تنصيب رئاسي في كييف: بوروشينكو أمام تحدي وحدة أوكرانيا

تنصيب رئاسي في كييف: بوروشينكو أمام تحدي وحدة أوكرانيا

07 يونيو 2014
يطمح بوروشينكو لإنهاء الأزمة في غضون 3 أشهر(getty)
+ الخط -

يدور الحديث في الأوساط الإعلامية، عن أن الرئيس الأوكراني الجديد، بيوتر بوروشينكو، وضع نصب عينيه هدف إرساء النظام في أوكرانيا في غضون الأشهر الثلاثة الأولى من حكمه، وتبنى خطة لتسوية الوضع في البلاد. فهل يكتب لخطته النجاح، في ظل تحوّل الصراع مع الأقاليم الانفصالية إلى ما يسميه البعض حرباً أهلية، يغذيها تناقض المصالح بين روسيا والغرب؟

يؤدي الرئيس المنتخب اليمين الدستورية اليوم، السبت (السابع من يونيو/ حزيران). وسيطرح الرئيس خطته لإرساء الأمن واستعادة وحدة البلاد، مباشرة بعد أدائه اليمين. يتم الحديث عن خطة تتألف من ثلاث نقاط: حوار داخل البلاد، وحوار في جنيف أو مكان آخر على مستوى عالي التثميل، ومفاوضات مع روسيا، مع التأكيد على أن السير المتزامن في هذه الاتجاهات الثلاثة هو وحده الكفيل بتسوية الوضع داخل أوكرانيا ومع جيرانها.

في الشأن الداخلي، تنطوي خطة بوروشينكو على وعود بإصلاحات عميقة في نظام الإدارة الذاتية، تأخذ في الاعتبار التجربة البولندية: انتخابات مبكرة في مجالس الإدارة المحلية، والتحول نحو لامركزية السلطة، أي منح الإدارات المحلية سلطات واقعية. ولكن كل ذلك من دون المساس بوحدة الدولة الأوكرانية، أي من دون القبول بفكرة الفيدرالية، وسط بقاء شعار "أوكرانيا دولة فيدرالية" مطلباً رئيساً للأقاليم الشرقية الموالية لروسيا.

كييف تحتفل، ودونباس تترقّب

يجري تنصيب الرئيس على خلفية تصاعد العملية العسكرية العقابية أو التأديبية التي تقوم بها كييف ضد انفصاليي لوغانسك ودونييتسك. لذلك، لا يُتوقع أن تلقى خطوات الرئيس الجديد قبولاً هناك، على الرغم من العفو العام الذي سيسبقها. فقد قال رئيس المجلس الأعلى في جمهورية دونييتسك الشعبية المعلنة من طرف واحد، دينيس بوشيلين، رداً على إعلان بوروشينكو رغبته في زيارة دونباس (في مقاطعة دونييتسك) بعد تسلمه مهامه لتسوية الوضع، بالتزامن مع عفو عام سيعلن عنه، أنهم في دونباس لا ينتظرون بوروشينكو. فـ"بعد كل ما تفعله القوات الأوكرانية هنا، نحن لا ننتظره". هذا ما نقلته صحيفة "كوميرسانت" الروسية عنه، من دون أن ينسى الرجل الاستدراك بأن السكان لن يعيقوا مجيئه "ولكن الناس هنا لن يسمحوا له بالمجيء".

خلافاً لذلك، يرى الباحث السياسي سيرغي تولستوف من كييف، وجود أمل في تغيير سياسة كييف تجاه دونباس بعد تسلّم الرئيس الجديد مهامه، فيقول إن "تنصيب الرئيس خطوة في الاتجاه الصحيح". بينما يمضي المحلل السياسي الأوكراني الشهير ميخائيل بوغريبينسكي أبعد من ذلك، فيعلق آمالاً على الرئيس الجديد في "وقف العملية العسكرية" ضد الأقاليم الانفصالية.

يد روسية

يتزامن تنصيب بوروشينكو مع خطوة روسية نحو التهدئة ومحاولة تطبيع العلاقات. وكأن القرم بات ماضياً سحيقاً لا يجدر تذكّره، ولا معنى لإضاعة الوقت بالحديث عنه. وتتمثل الخطوة الروسية بقرار إعادة السفير ميخائيل زورابوف إلى كييف.

