تقديرات إسرائيلية حول مرحلة ما بعد عباس

تقديرات إسرائيلية حول مرحلة ما بعد عباس

28 مايو 2018
قلق في إسرائيل من احتمال غياب عباس(Getty)
+ الخط -


على الرغم من أن معظم دوائر الحكم في تل أبيب تتجنب التعبير عن تصوراتها لمرحلة ما بعد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إلا أن قلة من أوساط الحكم والكثير من النخب الأمنية ومراكز التفكير الإسرائيلية تحذّر من التداعيات السلبية لغياب رئيس السلطة عن مشهد الأحداث.

وكان الليكودي وزير "شؤون القدس"، وعضو المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن، زئيف إلكين، الوحيد من بين الوزراء الإسرائيليين الذي ظل يحذّر من خطورة التحولات التي ستشهدها الضفة الغربية بعد غياب عباس، إذ توقع أن تتفكك السلطة الفلسطينية إلى جيوب، بشكل يفضي إلى فوضى عارمة توفر بيئة تسمح بتدهور الأوضاع الأمنية بشكل كبير.

وفي مقابلة أجرتها معه، أخيراً، إذاعة "القناة السابعة" المتحدثة بلسان التيار الديني الصهيوني، توقع إلكين أن يفضي تهاوي المنظومات السلطوية داخل الضفة الغربية، التي يتم بواسطها الحفاظ على التعاون الأمني إلى تعرض المستوطنات اليهودية في الضفة وإسرائيل لموجة من عمليات المقاومة.

وحسب إلكين، الذي تكتسب توقعاته أهمية بسبب اطلاعه على التقديرات السرية التي يقدمها الجيش والأجهزة الاستخبارية؛ فإن فرص أن تتمكن حركة "فتح" من التوافق على مرشح لخلافة عباس تؤول إلى الصفر، موضحاً أن عباس عمل على شل المجلس التشريعي وجمد الحياة السياسية في الضفة بشكل لا يسمح بإجراء انتخابات.


وزعم الوزير الليكودي أن كل التقديرات تشير إلى أنه حتى لو تم تنظيم انتخابات لاختيار خلف لعباس فإن فرص مرشح "حماس" بالفوز ستكون كبيرة جداً.

وتابع إلكين أنّ "ما يدلل على تهاوي شعبية حركة فتح حقيقة أن السلطة عملت كل ما في وسعها لعدم تمكين حركة حماس من المشاركة في الانتخابات المحلية التي جرت في الضفة الغربية العام الماضي لتأكدها من أنها ستخسر هذه الانتخابات".

وفي إشارة إلى وجوب السعي لجمع السلاح من الفلسطينيين في الضفة، دعا إلكين إلى الاستعداد لتقليص الأضرار الأمنية الناجمة عن مغادرة عباس.

وحول كيفية إدارة الأمور في الضفة الغربية، يرى إلكين أن الخيار الأفضل بالنسبة لإسرائيل أن يتم تنصيب قيادات محلية في كل مدينة أو بلدة فلسطينية، مستدركاً أنه في حال لم يتسنَ الأمر، فإن إسرائيل قد تضطر لتدير التجمعات السكانية الفلسطينية بشكل مباشر، من خلال تعيين حاكم عسكري لإدارة شؤونها.

وتوقع إلكين أن تتكبد إسرائيل خسائر اقتصادية هائلة جراء غياب عباس، مشككاً بإمكانية أن تواصل الدول المناحة تقديم المساعدات المالية للفلسطينيين في الضفة الغربية، مما يعني أن تتولى إسرائيل تحمل العبء الاقتصادي.

لكن إلكين في المقابل، يرى أن غياب عباس سيخدم منطلقات اليمين الحاكم في إسرائيل، على اعتبار أن حالة الفوضى التي ستسود الضفة ستكون "دليلاً" على استحالة أن يتم تدشين دولة فلسطينية في الضفة.

بدوره، جزم الرئيس السابق للدائرة الأمنية والسياسية بوزارة الأمن الإسرائيلية، الجنرال عاموس غلعاد، بأنه حتى في حال أجريت انتخابات وتم التوافق على رئيس جديدة للسلطة، فإن أي خليفة لعباس لن يكون مريحاً لإسرائيل.

وفي مقابلة أجرتها معه قناة التلفزة الثانية، الجمعة الماضي، عدد جلعاد، الذي يرأس حالياً "معهد الدراسات الإستراتيجية"، في "مركز هرتسليا متعدد الاتجاهات"، "مزايا" عباس، ذاكراً أنه عارض العمل المسلح ووقف ضده، وحرص على أن يصل التعاون الأمني مع إسرائيل مستويات غير مسبوقة، مبيناً أن التعاون شمل الأطر الأمنية والمدنية.

ورأى جلعاد أن سياسات عباس أفضت إلى "الحفاظ على حياة الكثير من الإسرائيليين"، مشدداً على أن "إسرائيل لن يكون بوسعها العثور على رئيس متعاون كما يفعل عباس حالياً".

أما بولي مردخاي، الذي تقاعد أخيراً من منصبه كمنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيرى أن أي خليفة لعباس سيكون مضطراً لتبني مواقف متطرفة إزاء إسرائيل من أجل مراكمة الشرعية.

وخلال كلمة ألقاها أمام مؤتمر حضره سفراء إسرائيل في العالم، عقد في تل أبيب أخيراً، أوضح مردخاي أن النخب السياسية الفلسطينية ستتبنى مواقف متطرفة من كل مركبات الصراع.

من ناحيته، استنتج المعلق بن كاسبيت من مقابلات أجراها مع خمسة من أعضاء مجلس الوزراء المصغر لشؤون الأمن وعدد من الجنرالات بأن إسرائيل "ستشتاق كثيراً لعباس بعد مغادرته".

وفي تقرير نشرته الإثنين الماضي، النسخة العبرية لموقع "المونيتور"، أشار كاسبيت إلى أن بعض محافل التقدير الإستراتيجي دعت إلى الإفراج عن القيادي في حركة "فتح" مروان البرغوثي من السجن على اعتبار أنه الوحيد الذي بإمكانه منع سقوط الضفة الغربية في أيدي "حماس" بعد مغادرة عباس.

واستدرك قائلاً إنه لا يوجد أي احتمال أن تفرج الحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل عن البرغوثي الذي يقضب حكمًا مدى الحياة بعد إدانته بالمسؤولية عن عمليات قتل وجرح فيها عدد من المستوطنين.