تفاؤل حذر باحتمال نجاح اتفاق جديد في اليرموك

تفاؤل حذر باحتمال نجاح اتفاق جديد في اليرموك

22 يونيو 2014
حصار مخيم اليرموك امتد لأشهر(رامي سعيد/الأناضول/Getty)
+ الخط -
صحيح أنه ليس الأول من نوعه، وسبقته العديد من الاتفاقات الفاشلة، إلا أن "الهدنة" الجديدة لتحييد مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين (جنوبي دمشق)، الذي تم توقيعه، أمس السبت، جلب أجواء تفاؤل كبيرة لدى أهالي المخيم الذين انتشروا في الطرقات، معبّرين عن فرحتهم وأملهم باحتمال انتهاء الحصار الشامل المفروض عليهم من قبل النظام السوري منذ يوليو/تموز 2013، الذي تسبب، بحسب تقديرات مختلفة، بوفاة نحو 200 شخص جوعاً.
الاتفاق يدخل حيز التنفيد، اليوم الأحد، بعدما جرى التوافق عليه في مبنى بلدية اليرموك، ووقعه من طرف الحكومة السورية رئيس فرع فلسطين العميد ياسين ضاحي، ومن طرف منظمة التحرير الفلسطينية، مدير الدائرة السياسية أنور عبد الهادي، وعن هيئة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة "الأونروا"، جمال عبد الغني، إضافة إلى قادة المجموعات المسلحة داخل المخيم، وفوزي حميد كممثل عن وجهاء المخيم.
وقال ممثل الكتائب المسلحة، والذي وقع الاتفاق، أبو هاني شموط، لـ"لعربي الجديد"، إن فرص النجاح هذه المرة أكبر مما سبق بسبب حاجة النظام الشديدة لهذا الاتفاق، خصوصاً بعد الضغط العسكري الكبير الذي تعرض له من جانب الكتائب المقاتلة في المخيم في الآونة الأخيرة، والذي لم يتم رصده من جانب وسائل الإعلام.
وشدد شموط على قضية إطلاق المعتقلين الفلسطينيين لدى النظام، وقدر عددهم بـ4700 شخص، بينما قدرهم مندوب النظام ومنظمة التحرير بـ 2700 شخص فقط، مشيراً إلى إطلاق عدد قليل جداً منهم في إطار "العفو" الأخير الذي أصدره الرئيس بشار الأسد.
وتقضي بنود الاتفاق وقف إطلاق النار فوراً، وفتح مداخل المخيم الرئيسية وتجهيز البنى التحتية تمهيداً لعودة أهالي المخيم، إضافة إلى وضع نقاط تمركز على حدود المخيم لضمان عدم دخول أي مسلح من خارج المخيم، وتشكيل لجنة عسكرية مشتركة متفق عليها، وقوة أمنية لحفظ الأمن داخل المخيم، وضمان عدم وجود أي سلاح ثقيل داخله، وضمان عدم تعرض المخيم لأي عمل عسكري، والتعهد بمنع دخول أي مسلح من الجوار أو أي منطقة إليه نهائياً، وإطلاق سراح المعتقلين وضمان عودة الأهالي وحل مشكلات الخدمات الأساسية.
كما تضمن الاتفاق "منع دخول أي شخص متهم بالقتل إلى المخيم حالياً لحين إتمام المصالحة الأهلية، وأي شخص مسلح يريد العودة إلى المخيم، يدخل بشكل مدني".
كما يشير الاتفاق في أحد بنوده إلى أن "الضامن الوحيد لكل ما سلف هي الدولة ممثلة بالعميد الركن رئيس فرع فلسطين فقط وكافة الأمور الأمنية".
وتسود حالة من التفاؤل الحذر بين أهالي مخيم اليرموك سواء من هم داخله، أم خارجه في دمشق ومحيطها أو في لبنان، بأن حظوظ نجاح الاتفاق هذه المرة أكثر من المرات السابقة، لكونه تم بموافقة جميع الأطراف الفاعلة التي لها جميعاً، كما يبدو، مصلحة في انجاح الاتفاق سواء النظام السوري، الذي يسعى لعقد هدن واتفاقات مع كل المناطق حول دمشق، أم الكتائب المعارضة التي تعيش أوضاعاً صعبة بسبب الحصار الخانق والنقص الشديد في المواد الغذائية والطبية وفي الذخيرة أيضاَ، فضلاً عن الأهالي الذين أعياهم استمرار الحصار وحالة الصراع المسلح.
ويتعرض المخيم المحاصر منذ أشهر، إلى قصف من جانب قوات النظام وحلفائه (الجبهة الشعبية الفلسطينية– القيادة العامة وفتح الانتفاضة) التي كثيراً ما تشتبك مع الكتائب المسلحة الموجودة في المخيم، وفي طليعتها جبهة "النصرة" وكتيبتا "ابن تيمية وأبابيل حوران"، مما تسبب في سقوط مئات الضحايا من اللاجئين الفلسطينيين جراء ذلك.
كما شهد المخيم، الذي يعد أكبر التجمعات الفلسطينية في سورية، عمليات نزوح كبيرة، إذ يعيش فيه حالياً نحو 20 ألف مدني فقط من أصل أكثر من نصف مليون من فلسطينيين وسوريين كانوا يقطنونه، قبل دخوله على خط الصراع المسلح.
وسبق أن تم التوصل إلى عدة اتفاقيات بجهود من منظمة التحرير الفلسطينية ومبعوثين من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لكنها باءت بالفشل.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، توصلت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، والسلطات السورية إلى اتفاق، يقضي بإدخال مساعدات إنسانية وإجلاء المرضى من المخيم، غير أن الاتفاق توقف العمل به عدة مرات.
وكانت المناطق المجاورة للمخيم، مثل ببيلا وحجيرة والقدم، قد وقّعت اتفاقيات هدنة مماثلة، وفي حال استمر العمل بالاتفاق اليرموك، فلن يبقى خارج الهدن في جنوبي دمشق سوى الحجر الأسود الذي يحاذي المخيم إلى الجنوب.
وتنتشر في الحجر الأسود، الكتائب نفسها الموجودة في اليرموك تقريباً، ويقطنه حالياً نحو عشرين ألف نسمة من أصل أكثر من 400 ألف، وهم خليط من المحافظات السورية المختلفة، لكن الأكثر عدداً هم نازحو الجولان المحتل، وقد توفي نحو خمسين شخصاً جوعاً في الحجر الاسود الذي تحاصره من الجنوب ميليشيات عراقية بعد استيلائها على مناطق السيدة زينب وببيلا وحجيرة والسبينة قبل أشهر.

المساهمون