وتساءل معلقون مختلفون، على إذاعة "صدى موسكو" الروسية المعارضة، عن معنى هذا القرار، ورأوا أنه يساوي الصفر على الرغم من إدراكهم استحالة قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، مهما احتدمت الأزمة، نتيجة تشابك مصالح السكان وتعقيدات العلاقات بين البلدين. وسخروا من أن سحب السفير تمّ بحجة أن جماعة "بنديرا" النازيين، "اغتصبوا" السلطة في كييف، وإذا بقرارٍ يقضي بإعادة السفير الروسي، فما الذي تغيّر؟

قد يكمن الجواب في قول بوتين على موجة إذاعة "أوروبا-1" إن "لدى السيد بوروشينكو فرصة نادرة. فيداه لم تتلطخا بالدماء بعد، وبإمكانه إيقاف العملية العسكرية العقابية والبدء بحوار مباشر مع مواطنيه في شرق البلاد وغربها".

عقدة الطاقة

يجري الحديث في وسائل الإعلام عن الجانب الاقتصادي من خطة بوروشينكو، وخصوصاً مسألة الطاقة. يُنتظر من الرئيس الجديد أن يسعى في عاجل الأيام إلى تنويع مصادر الطاقة، لتجريد موسكو من أقوى أوراقها في علاقتها بكييف. لكن سؤال الطاقة ليس مسألة ثنائية، والتخلي عن الغاز الروسي، على الرغم من وعود الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي بتغطية النقص، يضع أوروبا بدورها، في وضع نفطي محرج، حلّه ليس في كييف وحدها.

وعود أميركية احتفالية وشكوك روسية

في سياق الوعود الأميركية وقراءة دور واشنطن في الأزمة الأوكرانية، نقلت وكالة "نوفيغاتور" عن الباحث في الشؤون السياسية، ألكسندر فورمانتشوك، إشارته إلى أنه "من غير العقلاني ليس القيام بالتنصيب في ظروف الحرب فحسب، إنما وخوض الحرب نفسها. من الواضح أن التنصيب سيتم في جميع الأحوال، خصوصاً أن بوروشينكو يزور بولندا قبلها، ويلتقي الرئيس باراك أوباما هناك، و"يتلقى التعليمات"، ويبدأ مهامه لضمان استمرار الحرب. هناك حرب أهلية تدور على الأرض الأوكرانية، وهي تتحول تدريجياً إلى حرب أميركية ضد روسيا".

حدود ساخنة ونزوح

وبينما تستعد كييف لحفل التنصيب، تحدثت صحيفة "نوفايا غازيتا" عمّا يجري على الحدود الروسية ـ الأوكرانية، مؤكدة أن القائم بأعمال الرئاسة الأوكرانية، ألكسندر تورتشينوف، أغلق جزئياً الحدود مع روسيا لتقليص فرص دخول السلاح إلى الانفصاليين. ويجري الحديث في أوساط مختلفة عن "بزنس" جديد يتمثل بتهريب ضحايا الحرب عبر الحدود، في شروط غير آمنة ولقاء مبالغ مالية كبيرة، وأن أكثر مَن يعاني هم أولئك الذين يرفضون القتال إلى جانب أي من الطرفين.

وفيما تتبادل موسكو وكييف الاتهامات، ينتظر مواطنون أوكرانيون في دونييتسك خطوة لوقف الحرب يقوم بها الرئيس الجديد، وبعد وقف العملية العسكرية التأديبية، يتم البحث في الحلول. لكن مواطنين يسافرون باستمرار إلى روسيا عبر أوكرانيا، من كيشينيوف عاصمة مولدوفا، وبريدنيستروفيه المولدافية التي أعلنت انفصالها عن المركز أخيراً، يتحدثون عن مشكلة وجود "تجارة جديدة تستغل الحرب، وللقيمين عليها مصلحة في استمرارها".

مع تنصيبه رئيساً اليوم السبت، يخطو بوروشينكو خطوته الأولى في حقل ألغام أوكراني، خرائطه في واشنطن وموسكو.

المساهمون