جمانة مصطفى "تخربش" في "الملك حسين"

جمانة مصطفى "تخربش" في "الملك حسين"

16 مارس 2014
التلفزيون الإلكتروني.. استقصاء الهامش
+ الخط -

بعد انتهاء الموسم الأول من برنامج "209 شارع الملك حسين"- نصف الشهري، الذي تقدّمه جمانة مصطفى - الشاعرة والصحافية الأردنية- عبر موقع "تلفزيون عرمرم" الإلكتروني؛ نجد أنّ تجوُّل مصطفى في هذا الشارع، الذي يقع فيه مجلس النواب الأردني، هو تطبيق عمليّ لمفاهيم "الإعلام المجتمعي" و"إعلام الهامش". إذ يسلّط برنامجها الضوء على المشاكل الاجتماعية والسياسية، من دون تعويمات أو عناوين فضفاضة.

يعتمد "209 شارع الملك حسين" بشكل أساسي على التحليل المنهجي عبر الأرقام والإحصاءات التي تُخضِع البرلمان الأردني للمُساءلة حول أدائه لواجباته تجاه مجتمعه الذي من المفترض أنّه انتخبه.

ولا نبالغ إن قُلنا إن البرنامج استطاع أن يضع "البرلمان" أمام إشارات الاستفهام تلك، محرجاً الجهات المسؤولة التي اعتادت تحوير ملفات الفساد أو إغلاقها، وفي أحسن الأحوال تجاهلها.

إذ لا تكتفي مُصطفى بلقاء المسؤولين والمختصين في استوديو "مُكيّف" لا يتسع –عند غيرها- سوى للثرثرة المُعتادة في واقعنا الإعلامي؛ بل تعمل في كل حلقة (حوالي 45 دقيقة) على إثارة قضية خاصة ومحددة، وتعمد إلى إنتاج تقارير مُصوّرة عنها، تُعدّها وتحضّرها بنفسها غالباً، حيث تستعرِض أمام ضيفها المسؤول واقعاً مُعاشاً هو غائبٌ عنه في معظم الأحيان، لتُمطره لاحقاً بالتساؤلات حول "مُنجز" المجلس النيابي فيما يتعلّق بهذا الواقع.

واستعرضت مصطفى في حلقتها الختامية لموسم العام الأول أبرز تطورات وتداعيات الشأن البرلماني في بلدها، وعلى رأسِها إشكاليّات وملابسات سنّ القوانين التشريعية التي يتعارض الكثير منها مع مبادئ الشفافية، كقانون الكسب غير المشروع، الذي يعدّ الذمة المالية للمسؤولين ضمن الملفات السريّة، ناهيك عن قوانين أخرى تنتهك المعاهدات الدولية والتشريعات الإنسانية، مثل قانون محكمة أمن الدولة.

عبر هذا البرنامج التحليلي الاستقصائي الذي يحاول الربط بين ما يحصل في أروقة مؤسسات الدولة وانعكاساته على الشارع؛ تعمل جمانة مصطفى على توسيع مفهوم "إعلام الهامش"، سعياً إلى جعله إعلامَ "المتن" الذي يعبّر عن المُعاناة الحقيقية للمجتمع، وحيث الربط الدقيق بين البُنى السياسية والاقتصادية والقانونية، وأثر تكوين تلك البنى على البيئة الاجتماعية وسلوك طبقاتها.

ومن القضايا اللافتة التي أبرزتها مصطفى في واحدة من حلقاتها؛ "قانون حق الحصول على المعلومة"، والمُرتبط بشكل أساسي بالعمَل الإعلامي، وحق الصحافيين في معرفة المعلومات والبيانات اللازمة كي يتابعوا ويحققوا في قضايا مجتمعهم. فقد تفنّنت مصطفى –على سبيل المثال- في مُحاججة ضيفها النائب محمود الخرابشة، رغم أنّه "رجل مخُابرات سابق" كما وصفته في تقديمها له، وهو نفسه لا يدخر وسعاً لتأكيد اعتزازه بتاريخه في المخابرات الأردنية.

وكتبرير منه لعدم تطبيق الحكومة الأردنية هذا القانون إجرائياً، بعد أن استطاعت مصطفى تفنيد معظم مراوغاته؛ يستعير الخرابشة إجابة جاهزة: "إن من بين المؤسسات الإعلامية التي تطلب المعلومات، من هو ممول ويعمل لجهات خارجية"، في تكرار ممض لمعزوفة "الأجندة الخارجية" و"نظرية المؤامرة" التي فقدت فتنتها في الشارع.

كان لافتاً كيف "خربشت"مصطفى حسابات "النائب"، الذي بدا متفاجئاً من النبرة الجريئة لشاعرة قصيدة النثر الشابة التي قررت التصدي لمجلس نواب ذكوري وعشائري ومفتون بالبلاغة المترهلة.

 

المساهمون