تؤمن بلعنة شيطانية)، مع تفاصيل العالم الحداثي، كالتلفون والسيارة وكاميرات المراقبة وغيرها، فاستخدام التفاصيل كلّها يهدف إلى شدّ وتر الأحداث، بامتيازٍ تام.

مع دخول الفيلم فصله الـ3، تقع مشكلة تعانيها أفلام كثيرة ذات النمط نفسه، وتجعل Ready Or Not أقلّ من غيره: الفشل في إنهاء القصّة بشكل ملائم، ومن دون شعور بلا منطق إغلاق الخطوط المفتوحة. هذا يحدث في الدقائق الـ30 الأخيرة، مع تفاصيل مفتعلة في الأحداث، وانقلابات غير منطقية في تصرّفات الشخصيات، بعد تأسيسها قبلاً بشكل مختلف تمامًا، وصولاً إلى نهايةٍ، هي مفاجأة، وفيها مساحة من الكوميديا والرعب في آنٍ واحد، لكنّها غريبة ومربكة بالنسبة إلى ما قدّمه الفيلم، الذي يكتفي بكونه مسلّيًا، من دون المحافظة على منطق درامي متماسك حتى نهايته.

دلالات

المساهمون