ثلوجٌ في تموز

ثلوجٌ في تموز

25 يوليو 2015
أيكونُ الثلجُ قد تساقط عليها؟ (حسين بيضون)
+ الخط -

على أكياس النفايات بودرة بيضاء. أيكونُ الثلجُ قد تساقط عليها؟ لا ثلوج في الصيف. أم يكون أرُزّاً؟ لا عرائس في النهار أيضاً، وعادة ما لا ترمي ربة البيت الأرزّ من على الشرفة إلا كرامة عينَيها. حبّاتها هذه ضمانة للتكاثر. بفضلها، لن يفنى الكون. تنسى أنه قبل سنوات طويلة، علقت حباته بين خصلات شعرها وعلى طرحتها، حين كانت عروساً أيضاً. بالكاد كانت قادرة على ضبط أعصابها وسط الحضور والعيون الفاحصة. فكيفَ بأشياء إضافية تسقطُ فوق رأسها؟ والأنكى أن النساء كنّ يتبرّعن بإزالتها من على شعرها، فيتمعَنَّ في عيوبها ويحققن مبتغاهن. وتصبح جميلة ولكن...

***

مرتّبة الأكياس. تتكاثر فوق بعضها بعضاً من دون أرزّ ولا أدوية. فعلٌ غريزي ناتج عن أفعال غريزية أخرى. ترتفعُ رويداً رويداً. قد تطالُ ناطحة سحاب. أكوام النفايات تساوي منزلاً بملايين الدولارات. لا منظر لبحرٍ أو جبل من على الشرفة الرحبة. تُرك له ولهم منظرٌ واحدٌ، يبقى اسمه جبلاً وإن كان من بقايانا. وإذا بنى المستثمرون ناطحات أعلى، سيرمي المواطنون مزيداً من النفايات. يرتفعان معاً من دون أن يلمسا السماء. ستكونُ مجرّد رسمٍ لا يستقبل غير رسومات الأطفال.

***

بينَ الأكياسِ الملوّنة، سيطلبُ يدها للزواج ويصبح حديث مواقع التواصل الاجتماعي، ويتوّج اسمه بهاشتاغ. ليس أجمل من خلفية كهذه. اتخذا قرار الزواج معاً. مع ذلك تُفاجأ وتعانقه طويلاً. في هذا العرض جلب معه كمامة. لن يتبادلا القبل إذاً. لا بأس. بقي لهما العمر كلّه. وإن سقطت فوق رأسيهما حبات الأرزّ، قد يكون لهما عمرَين أو أكثر. انتهى العرض. وكان الكحلُ قد رسم مأساة على وجهها. أخافته لكنها ابتسمت له، وأخبرته بأن الستارة فتحت من جديد. ارتاح الآن.

***

طريّة الأكياس. كل شيء فيها فارغ. تشبه وسادات مصنوعة من ريش. لن تكون أزمة سكن بعد اليوم. وسترجعُ الألفة بين الناس. كان ينقصهم وسادة. وقد توفرت. أما الأفكار التي تتسابق إلى عقولهم ليلاً، فستوقفها رائحة النفايات. نوم عميق وهانئ إذاً، كما ينام الأطفال. لا داعي لتمنّي أحلام سعيدة بعد اليوم. على الأرجح لن تكون ثمّة أحلام. ما الحاجة إليها؟ حياةٌ بين أكياس ملوّنة ومأوى وتكاثر. طعامٌ أيضاً، وإن كان من الفضلات يبقى نعمة. عروض للزواج من دون جيوش من أفكارٍ تتقاتل في داخل جمجمة. كأنها أرض بينهما، هي مجرد خلايا وممرات لحياةٍ.
النفايات على طرقات بيروت. لا يهم. نحن أيضاً على الطرقات. إنها المساواة. سنسير جنباً إلى جنب. قد نتعانق. وإذا ما اختنقنا، سنقول "انتهى عمرنا".

اقرأ أيضاً: "ماك" في طهران