تفجيرات السعودية: "داعش" يعوّض خسائره بـ"ذئاب منفردة"

تفجيرات السعودية: "داعش" يعوّض خسائره بـ"ذئاب منفردة"

05 يوليو 2016
مؤشرات إلى فشل عمليات "داعش" في دول الخليج(فرانس برس)
+ الخط -

على وقع تراجعه في معارك العراق وسورية بدا تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وكأنه يحاول أن يعوض هذا التراجع، عن طريق تكثيف عمليات "الذئاب المنفردة"، خصوصاً في السعودية والكويت.

وظهر جلياً أن تركيزه هذا جاء في ظل خسارة التنظيم مدينة الفلوجة العراقية، ودعوة القيادي في "داعش"، أبو محمد العدناني، أنصاره لتكثيف عملياتهم في شهر رمضان.

غير أن العمليات الأخيرة التي تحمل بصمات تنظيم "داعش" تثبت أن استراتجيية "الذئاب المنفردة" لم تعد ناجحة، إلا في إطارات ضيقة، لا كما كانت عليه في بدايات تبنيها من التنظيم، خصوصاً في دول الخليج العربي.

إلى ذلك، يظهر أن العمليات الكبرى التي شنها التنظيم في العواصم الأوروبية، بروكسل وباريس، قد تمت على يد عناصر في التنظيم، تلقوا تدريبات في العراق وسورية. كما يمكن ربط جاهزيتهم بتدريبهم من قبل العائدين من ميادين القتال، بشكل مباشر.

غير أن العمليات التي شهدتها الكويت والسعودية أكثر ارتجالية، واعتمدت بصورة رئيسية على استهداف نقاط رخوة، لم يكن من المتوقع استهدافها أبداً، كالمساجد. إلا أن هذه الاستراتيجية لم تعد تعمل كما يجب، كما تظهر الأحداث الأخيرة.

ففي الكويت، تمت الإطاحة بمتعاطفين وعناصر من "التنظيم" قبل قيامهم بشن أي هجمات، كما أعلنت وزارة الداخلية الكويتية، قبل يومين. أما في المملكة العربية السعودية فيمكن اعتبار أن عمليتين من ثلاث عمليات نُفذت عن طريق استراتيجية "الذئاب المنفردة"، كان مصيرهما الفشل، ولم تؤديا إلى سقوط ضحايا.

فالعملية التي كان من المفترض أنها تستهدف القنصلية الأميركية في جدة، أول من أمس، والتي نفذها مقيم باكستاني الجنسية، انتهت بتفجير الانتحاري نفسه، بعيداً بقرابة 600 متر عن مبنى القنصلية. ولم تسفر العملية عن وقوع ضحايا. وبتفجير جزئي للحزام الناسف، والذي لم ينفجر بشكل كامل، كما أعلنت وزارة الداخلية السعودية.

هنا، يظهر أن الفشل رافق العملية، ابتداء من صناعة الحزام المستخدم فيها، إلى اختيار الهدف، وهو القنصلية الأميركية التي تتمتع بحراسة مشددة، وانتهاء بالتنفيذ. وكانت نتيجتها انتهاء الانتحاري مقتولاً في مواقف سيارات أحد المستشفيات الخاصة بالمدينة.

أما العملية التي كانت تستهدف مسجداً في مدينة القطيف، شرق السعودية، فقد انتهت بتفجير الانتحاريين لنفسيهما خارج المسجد، بعد فشلهما في الدخول إليه. وأدت الأخيرة بحسب وزارة الداخلية السعودية إلى مقتل المنفذين، وشخص ثالث، يُعتقد أنه من ضمن الخلية التي نفذت الهجوم.

كما تم إحباط عدة عمليات تستهدف المساجد في المنطقة الشرقية، إما من قبل رجال الأمن أو المتطوعين الذين يقومون بحراسة المساجد، بعد الانفجارات التي ضربتها في 2014 و2015.

وساهم استبعاد المساجد، كأهداف محتملة لهجمات تنظيم "داعش"، في سهولة اختراقها في عام 2014، وبدايات 2015، لكن بعد تكرار هذه العمليات بات نجاح التنظيم في استهدافها مشكوكاً فيه. وتم إحباط عدة عمليات كان من الممكن أن تؤدي إلى خسائر بشرية هائلة، في حال نجاح منفذيها في التفجير داخل المسجد، بشكل مباشر.

أما في المدينة المنورة فتبدو عملية يوم أمس أكثر التباساً، إذ لم يتضح هدف العملية على نحو دقيق. لكن يمكن الجزم أن مجرد استهداف رجال الأمن في السعودية هدف كاف بالنسبة إلى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، والذي يعتبر هؤلاء "كفاراً ومرتدين".

ويبرر تنظيم "داعش" استهداف رجال الأمن، كما قام في أوقات سابقة بتنبي عمليات ضدهم، في الهجوم الذي استهدف مسجداً لقوات الطوارئ، في مدينة عسير، جنوب السعودية في 2015. كذلك الاغتيالات التي وجهت ضد عسكريين، خلال الفترة الماضية.

لكن العملية الأخيرة يمكن وصفها بالخطأ القاتل للتنظيم، والفشل الذريع لـ"ذئابه المنفردة"، باعتبار أن استهداف الحرم النبوي سيكون حدثاً مفصلياً سينهي أي سكوت عن جرائمه. كما ستأثر العملية على التعاطف معه، وستؤدي إلى مضاعفة الجهود الشعبية والحكومية لمواجهة خطره.

اعتمد التنظيم في عملياته ضمن استراتيجية "الذئاب المنفردة" على عناصر غير مدربة، خصوصاً في ظل عدم تمكن عناصره المقاتلة في سورية والعراق من العودة إلى دول الخليج لشن هجمات، عوامل صعبت من عملياته.

هذه العوامل ساهمت بصورة كبيرة، في انحصار ارتدادات العمليات التي شنها التنظيم، إعلامياً بدرجة كبيرة، وساهمت في زيادة الاستنفار الأمني في المنطقة، على الرغم من فشلها في تحقيق أهدافها المباشرة، وانتحار منفذيها في موقف للسيارات هنا، أو بالقرب من مسجد هناك.

 

دلالات