ديميت إفجار: أنْ تكوني ممثلة يعني أنْ تكوني خارج نفسك

ديميت إفجار: أنْ تكوني ممثلة يعني أنْ تكوني خارج نفسك

17 نوفمبر 2019
درست إفجار الفنون المسرحيّة في "جامعة إسطنبول" (Getty)
+ الخط -
ديميت إفجار (مواليد عام 1980) هي ممثلة مسرحيّة وسينمائيّة وتلفزيونيَّة. درست المسرح في جامعة إسطنبول، وشكّلت فرقة مسرحية خلال دراستها، وأدّت أدواراً رئيسيّة في مسرحيات كلاسيكية، كـ"آنا كارنينا"، ومسرحيات لشكسبير. التقت "العربي الجديد" إفجار على هامش فعاليّات "مهرجان أنطاليا السينمائي" في دورته الـ 56، وأجرت معها الحوار التالي: 

ما هو عالمك؟ كيف اخترتِ التمثيل؟ وهل اكتشفتِ موهبتك باكراً؟
بدأت من المسرح. عائلتي كبيرة، تحبّ المرح. حياتنا كانت كالمسرح، بحيويتها وصخبها. أقام والداي مع جدي، وعشت معهما 12 عامًا. كانا معي دائماً، إذْ رافقاني في أحلامي وهواياتي منذ صغري. لذا، لا أتذكر متى قرّرت التمثيل تحديداً. وجدت نفسي، بعد المدرسة الثانوية، أتوجه إلى "جامعة إسطنبول" لدراسة الفنون المسرحية.

هل هناك من قال لك إنّ لديكِ موهبة، وتصلحين للعمل كممثلة؟
نعم. مُدرّسة اللغة والأدب التركيين، في المدرسة الابتدائية. قالت لي: "عليك الوقوف على خشبة المسرح"، فأجبتها: "أعرف هذا". مع هذه المحادثة، بدأ كلّ شيء.

هل قابلتِها بعد نجاحك وشهرتك؟
قابلتُها، ولا أزال ألتقيها. هي تُشاهد كلّ مسرحية وفيلم لي.

أنتِ ممثلة مسرحية وسينمائية وتلفزيونية. هل تفضّلين المسرح مثلاً، كما يفعل من يمارس هذه الفنون كلّها؟
أنا مخلصة في أدائي. ما أفعله في عملي هو منح حياة لشيء، لدور، لحدث. أعطي من نفسي في كل مرة، ومهما كان نوع العمل. لكن، إن كانت دوافعي وانشغالاتي هي نفسها في كلّ مجال فني، فإن زاوية تناولي للشخصية تختلف. لا أفصل بين السينما والمسرح. لكن، يمكنني القول إنّ المسرح هو المكان الذي يغذّي الروح، ويملأ النفس، وأكثر ما يجذبني فيه هو التدريبات على العمل (البروفة).

قالت لي ممثلة تركية، قبل مشاهدة "مغامرات شكران العرجاء"، الفيلم المشارك في المهرجان، إنّ الزحام سيكون شديداً على الفيلم، بسبب مشاركتك فيه، وإنّك نجمة مشهورة جداً في تركيا، ومحبوبة ومتواضعة وقريبة من الناس. كيف تعيشين الشهرة؟
أعيش في صفاء. أحاول التمتّع بوقتي ولقاء أصدقائي قدر المستطاع، والتوهان في الغابات والطبيعة. حين ألتقي معجبين، يتنازعني شعورٌ بالسعادة بفضل حبّ الآخرين، وفي الوقت نفسه هناك رغبة في الحفاظ على حياتي الخاصة.
عامة، يجعلني المسرح على تواصل مستمر مع الناس. لذا، هم خبروا التعامل معي، ويعرفون أين يقفون، ومتى يتوقّفون. يسألونني قبلاً، وأنا أحاول عمل ما بوسعي لإرضائهم، لأنّ هذا مُتعبٌ. أطلب منهم أحياناً احترام خصوصيتي، وأحاول الموازنة بين حياتي وعملي.

