دراسة تحذر من شبهات فساد في قطاع الصحة الفلسطيني

دراسة تحذر من شبهات فساد في قطاع الصحة الفلسطيني

22 مايو 2018
الفساد يخلق بيئة مجتمعية لا تثق بالنظام (العربي الجديد)
+ الخط -
حذّرت دراسة أطلقها الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" اليوم الثلاثاء، في مقره بمدينة رام الله، من إمكانية حدوث شبهات فساد في القطاع الصحي الفلسطيني الحكومي.

الدراسة وهي أولية تجريبية أطلقها "أمان" بعنوان "جسر الفجوات: العلاقة بين الفساد وحقوق الإنسان في الواقع الفلسطيني (حالة الحق في الصحة نموذجاً)، من إعداد الباحثة الفلسطينية هديل القزاز، جاءت لتحديد ملامح العلاقة بين الفساد وحقوق الإنسان، وكيفية استخداماتها في مجالات تحليل الفساد وانتهاك حقوق الإنسان، وتعد التجربة الأولى في قطاع الصحة الفلسطيني.

ويوضح المدير التنفيذي لـ"أمان"، مجدي أبو زيد، لـ"العربي الجديد"، أنه لسنوات طويلة بدت قضية حقوق الإنسان منفصلة عن الفساد، لكن في الآونة الأخيرة كانت هناك محاولات عالمية للربط بين الحقلين، لوجود علاقة مباشرة بينهما، إذ يتم انتهاك الحقوق الأساسية كالحق في التنمية والصحة والتعليم، فكلما زاد الفساد زاد الانتهاك بحقوق الإنسان.

ويبين أن الهدف الأساسي من الدراسة هو فحص كيفية أخذ حالات تطبيقية لدراسة العلاقة ما بين حقوق الإنسان والفساد وتحديدا الصحة في الواقع الفلسطيني، وتأتي الدراسة في أربعة محاور تتعلق بالقطاع الصحي الحكومي الفلسطيني، (التأمين الصحي، وشراء الأدوية، التحويلات إلى الخارج، والأخطاء الطبية).

معدّة الدراسة هديل القزاز، وهي باحثة في التنمية وقضايا المرأة والنزاهة، قالت لـ"العربي الجديد"، على هامش جلسة نقاش لإطلاقها، إن "الدراسة مهمة في محاربة الفقر والعلاقة بين الحق في الصحة والفساد في الواقع الفلسطيني، وأخذنا وزارة الصحة نموذجا... نحن نحذر من حدوث فساد في تلك القطاعات، بخاصة في ظل عدم وجود قوانين ناظمة للمساءلة والمراقبة في هذا القطاع الهام، علاوة على وجود فجوة بين ما تتحدث عنه وزارة الصحة من قوانين معمول بها. وفي الواقع هناك شكاوى من الناس حول وجود الكثير من الإشكاليات".

وشددت القزاز على أن الواسطة والمحسوبية من أهم مؤشرات ذلك الفساد، والتي تدخل في الكثير من القضايا في القطاع الصحي، كقضايا التحويلات الطبية، أو تهرب بعض الأطباء المتنفذين من المساءلة حال حدوث خطأ طبي، واستخدام المنصب الوظيفي الطبي في الكسب من المرضى خارج نطاق العمل.

وخلال جلسة نقاش الدراسة، استعرضت القزاز دراستها التي أعدتها بالتعاون مع "أمان"، مشددة على أن دراستها للجمع بين الفساد وحقوق الإنسان، كإضاءة على هذه القضية التي تحتاج إلى جهود كبيرة، إذ لا بد من التفريق بين الفساد في حقوق الإنسان المتعلق بالصحة وبين الانتهاك المتعلق بحقوق الإنسان في هذا المجال، "فليس بالضرورة أن يكون كل انتهاك فساداً".

وترى الباحثة في دراستها أن الفساد يخلق بيئة مجتمعية لا تثق في النظام بشكل عام، وأنه توجد تقاطعات بين استخدام الخطاب الحقوقي بطريقة مغلوطة ومبالغ فيها، إذ توجد فجوة ما بين الخطاب الرسمي وتجربة الناس وتعاملها مع قطاع الصحة.

