خطاب عباس: فرصة إسرائيل للتهرب من المفاوضات

القدس المحتلة

نضال محمد وتد

نضال محمد وتد
29 سبتمبر 2014
+ الخط -
تتواصل ردود الفعل الإسرائيلية الرسمية على خطاب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أمام الجمعية العامة للأم المتحدة، يوم الجمعة، ما يشير إلى العودة مجدّدا إلى مربع البحث عن "شريك" فلسطيني من جهة، وتجميد أية اتصالات مع رد "صهيوني ملائم" يتمثل بتنفيذ مزيد من مشاريع الاستيطان من جهة ثانية، فضلا عن تجميد المفاوضات، التي اتفق الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني بموافقة مصرية على تأجيلها إلى ما بعد الأعياد اليهودية، وعيد الأضحى.

ووفقاً لنبض ولهجة الردود الإسرائيلية الأولية على خطاب عباس، فقد أُسدل عملياً، ولو مؤقتاً، الستار على إمكانية استئناف المفاوضات مع الطرف الفلسطيني في القاهرة ضمن الوفد الموحد، أو عبر مفاوضات مباشرة بين حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" في الفترة القريبة المقبلة.

وجاءت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في المقابلات الصحافية عشية عيد رأس السنة العبرية، منذ أيام، لتعزز ضعف احتمالات استئناف المفاوضات قريباً، لا سيما حين قال إن "المفاوضات غير المباشرة في القاهرة ليست سياسية على الإطلاق، وإنّما هي مفاوضات أمنية صرفة، هدفها حماية المصالح الإسرائيلية، من دون أي اعتراف بحركة "حماس".

وبناءً على ما تقدم، فإن نتنياهو، الذي يُكثر في الفترة الأخيرة من محاولات المساواة بين حركة "حماس" وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، لن يكون قادراً بعدما وسم "حماس" بـ"الإرهاب" و"التطرّف" وبأنّها لا تقل خطراً عن "داعش"، على الخوض في مفاوضات مباشرة معها، أو حتى غير مباشرة، لا سيما بعدما انهارت كلياً محاولات نتنياهو الدعائية التستر وراء شرط إعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، كشرط للمضي قدماً في مشاريع إعادة إعمار القطاع.

أضف إلى ذلك الاتفاق الثلاثي بين السلطة وإسرائيل وموفد الأمم المتحدة، روبرت سيري، قبل أسبوعين بشأن تشكيل آلية مراقبة، ورقابة شديدة على إدخال مواد البناء إلى غزة، لمنع وصول الإسمنت والحديد وما يمكن استخدامه في بناء الأنفاق، لأيدي "حماس".

كذلك لن يكون بمقدور رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يتوعد اليوم، بأنّه سيرد في الأمم المتحدة على خطاب عباس، أن يبرر مستقبلاً أي نوع من الاتصالات مع حركة "حماس"، خصوصاً بعدما استبعدت تصريحات وزراء حكومة نتنياهو أي تفاوض مستقبلي مع رئيس السلطة الفلسطينية. كل ذلك يطرح تساؤلات حول جدوى إدارة مفاوضات جديدة مع المقاومة، حتى لو أعلنت الأخيرة أنّها تدرس خيار المفاوضات المباشرة مع إسرائيل.

ويمكن القول عملياً، إن الردود الإسرائيلية التي تغذي مؤقتاً سياسة نتنياهو، بالمحافظة على الوضع القائم من دون مفاوضات وتسوية، لعدم وجود "شريك فلسطيني"، من شأنها أن ترتد على نتنياهو نفسه، في حال أعاد "الوفد الأمني"، وفق توصيف نتنياهو، إلى القاهرة للمفاوضات، في الوقت الذي يدعوه فيه شركاؤه في الائتلاف إلى انتهاز الفرصة لمواصلة البناء الاستيطاني، وفقاً لدعوة وزير الإسكان أوري أريئيل، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية ظهر أمس الأحد.

كما يمنح اقتراب الانتخابات المرحلية لمجلسي النواب الأميركي، نتنياهو، فترة خالية من الضغوط لرغبة إدارة الرئيس الأميركي بارك أوباما بتجنب أي صراع مع إسرائيل في الفترة الحالية، تحسباً من رد معادٍ من اللوبي اليهودي "أيباك"، ما قد يؤدي في نهاية المطاف، دوراً سلبيا لأوباما وحزبه في الانتخابات الجزئية قبل عامين من نهاية ولايته الثانية.

من جهته، يقول مُستشار "لجنة التواصل مع المجتمع الصهيوني" في سلطة "فتح"، إلياس الزنانيري، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، إن دعوات اليسار الإسرائيلي، بأنه لن يكون هناك بديل أفضل من أبو مازن، "ستبقى صرخات في صحراء السياسة الإسرائيلية وذلك بسبب تضاؤل تأثير هذا اليسار، وتراجعه كلياً حتى بات معدوماً في الحياة السياسية الإسرائيلية، لا سيما بعدما صفق هذا اليسار لحنكة نتنياهو في إدارة الحرب على غزة".

مع ذلك، ما يزال المشهد الإسرائيلي يشهد محاولات من اليسار والوسط، من جهة، ومن الأذرع الأمنية ومسؤولين سابقين في هذه الأجهزة، من جهة أخرى، لدعوة الحكومة الإسرائيلية إلى عدم التفريط بالتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، وعدم تجاهل دور السلطة ورئيسها في ضبط الأمن في الضفة الغربية، لا سيما بعد منع اندلاع التظاهرات خلال العدوان على غزة.

ذات صلة

الصورة
تظهر في الصورة قرية رأس جرابة البدوية 29 مايو، 2024 (فرانس برس)

سياسة

قررت السلطات الإسرائيلية تهجير أهالي قرية رأس جرابة، غير المعترف بها في النقب، بعد رفض المحكمة المركزية في بئر السبع التماساً تقدم به مركز عدالة الحقوقي.
الصورة
نتنياهو يلقي خطابًا في القدس، 12 مايو 2024 (فرانس برس)

سياسة

ظهر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مدافعاً عن انتهاكات جيشه والاتهامات الحقوقية والأممية بتعمد حجب المساعدات عن القطاع المحاصر
الصورة
جندي إسرائيلي مشارك في الحرب على غزة، 8/2/2024 (جاك غويز/ فرانس برس)

سياسة

هدد جندي إسرائيلي يشارك في الحرب على غزة بتمرد عسكري واسع حال قرر وزير الأمن يوآف غالانت إدخال السلطة الفلسطينية إلى غزة، أو الانسحاب من القطاع
الصورة
بلينكن يلتقي بن سلمان في الرياض

سياسة

قال أنتوني بلينكن، إنه لا يعلم موقف إسرائيل من خطة التطبيع مع السعودية التي تتضمن خريطة طريق لإنشاء دولة فلسطينية، بالإضافة إلى الهدوء في قطاع غزة.
المساهمون