دورك في "مغامرات شكران العرجاء" صامت. بطلته فتاة مُعوّقة وغير جميلة. ألم تخشي دوراً كهذا؟ هل وافقتِ عليه بسهولة؟ وهل أردتِ لفت النظر إلى معاناة نساء مثلها؟
أحببته ووافقت عليه فوراً. أميل إلى تنويع الأدوار، وأحبّ تمثيل هذه الأقنعة المتبدلة. في أيّ حال، هناك في الحياة الواقعية لحظات أشعر خلالها بأني غير جميلة إطلاقاً (مبتسمة). هذه حال النساء جميعهنّ، أليس كذلك؟ حين أمثّل دوراً، أسحب ذاتي منه تماماً. إنه شخص آخر وليس أنا. لا أفكر بنفسي وأنا أؤدّيه. أن تكوني ممثلة يعني أن تكوني خارج نفسك.
"شكران" ليست بشعة تماماً. هي غريبة الأطوار، تعيش حقيقة كونها عرجاء كأنّها لم تكن. لا يؤثّر هذا على سلوكها وشخصيّتها، إذْ اعتبرت هذا جزءًا منها، وهي تحاول تماماً التعايش معه. تختار من تريد، وتعمل بحيوية لتحقيق خياراتها. كونها مصابة بإعاقة هو أمرٌ لا يقف أمام أحلامها أبداً. ربما بالنسبة إلى الآخرين، لكن ليس بالنسبة إليها.

كيف اشتغلتِ على الدور؟ ما كانت استعداداتكِ له؟
قبل تصوير هذا الفيلم، حدثت صدفة غريبة، كأنّها جاءت لتهيئني للدور. كنتُ في رحلة بحرية، وخلال صعودي في المركب، سقطت حقيبتي في الماء، وفيها كلّ أغراضي، وبينها هاتفي. انقطعت اتصالاتي كلّها، وتوقّف تواصلي مع الآخرين عبر الهاتف. هكذا بدأت المغامرة. قرّرت البقاء أشهراً عديدة من دون الهاتف. حدث هذا قبل التصوير، واستمر خلاله وبعده. كانت عزلة مفروضة في البدء، ثم باتت خياراً. حين تنعزلين، تصبحين أكثر تفرُّغاً لمحاورة العقل. كما أنّ الذهن يرتاح ويسترخي. تشعرين كما لو أن لا معنى للكلمات. يحصل نوع من التأمل. هذا كلّه هيّأني للدور تماماً.
ثم حصلت صدفة أخرى قبل تصوير مسلسل "الفناء". في موقع التصوير، كانت هناك امرأة عرجاء. كنت أركض خلفها، محاولة التمعن بحركاتها ومشيتها. هذا سهّل عليّ الأمر.

مثّلتِ شخصية كوميدية. هل هي المرة الأولى لكِ في هذا النوع من الأدوار؟
مثّلت أدوارًا كوميدية عديدة. استقطب "أمور عائلية" (2017 من إخراج أوظان أشيكتان) 5 ملايين مُشاهد في تركيا. أميلُ كثيراً إلى الكوميديا السوداء في المسرح والسينما. شاركتُ في مسلسل تلفزيوني فكاهي، نال شهرة أيضاً، هو "امرأة ورجل"، دامت عروضه 8 أعوام، وحصل على جوائز، كأفضل اقتباس، إذْ كان مأخوذا عن "استكشات" فرنسية بعنوان "صبي وبنت"، تمثيل جان دوجاردان. كما نلتُ جائزة أفضل أداء كوميدي عام 2018 (جائزة "صدري علي سيك" المسرحية والسينمائية، وهي باسم ممثل تركي مشهور في هذا المجال).

كيف ترين السينما التركية؟
إذا كان هناك هدف لهذه السينما، فأظنّ أنّهم يستطيعون تحقيقه من خلال نوع محدد، وهو الكوميديا السوداء. فهذا النوع من الهزل يتلاءم مع حياتنا. السينما التركية ليست مؤسساتية، فلا صناعة سينمائية. لكن لدينا قصصاً رائعة من أراضي الأناضول الغنية، لم تُكْتَب بعد، ويجب أن تخرج وتُعرف أكثر فأكثر. في سينمانا مواهب عديدة، وأفلامها تُعرض في مهرجانات كبيرة، مثل "كانّ" وغيره. ضروري أن يتواصل هذا، وهو ما يحصل بفضل قصصنا، ومخرجين شباب.

عرفتُ أن لديكِ معجبين كثيرين في العالم العربي. هل تعلمين بهذا؟ وماذا يعني ذلك لكِ؟
مسلسل "الفناء" (بمعنى "الباحة"، ويُلفظ بالتركية Avlu)، مشروعٌ شديد الخصوصية بالنسبة إليّ. قصص عن امرأة، لكنه عالمي بمضمونه، وينطبق على النساء في أي مكان. هناك كتاب مستقر على الطاولة قرب سريري لا يفارقني: "نساء يركضن مع الذئاب" لكلاريسا بنكولا. حين قرأتُ السيناريو للمرة الأولى، راودني فوراً إحساس وهبني إياه الكتاب. كنت سعيدة للغاية للمشاركة في مشروع عالمي كهذا، يسرد قصص النساء.
أنا أعلم بوجود معجبين لي في العالم العربي، وهذا يبهجني. يسرّني كثيراً أن أكون معهم من خلال هذا المسلسل.

المساهمون