تونس.. كاميرا بالقرب من الهامش

تونس.. كاميرا بالقرب من الهامش

28 يناير 2015
من المعرض، طارق مرزوقي
+ الخط -

تركّز الورشة التي نظّمها "معهد غوته" الألماني بين عامي 2013 و2014، بالتعاون مع عدد من المؤسسات الثقافية العربية، على الطريقة الأولية في صقل مواهب الفنانين الشباب والهواة عبر التدريب والتمارين المكثفة.

ورشة توزّعت على تونس والدار البيضاء والجزائر والإسكندرية والقاهرة وبيروت ورام الله وعمان والخرطوم وأربيل ودبي؛ وأشرفت عليها مجموعة من المدرّبين العرب والألمان، منهم رنا نمر وسعد تازي ونادين فراتسكوفسكي وهانريش فولكل.

وتوّج المشروع بمعرض جوّال يحتضنه حالياً "رواق بشيرة آرت" للفن المعاصر، في ضاحية سبالة بن عمار، في العاصمة التونسية، ويضم أعمالاً في التصوير الضوئي لـ 18 مصوّراً شاباً من شمال أفريقيا والمنطقة العربية، اختيروا من بين مائة مصوّر هاوٍ تقدموا للمشروع.

المنهج الأساسي الذي حدّدته الورشة للمشاركين هو تتبّع كاميرا كل واحد منهم للمناطق المهمشة والمنسية في المدينة، وأيضاً في ما يعرف بمناطق الظل الريفي، حيث يتوقف فعل الحكومات بانتهاء طرقات الإسفلت، كما يقول الكاتب النوبي رؤوف مسعد في كتابه "في انتظار المخلص".

هكذا، التزم المصورون في أعمالهم المعروضة بالتوثيق الموضوعي والسرد بصيغة السيرة الذاتية. وتبعاً لهذا الخيار الصارم، جاءت المادة الصورية خاماً، بلا رتوشات أو تلاعب بأنظمة الـ"ملتيميديا"، علماً أن عنوان المشروع (والمعرض أيضاً)، "بالقرب من هنا"، كان كفيلاً بتسهيل مهمتهم، أي العمل في حقول مسيّجة، وإن تعددت فضاءات عملهم واختلفت.

المشرف على المشروع غونتر هازينكامب أوضح أن على المؤلّف الفوتوغرافي أن يقدّم قصصه في شكل متتاليات موضوعية، وأحياناً في قالب تأملات طويلة، على أن تكون المحصلة معطى جماليا مقنعا. لكن يبقى التساؤل قائماً: كيف يتم استخلاص لقطات صائبة من صميم الفوضى والحطام؟

قصد جلّ المصوّرين المشاركين أماكن مهجورة وزوايا مليئة بالفوضى لالتقاط صورهم، مثل نادية منير وفاطمة اليوسف وبوريس أوي وعثمان بن جكال وعلاء الدين جبر. وبينما اختار كيلاني حاجي عمر الملاجئ والمخيمات، نشطت منار مرسي في المنتزهات ومدن الملاهي، واشتغل الصادق محمد أحمد بالقرب من حرفيي الطين وصانعي الجفان والجرار.

من المعرض، طارق مرزوقي


من جهته، ارتأى المصور طارق مرزوقي أن يسلط عدسته على القمامة التي شكّلت في تونس، بعد ثورة 14 يناير، مصدر إزعاج للمواطنين، وعدّها بعضهم عقاباً سياسياً للمجتمع خلال قلاقل الثورات المضادة.

أما مواطنه مجدي البكري فلم يذهب بعيداً، بل اهتم بالحياة الخفية لعمال النظافة في المراكز الأولية لتجميع الزبالة، وتابع عملهم في الشوارع المقفرة ليلاً. ونشير هنا إلى أن السرد المسهب والدقيق لتفاصيل عمّال الحضائر البلدية حوّل القمامة إلى عنصر غني بالدلالات.

المساهمون