جالية عربية مهمة ببلغاريا

جالية عربية مهمة ببلغاريا

06 سبتمبر 2015
سوريون بالمئات في محطة بودابست(Getty)
+ الخط -
ثمة الكثير من الشواهد التاريخية التي تثب علاقة البلغار والعرب، منها ما نجده في "رسالة ابن فضلان" حول رحلته إلى بلغار الفولغا عام 921، على رأس بعثة كبيرة، تتألف من خمسة آلاف رجل من الفقهاء والمعلمين والصنّاع والحرفيين، وذلك بناء على طلب وجهه القيصر البلغاري ألموش بن يلطوار إلى الخليفة العباسي المقتدر بالله، كي يمده بالإرشاد والدعم ضد مملكة "الخزر".
فيما بعد لعبت العلاقات البلغارية مع دول المشرق، الدور الحاسم في انضمام البلغار إلى الكنيسة المسيحية الشرقية الارثوذكسية، خلال القرن الحادي عشر، وبانتمائهم السلافي-الأرثوذكسي، فإنهم لم يشاركوا في الحملات الصليبية ضد المسلمين، وقد تعزّزت علاقتهم بالعرب تحديدا إبان الاحتلال العثماني لبلغاريا، لما أبدوه من تعاطف شعبي مع البلغار ضد ظلم العثمانيين.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أقامت بلغاريا الاشتراكية علاقات وثيقة مع بلدان المنطقة العربية، ودعمت قضاياها الوطنية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وعلى إثر ذلك افتُتح القسم العربي في الإذاعة الوطنية البلغارية، كما افتُتح قسم اللغة العربية في جامعة صوفيا "كليمانت أوهريدسكي"، وفيه عمل الكثير من الأساتذة العرب، وتخرّج العشرات من المستعربين البلغار، الذين أسهموا في ترجمة أمهات الكتب العربية إلى اللغة البلغارية، ككتاب "ألف ليلة وليلة" أو
أعمال جبران خليل جبران.
وفي سياق علاقات التبادل الاقتصادي والثقافي ما بين الطرفين، استقطبت البلدان العربية الكثير من البلغار، المهنيين والخبراء والمهندسين والأطباء والمندوبين التجاريين، كما قدّمت الدولة البلغارية منحها الدراسية لعشرات الألوف من الطلاب العرب، وجميع هؤلاء شكلوا نواة حقيقة لبناء جسور من التواصل المستمر، لم تنقطع أواصره مع انهيار المنظومة الاشتراكية، بل إنه نما وتعزز في الكثير من جوانبه، مع السماح بدخول الاستثمارات الأجنبية إلى بلغاريا الديمقراطية.
منذ بداية عصر الانفتاح، في أوائل تسعينيات القرن الماضي وحتى اليوم، شهدت الدولة البلغارية قدوم الكثير من رجال الأعمال العرب، الذين استثمروا في حقول الصناعة والتجارة والسياحة والأعمال الحرة، كما أن العديد من الطلبة العرب، آثروا البقاء ودخول سوق العمل على العودة إلى بلادهم، بعد تخرجهم من الجامعات البلغارية، ومنهم من شغل مناصب مرموقة، أو دخل الحياة الثقافية بوصفه كاتبا أو إعلاميا، وكل هؤلاء يتمتعون بالإقامة الدائمة، أو يحملون الجنسية البلغارية.
أدت تلك المتغيرات إلى ارتفاع عدد الولادات من الزيجات المختلطة، وإلى افتتاح ثلاث مدارس خاصة بتعليم أبناء الجالية العربية، ومن يجول اليوم في شوارع العاصمة البلغارية صوفيا، سوف يصادف الكثير من مظاهر الحياة العربية من مطاعم ومنتجات وغيرها.

المساهمون