الدراسة تطرقت أيضا إلى قضية التحويلات الصحية خارج مرافق وزارة الصحة، ورغم وجود تأكيدات من وزارة الصحة بوجود النزاهة والشفافية إلا أنه وفي الواقع وبحسب العينات العشوائية التي أخذتها الدراسة، فإن المجتمع يشير إلى عدم وجود نزاهة بهذا الجانب، وأيضا إتلاف كميات من الأدوية الموجودة في سلة الأدوية التابعة لوزارة الصحة، بعد عدم استخدامها، وكذلك فإن خدمات التأمين الصحي في بعض الأدوية غالية الثمن تنفد من سلة الأدوية من اليوم الأول.

وأشارت الباحثة في دراستها إلى وجود جهات متنفذة في حال وجود أخطاء طبية، تمنع التحقيق الحقيقي للمساءلة، بل بالعكس تحدث احتجاجات وتهديدات من قبل الأطباء، "فلا يوجد قانون يحاسب المخطئ"، وهنا تشير الباحثة في دراستها إلى وجود شبهات فساد في أنواع الرقابة، وهو ما يؤكد ضرورة وجود فريق متخصص في قضايا الصحة والفساد.

وخلصت الدراسة إلى انتشار الواسطة والمحسوبية وهما أهم مؤشرين من مؤشرات الفساد، وكذلك سوء استخدام الكوادر، والفساد السياسي بفصل غزة عن هذه الخدمات الصحية، وهو يعد انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، بينما الرقابة المهنية غير كافية وهي لا تضمن غياب شبهة الفساد لعدم وجود شفافية.

وأكدت الباحثة في توصيات دراستها ضرورة أن تقوم الحكومة بتعديل وتحديث قانون الصحة العامة بما يتوافق مع المعايير الدولية، وكذلك ضرورة أن تفعّل وزارة الصحة إجراءات المساءلة والمحاسبة، وأن توضع استراتيجية واضحة للتحويلات في الخارج، وأن يصبح التأمين الصحي شاملا، وأن تنشر الوزارة قائمة الخدمات التي تقدمها ضمن التأمين الصحي، وأن يوجد إطار قانوني في المساءلة بقضية الأخطاء الطبية، وضرورة معرفة طلاب المهن الطبية في الجامعات عن قضايا النزاهة في الصحة.

من جهته، قال الدكتور وليد الخطيب من وزارة الصحة، في مداخلة له، إن "وجود بعض الأطباء الذين يستغلون عياداتهم الخاصة ناتج من عدم توفر رواتب كافية"، محذرا من التعاطي مع  قضية الأخطاء الطبية على أنها مسلمات بل يجب التحقيق بها، ويوجد حاليا جهد من أجل إصدار قانون بالتعاون ما بين الحكومة ووزارة الصحة ونقابة الأطباء لحماية الطبيب.

وأكد الخطيب وجود المحاسبة والمساءلة، لكنهما في حاجة إلى أن تكونا فعالتين بشكل أكبر، أما في ما يتعلق بقضية التأمين الصحي "فهو شامل بحسب الميزانية، ويتم تقديم الجزء الأكبر من العلاجات للأمراض المزمنة".

في حين، قال ناصر جرار من مكتب النائب العام الفلسطيني، إن "الدراسة تصلح لأن تكون قاعدة للعمل، لو اشتملت على إحصائيات من الجهات الرسمية المختلفة، وأغنتها كدراسة أولية، علاوة على أن المواضيع في الدراسة في حاجة إلى دراسة خاصة".

رئيس المستشفيات الخاصة والأهلية الفلسطينية، ياسر أبو صفية، دعا في مداخلته، إلى أن يصبح التأمين الصحي الفلسطيني تكافليا مربوطا بضريبة الدخل، بحيث يحمل المقتدر غير المقتدر.

فيما تطرق أبو صفية إلى قضية التحويلات من قبل وزارة الصحة الفلسطينية إلى المستشفيات الإسرائيلية، وهو ما يستنزف الميزانية الفلسطينية كونها باهظة، علاوة على عدم وجود تدقيق على الفواتير الطبية من المستشفيات الإسرائيلية، مؤكدا أن القطاع الصحي الفلسطيني الخاص يرفد الدولة من فاتورته وفيه عدد من الخدمات الطبية، إن "للمريض الحق في انتقاء طبيبه والمستشفى الذي سيحول إليه".

دلالات

المساهمون