تقرير حقوقي يتهم السلطات التركية بتعذيب "معتقلي وزارة الخارجية"

تقرير حقوقي يتهم السلطات التركية بتعذيب "معتقلي وزارة الخارجية"

29 مايو 2019
توقيف مائة ألف عقب المحاولة الانقلابية (أديم ألتان/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت نقابة المحامين في العاصمة أنقرة عن تقرير يؤكد تنفيذ السلطات التركية عمليات تعذيب بحق معتقلين، مؤكدة أنها التقت الضحايا بشكل مباشر، وأنهم موظفون سابقون في وزارة الخارجية اعتقلوا بتهمة الانتماء لجماعة "الخدمة" التي تصنفها الحكومة التركية إرهابية.

وأجرت النقابة التحقيق بناء على ادعاءات سيقت عن عمليات تعذيب قامت بها مديرية الأمن في أنقرة، لتصدر تقريرها أمس بعد أن التقت بشكل مباشر مع المعتقلين الذين ذكر تعرضهم للتعذيب.

وذكر التقرير، الذي اطلع عليه "العربي الجديد"، أن "الموظفين الذين أخرجوا من وظائفهم وفق قوانين رئاسية، هم من وزارة الخارجية، ويبلغ عددهم قرابة 100 موظف ودبلوماسي، تعرض البعض منهم للضرب المبرح حتى فقدان الوعي، لدرجة نقل أحدهم إلى المستشفى، دون أن يمنحه الطبيب تقريراً طبياً، مضيفاً أن "التعذيب يشمل استدعاء الموظفين وضربهم عبر عناصر المخابرات، وإجبار المعتقلين على التوقيع تحت الضغط والتعذيب".

ولفت التقرير إلى أن "المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب تقدموا بشكاوى للنقابة في أنقرة، وأن "المحامين عندما زاروا المعتقلين طلب منهم التوقيع على وثائق بشكل مخالف للقوانين، وفي النهاية قيل لهم إن مهلة تعيين محامين للمعتقلين قد انتهت".

تقرير النقابة تناول حالات تعرض لها 6 معتقلين، شرحت أن "المعتقلين تم نقلهم من أجل مقابلة تنتظرهم، وأن بعضهم لم يعترفوا بما نسب إليهم من تهم فتعرضوا للتهديد والتحقير، وممارسة ضغوط نفسية عليهم"، مشيراً إلى أن "الضحايا أكدوا أنه يمكن أن يتعرفوا إلى الأشخاص الذين عذبوهم".

وأضاف أن "خمسة من بين 6 معتقلين تعرضوا للتعذيب خارج إطار حجّة المقابلة، والمعاملة السيئة، وشخص واحد منهم على الأقل تعرض لمعاملة سيئة وتعذيب شديد، ونقل ما حصل معه لزملائه المعتقلين".

ونقل التقرير أقوالاً متطابقة لخمسة من المعتقلين، أنهم "نقلوا إلى مكان في قسم التحقيق بالجرائم المالية في مديرية أمن أنقرة، ووضعوا في غرفة في طابق الدخول مكتوب على بابها (ممنوع الدخول)، وكانوا مكبلي الأيدي، فيما كانت الغرفة مظلمة، ولم يتعرفوا إلى الوجوه في الغرفة بسبب العتمة، وفيها جرى ربط عيونهم، ومن ثم ضربهم بالهراوات، والتهديد بوضعها في المؤخرة في حالة عدم اعترافهم".

وتابع التقرير متحدثاً عن شهادات المعتقلين أنه "جرى تعرية البعض، وثمة آخرون كانوا نصف عراة، وقد جرى إدخالهم فرادى، ووضعهم بوضعية الجنين، ومنحوا عدة دقائق للاعتراف، ومع عدم اعترافهم تم الانتقال إلى مرحلة ثانية بوضع مواد على الهراوات، وتمريرها من المناطق الحساسة، والتهديد بالتعذيب، ولاحقاً جرى التعذيب بهذه الطريقة، ومع الخوف من تكرار التعذيب رفض المعتقلون الإفصاح للطبيب عما حصل معهم أثناء المعاينة الطبية".

ونقل التقرير عن أحد المعتقلين قوله إنه "سئل إن كان متزوجا، فأجاب بالإيجاب، فقيل له اعترف قبل أن تتعرض لموقف تخجل فيه من زوجتك، وتبكي فيه كل ليلة"، فيما قال معتقل آخر "الطبيب قال لي شفوياً توجد آثار تورم، ولكن بعد اتصالات من الممرضة تمت كتابة تقرير طبي ينفي وجود أي آثار تعذيب، قبيل أن يتم تمديد فترة التوقيف". 

كذلك أفاد التقرير بأن أحد المعتقلين "بعد أن عاد لحجرة الاعتقال لم يرو لزملائه حادثة التعذيب، وعندما استيقظ صباحاً تعرض للإغماء، فطلب له الإسعاف، وقيس ضغطه، قبل أن يفقد الوعي في اليوم التالي أيضاً، إذ إنه لم ينم على مدار 48 ساعة جراء ما حصل معه".

وخلص التقرير إلى أن 3 من الذين تم تعذيبهم أفرج عنهم، مستفيدين من "أحكام الندم"، لم يكن في ملفاتهم أي تعذيب أو ضغط، ولكنهم أفادوا لاحقاً بتعرضهم لانتهاكات، بعد أن أفاد 3 بعمليات التعذيب وتمديد فترة اعتقالهم.

وأقر واحد من الثلاثة للقاضي بأنه تعرض للتعذيب، فسأله القاضي: "لماذا أنت فقط من يقول ذلك؟"، ليعترف اثنان آخران موجودان في القاعة بذلك.

وبعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا في عام 2016، تعرض كثير من الموظفين للاعتقال والطرد من وظائفهم بتهمة الانتماء إلى جماعة "الخدمة"، التي يتزعمها الداعية فتح الله غولن، إذ تقول مصادر حكومية إنه جرى توقيف أكثر من مائة ألف، ولكن من اعتقل يبلغ عددهم قرابة 30 ألفاً، وأفرج عن الباقي، فيما تستمر عمليات التحقيق مع الموقفين، في ظل انتقادات وجهت إلى الحكومة التركية بالتعسف في الاعتقال بحجة الإرهاب.