تكامل البورصات العربية

تكامل البورصات العربية

20 يناير 2015
+ الخط -
قد يرغب المستثمر في أن يقوم بتوزيع استثماراته بأدوات عدة أو أسواق مالية وفق رؤية استثمارية محددة. وقد يرغب المستثمر في إنشاء محفظة مالية تحتوي أوراقاً مالية بعدد من القطاعات أو البورصات المختلفة في مكانها الجغرافي. وهذا ما كان أساس الفكرة التي كانت تدور في خلد عدد من المسؤولين في بورصات الخليج العربية، الذين رأوا رأتان يكون هناك أمل بمستقبلٍ يحتوي بورصة خليجية موحدة، وذلك قبل أن تنتقل الفكرة إلى مستوى أكبر، وتكون إنشاء بورصة عربية موحدة هي الهدف وراء إنشاء "اتحاد البورصات العربية". 
يعمل "اتحاد البورصات العربية" على تقريب وجهات النظر بين المسؤولين في البورصة. وذلك قبل التحول الذي حصل في كثير من الكيانات الرقابية الخليجية. وذلك عبر إنشاء هيئات الأسواق المالية. عملت هيئات الأسواق المالية عبر اللقاءات المشتركة والاجتماعات الرسمية، على أن تكوّن قاعدة رقابية تساعد على التطابق ما بين دول مجلس التعاون، قبل أن تتسع الفكرة لتضم هيئات عربية أخرى.
الخيار الصائب هو العمل من خلال خبرات اتحاد البورصات العربية، على توحيد قواعد عدة، منها اشتراطات الإدراج، وفتح حسابات للمتعاملين، وأيضاً قبول شركات الوساطة بكيانها المحلي لدى الدول الأخرى. وذلك عن طريق تطبيق اتفاقيات السوق المشتركة، سواءً العربية أو الخليجية.
وتعتبر المنفعة العامة للشركات المدرجة، والتي تبحث عن توسيع قاعدة المساهمين للحصول على أفضل قاعدة رأسمالية بهيكل مالي متزن، المنطلق للمصلحة التي تقتضي بسهولة انتقال الأموال عربيّاً وخليجيّاً. وذلك لما للقطاع الخاص والأهلي من أهمية كبرى بالاقتصاديات. ويبحث المستثمرون عن المنفعة عبر تقليل المخاطر، وزيادة الفرص الاستثمارية، وعبر تعدد أشكال وأنماط الاستثمار في الأوراق المالية. ولذلك فإن مرونة التعاملات المالية في الأسواق، تعتبر مؤشر قوة ومتانة للسوق المالية إضافة إلى النجاح في استقطاب أكبر قاعدة رأسمالية تتيح لمتخذي القرار في الشركات الحصول على شراكات استراتيجية بملاءة مالية تعطي أريحية للجميع.
وعلى صعيد تبادل الخبرات بين أسواق المال المختلفة وكوادر الرقابة، فإن وجود كيان كبير يحتوي في البداية على الشركات الخليجية مثلاً، سيكون له الأثر الإيجابي في تقوية مستوى الشفافية وتعزيز دور الرقابة الفعالة وتوفير أكبر قدر من المعلومات التي يحتاجها المستثمر والمتداول لتحديد وجهته الاستثمارية. وسيكون الكيان الاقتصادي الموحد بمثابة المرجع الأساسي لمعايير عالية الدقة يراقب السوق ويمنعها من أية مخاطر قانونية.
ويمكن القول بأن توحيد البورصات على هيئة سوق واحدة تحتوي على كافة الشركات، هو بمثابة اندماج اقتصادي بكيان واحد يحسب له الكثير من الحسابات من كافة الدول الأخرى. وتعتبر الدول الخليجية مؤهلة بشكل أكبر من أي كيان للوصول الى التكامل. وذلك نظراً للأرضية المشتركة الصلبة الموجودة في مجلس التعاون الخليجي، والسعي الدائم لدول الخليج نحو توحيد أكبر قدر من القوانين أو الإجراءات التي تخدم المجتمعات الخليجية اقتصاديّاً.
أما فيما يتعلق بالعملة الموحدة الخليجية والتي تقرر تأجيل إطلاقها مع تقلص عدد الدول المشتركة بهذا المشروع، فإن عملية وجود بورصة خليجية واحدة ستسرع حتماً في إعادة إطلاقها. عندما تكون هناك عملة واحدة نجد أنه من الممكن أن يتم التعامل بعملة واحدة لا بست عملات تعتمد على تقلبات سعر الدولار، باستثناء الدينار الكويتي الذي فك ارتباطه مع الدولار بشكل جزئي في بداية عام 2008.
وتجربة التقلبات في أسعار النفط وتراجعها أخيراً واستمرار ذلك التراجع مع بداية العام الحالي سيكون بمثابة تنبيه لكيفية حماية العملة الموحدة الخليجية من التعرض لتقلبات عالمية. وهذا التأثر كان قد أصاب البورصات الخليجية، أيضاً، بتراجعات متفاوتة القوة والتأثير لما لأحجام التداول والقيمة الرأسمالية للبورصة من أهمية بتقليل أو تعظيم ذلك الأثر، فضلاً عن مؤثرات محلية تخص كل دولة على حدة.
تعتبر منطقة الخليج تحديداً من أكبر المناطق التي تمتلك صناديق سيادية بأصول كبيرة وذات تنوع استراتيجي، الأمر الذي يعطيها مناعة من مخاطر الاستثمار التي أصابت العديد من دول العالم، ومنها الدول الأوربية التي تعاني، حاليّاً، من تراجع عملتها الموحدة وهي اليورو. وتستطيع تلك الصناديق السيادية أن تأخذ بزمام الأمور في عملية انطلاق سوق موحدة خليجية أو عربية في مراحل لاحقة. بحيث تحقق تلك السوق الموحدة وضعية مالية متميزة للدول المشاركة تحت سقف بورصة واحدة. ويساعد التقدم التكنولوجي أيضاً نحو تقريب المسافات لإتمام كل ما هو مطلوب سواءً فنيّاً أو إداريّاً. وستقوم الشركات والهيئات المندمجة بتقديم خدماتها لمستثمري الأوراق المالية عبر وجود ممثلين لها في دول مختلفة.
(خبير مالي كويتي)

المساهمون