حرب لإيجاد عالم جديد

حرب لإيجاد عالم جديد

28 يونيو 2014
+ الخط -

قيل لنا، أو هكذا لُقِّنّا، إن رجل أوروبا المريض هو المسمّى الذي كان يطلق على دولة الإمبراطورية العثمانية، ما يعني ضمناً أن الدولة العثمانية كانت أوروبية الهوى لا آسيوية. لكن يطل علينا محللون، يحصرون نتائج الحرب العالمية الأولى في حيّز واحد، لا أكثر، وهو المؤامرة الكونية ضد الإسلام والمسلمين، عبر قتال دولة الخلافة العثمانية، والتسبّب في انهيارها.

لكن، لم يقل أحد من هؤلاء إن الحرب قامت، وأعلنت، وبدأت، وانتهت، لأنها كانت حرباً بين أضداد، بين أقوياء، بين أفكار، وأيديولوجيات، كلٌ يريد الانتصار على الآخر، وإثبات صحة مقولته التاريخية، ورؤيته الحضارية، ما يعني أن الحرب قامت بين القوى الاستعمارية الأساسية في العالم آنذاك، لاقتسام تركة رجل أوروبا المريض، بالدرجة الأولى.

جاءت نتيجة الحرب، خصوصاً، انتصاراً يقوم على الاستبدال، إذ تقدمت دول إلى قائمة الهيمنة، وتراجعت أخرى، بينما اختفت بعض الدول، أو تعرضت لتغييرات جذرية.  أما بالنسبة للدولة العثمانية، ومَن دار في فُلكها، فكانت حطباً لحروب الأقوياء، تفتيتها كان وسيلة لا غاية، وشرذمتها تحصيل حاصل.

قد يقول بعضهم إن اتفاقية سايكس بيكو عملت على تقسيم بلادنا الإسلامية والعربية إلى دول متصارعة، وهويات متعادية. لكن الموضوع لا يمكن حصره بسايكس بيكو فقط، بل بالاستعمار، مقولة سياسية اقتصادية عسكرية ثقافية. عين الأمر يتكرر حالياً، مع انتشار الحركات الانفصالية، وتغيير الحدود الدولية، لا العربية فقط، ليس على مستوى المنطقة، بل على مستوى العالم. لننظر، مثلاً، إلى معضلة أوكرانيا، إلى مشكلات الصين، إلى طموحات كوريا الشمالية، إلى تحفّز اليابان، لا بل لننظر إلى الحركات الانفصالية المتكاثرة في أوروبا، في اسبانيا، وبريطانيا. لننظر إلى ما يعتمل في داخل اليونان، ويبقى السؤال، إن كان العالم، في القرن الماضي، تنافس فيه الكبار في ما بينهم على ورقة إرث الإمبراطورية العثمانية، ثم على أرض ألمانيا، فيا ترى على ماذا يتنافسون اليوم؟ ومَن ذا الذي ستوزّع تركة ممتلكاته؟ وهل نحن أمام تشكيل جديد، أم أمام إعادة إنتاج قوى عظمى جديدة؟

avata
avata
خالد عياصرة (الأردن)
خالد عياصرة (الأردن)