حياة فتاتين

حياة فتاتين

26 يونيو 2015
تظاهرة في عمان ضد جرائم الشرف (فرانس برس)
+ الخط -
"لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين"، هكذا الأصل، لكن جهاز الأمن العام الأردني لدغ أكثر من مرتين، والغريب أنه لا يتعلّم من أخطائه، فكرر قبل يومين الوقوع في خطأ سبق أن وقع فيه مراراً، وربما يكون الخطأ المكرر هذه المرة أكثر فداحة بما يحمله من تبعات تضع حياة فتاتين في خطر. يوم الثلاثاء الماضي، عثر الأمن العام على فتاتين، بعد تغيّبهما عن منزل عائلتيهما لمدة خمسة أيام، مدة كانت كفيلة بأن تتحوّل قضية الفتاتين إلى قضية رأي عام أشغلت المجتمع الأردني ووسائل الإعلام.

فكّ الأمن لغز الاختفاء الغامض، لكن صدر بيان ينفي فيه تعرّض الفتاتين للاختطاف وأنهما خرجتا بإرادتيهما من منزل ذويهما دون إجبار أو إكراه، والأكثر أن أعلن البيان أن الأمن عثر على الفتاتين داخل شقة برفقة شاب. هذه التفاصيل يعلم الأمن جيداً أكثر من غيره أنها كفيلة بوضع حياة الفتاتين القاصرتين في مواجهة مباشرة مع رصاصة أو طعنة سكين، تحت مبرر الدفاع عن الشرف، ولأنه يعلم ذلك تحفظ على الفتاتين داخل مركز لحماية الأسرى حفاظاً على حياتهما، فشكراً للأمن الذي قدم لهما الحماية بعدما كان سبباً في تهديد حياتهما.

يذكّر البيان بما أقدم عليه الأمن العام عندما أصدر عام 2012 بياناً في أعقاب طعن ناشطة أردنية على يد مجهولة يشوّه فيه صورتها ويغتالها اجتماعياً، كان كفيلاً بان تحرك الناشطة قضية رد اعتبار ضد وزير الداخلية وتكسبها لاحقاً. في قضية الفتاتين، يصر الأمن على صدق روايته مدافعاً عن شعار الأمن والأمان الذي يستوجب عدم وجود عصابات اختطاف، فيما ترفض عائلتا الفتاتين رواية الأمن وتتمسك برواية الاختطاف، مدافعتين بذلك عن سمعتهما ورافضة تلويث شرف العائلة الذي أصبح على لسان العديد من سكان المملكة، وبين الرواية والرواية تعلّق حياة فتاتين. سواءٌ أكانت رواية الأمن صادقة أم غير ذلك، فإنه ارتكب خطأً فادحاً عندما أعلن التفاصيل على الملأ واضعاً الفتاتين وعائلتيهما في مواجهة مع المجتمع، متناسياً المسؤولية الواقعة على عاتقه في حفظ حياة الفتاتين.

دلالات