حتى قبض الراتب في سوريا أصبح همّاً

حتى قبض الراتب في سوريا أصبح همّاً

19 فبراير 2014
+ الخط -

أصبحت رواتب آخر الشهر تجلب الهمّ للسوريين رغم انها يجب أن تأتي بالفرج، وتحوَّل الراتب الى فريسة سهلة للأسعار التى تلتهم جزءاً منه ، وبات الراتب فريسة أيضاً للدولار الذي ارتفع ثلاثة أضعاف ما كان عليه قبل عام 2011 ليلتهم جزءاً آخر.

ويواجه السوريون صعوبة كبيرة في الحصول على الراتب الذى يتأخر في معظم الأحيان، بل تحوّل الأمر الى مخاطر امنية أحياناً على بعض الموظفين، فبعض المرتبات تتوقف لأسباب أمنية ويُستدعى صاحبها فاذا كان معارضاً يعتقل.

وشهدت أسعار السلع قفزة خلال السنوات الثلاث الاخيرة حيث ارتفعت، حسب احصائيات رسمية، ما بين 200 الى 300% للسلع الغذائية، كما ارتفعت أسعار الكهرباء والخدمات.

ويقول موظفون فى الجهاز الإداري للدولة إن رواتب هذه الايام تكاد تنفض منها الجيوب قبل منتصف الشهر مهما اقتصد الانسان في حاجاته ومهما أجّل منها الى الشهر التالي.

ولا تتوفر احصائيات حديثة عن عدد موظفي القطاع العام في سوريا، وتشير إحصاءات العام 2005 الى أن العدد يبلغ ما يقارب المليون عامل.

وفى يونيو/ حزيران 2013 أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوماً تشريعياً يقضي بزيادة رواتب العاملين في الدولة بنسبة تتراوح بين 5 و40% فى محاولة لامتصاص غضب العاملين في الجهاز الاداري للدولة.

وتأتي الزيادة في ظل غلاء فاحش التهم كل مدخرات السوريين، خصوصاً العاملين والموظفين، بعد ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية.


وكانت آخر زيادة لرواتب العاملين السوريين في الرابع والعشرين من شهر مارس/ آذار عام 2011، أي بعد أسبوع من انطلاق الثورة السورية.

ويقول موظف في دائرة حكومية يقبض راتباً قدره 30 الف ليرة "في السابق كان هذا المبلغ يساوي 600 دولار، والآن هذا المبلغ لا يساوي، إلا 200 دولار وفقاً لسعر الصرف الحالي للدولار.

ويضيف "وهذا المرتب كان يستطيع قبل عام 2011 تلبية جزء كبير من الاحتياجات، اما الآن فمن المستحيل ان يلبي حتى الجزء البسيط منها".

وتوضح موظفة حكومية أخرى أن المشكلة ليست فقط بعدم كفاية هذا الجزء اليسير من الراتب، "بل إن الحصول عليه في نهاية الشهر في ظل ازدحام اجندة متطلبات العائلة يعتبر إنجازاً في حد ذاته، بعدما اصبح تسلّم الرواتب محكوماً بعمل الصرافات الآلية التي تنحصر فى وسط العاصمة وبنكين فقط هما العقاري والتجاري، فالازدحام عليها يبدأ من يوم العشرين من الشهر بدء تسليم رواتب المتقاعدين وحتى الخامس من الشهر التالى".

يقول موظف آخر إنه يضطر في كل مرة إلى الطواف على كل الصرافات الآلية في دمشق بحثاً عن ازدحام أقلّ. ويؤكد أنه في كثير من الاحيان يتعطل الصراف او تنفد منه النقود، مما يعني بالنتيجة، رحلة جديدة من البحث عن صراف آليّ جديد وبازدحام اقل".

اسباب الازدحام وفقاً لتوصيف إحدى السيدات التي تقف بالدور عند الصراف الآلي لقبض مستحقات زوجها التقاعدية، تعود "لعدم وجود صرافات آلية خارج وسط العاصمة، الأمر الذي يضطر القاطنين بعيداً عن وسط العاصمة وحتى ابناء الضواحي والريف البعيد عن دمشق، الى التزاحم على ماكينات دمشق".

 

تحليل السيدة وصل مسامع موظف آخر فزادها: "أنا أحمل عشرين بطاقة صراف لموظفين من محافظة أخرى لا يوجد فيها صرافات لقبض الرواتب، ولا مجال لقبضها إلا في دمشق وتكلفني وزملائي هذه الرحله مصاريف قدرها 50 الف ليرة".

وتعتبر حالة ابناء المحافظات الأخرى في قبض رواتبهم حالة مزرية في ظل الاوضاع المتردية، وخصوصاً من يقبضون رواتبهم من معتمدي الرواتب في المديريات التابعين لها، فالرواتب الشهرية يرتبط صرفها بعوامل وأسباب مختلفة، منها وصول المبالغ النقدية من البنوك، ووفقاً لبعض الموظفين، فإن الرواتب قد يتأخر صرفها حتى العاشر من الشهر.

وتلزم التعليمات الحضور الشخصي وأخذ البصمات اضافة الى احضار صورة البطاقة الشخصية، وخصوصاً لموظفي المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة.

 

وتؤدي هذه العملية في بعض الاحيان الى اعتقال الموظف، اذا كان يعتبر من معارضي النظام، أو الطلب منه مراجعة فرع من فروع الأمن الذي اصدر كتاباً بتوقيف راتبه، وهنا يكون الموظف امام خيارين أحلاهما مرّ، فإذا ذهب لمراجعة فرع الأمن قد لا يعود، وإن لم يذهب يخسر مصدر رزق عائلته الوحيد.

رواتب الموظفين الحكوميين لم تكن تكفي حاجاتهم حتى نهاية الشهر قبل عام 2011، فكانوا يضطرون للعمل في اكثر من مكان لسد حاجاتهم، اما الآن وبعدما قضت الحرب على اغلب الاعمال التي كانوا يجدون فيها دعماً لمصادر رزقهم او زاحمهم عليها آخرون، فقد اصبح الراتب الشهري الحكومي، على قلّته، متنفساً لقضاء بعض الحاجات، وعلى مبدأ المثل الشعبي "ساقية جارية ولا نهر مقطوع" يتحمل من اجلها الموظف أصنافاً من المعاناة المختلفة.

الدولار = 143.15 ليرة سورية

دلالات

المساهمون