تظاهرات ليلية في لبنان وسط دعوات للإضراب العام

تظاهرات ليلية وقطع طرقات في لبنان وسط دعوات للإضراب العام

11 يونيو 2020
متظاهرون تجمعوا أمام مصرف لبنان في طرابلس(فتحي المصري/فرانس برس)
+ الخط -
تشهد مختلف المناطق اللبنانية، مساء الخميس، تظاهراتٍ وقطعاً للطرقات في أوسع تحرّك شعبي منذ "انتفاضة 17 أكتوبر"، ضمّ كلّ اللبنانيين من مختلف الأحزاب والتيارات السياسية
والمجموعات المدنية، وذلك احتجاجاً على تجاوز سعر صرف الدولار عتبة الخمسة آلاف ليرة لبنانية.
فقد أفقد تهاوي سعر الليرة الموظف اللبناني أكثر من ستين في المائة من قيمة راتبه الذي يتقاضاه بالعملة الوطنية، وأدى إلى ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية أكثر من أربعة أضعاف، في ظلّ انعدام القدرة الشرائية عند المواطنين واستمرار المصارف في احتجاز ودائع الناس.
وكانت لافتة مشاركة شبان من الخندق الغميق والضاحية الجنوبية لبيروت، والتي تعدّ محسوبة على "حزب الله" و"حركة أمل" التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، في الاعتصامات، بما يشي بأن "انتفاضة الجياع" التي جرى الحديث كثيراً عن أنها ستندلع في بيئة الحزب بدأت اليوم. ولوحظت وحدة الشعارات التي تمحورت حول الأوضاع المعيشية والعيش المشترك رفضاً للفتنة الطائفية. ما يطرح تساؤلات حول قرب انتهاء حكومة حسان دياب وسقوطها في الشارع، بعدما أثبتت عجزها وفشلها في إدارة الأزمة، لا بل فاقمتها حدّة مع تردي للأوضاع على مختلف المستويات.


سريعاً، أصدر المكتب الإعلامي للرئيس حسان دياب بياناً، مساء اليوم، جاء فيه: "ألغى رئيس مجلس الوزراء مواعيده يوم غد الجمعة، وذلك من أجل عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء مخصصة لمناقشة الأوضاع النقدية، عند التاسعة والنصف صباحًا في السراي الحكومي، على أن تستكمل الجلسة عند الساعة الثالثة في القصر الجمهوري".
وانفلت سعر صرف الدولار في السوق السوداء في مطلع الأسبوع، مُسجلاً أعلى مستوياته في لبنان شراءً وبيعاً، رغم تحديد نقابة الصرافين أسعاراً يومية للعملة الخضراء بلغت اليوم الخميس 3890 للشراء كحد أدنى والبيع بسعر 3940 كحد أقصى، ما ضرب الخطة السياسية – المصرفية – القضائية – الأمنية لمواجهة فوضى الصرف.
وأصدر مصرف لبنان، مساءً، بياناً علق فيه على تصاعد سعر الصرف، مشيراً الى أن الأسعار المرتفعة التي يتم تداولها مضللة. وقال، "يتم التداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي معلومات عن سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية بأسعار بعيدة من الواقع مما يضلّل المواطنين وهي عارية عن الصحة تماماً".
وذكّر حاكم مصرف لبنان الصرافين المرخصين من الفئة "أ" بأن يتقدموا إلى مصرف لبنان بطلباتهم لشراء الدولار تبعاً للأسعار التي تحددها نقابة الصرافين يومياً، والتي من المفترض أن تنخفض تدريجاً، مضيفا أن على الصرافين أن يعللوا طلباتهم وأن يذكروا اسم المستفيد.
وأضاف البيان: "يقوم مصرف لبنان، وخلال 48 ساعة، بتحويل الطلبات التي قدمت من الصرافين، والتي تمت الموافقة عليها من قبل المصرف المركزي، إلى حساباتهم الخارجية لدى المصارف التي سيشير إليها الصراف عندما يتقدم بالطلب إلى مصرف لبنان. وتقوم المصارف بتسديد هذه الطلبات وتسليم الأموال نقداً. أما في ما يتعلق بالصرافين غير المرخصين والذين يعملون خارج القانون، فستتم ملاحقتهم ومعاقبتهم تبعاً لقرارات الحكومة ووزارة الداخلية. يضاف أن أي صراف مرخص يقوم بالعمل خارج هذه الآلية سوف يحال إلى الهيئة المصرفية العليا وتشطب رخصته".
ونظّمت وقفة احتجاجية ليلاً أمام جمعية المصارف في بيروت، وسط حالة من الغضب في صفوف المنتفضين الذين دعوا إلى إضراب عام حتى استقالة الحكومة وسقوط المنظومة السياسية والمالية التي أفقرت الشعب اللبناني وحرمت الناس من حقوقها، فيما لا تزال تحتجز المصارف اللبنانية أموال الناس.
وأقدم عدد من الناشطين على قطع الطريق عند تقاطع الصيفي في وسط بيروت بالإطارات المشتعلة، في ظل إجراءات أمنية مشددة، حيث تعمل العناصر الأمنية على فتح الطريق. كما تجمع شبان في ساحة رياض الصلح ورفعوا الأعلام اللبنانية وهتفوا شعارات تطالب باستقالة الحكومة وقضاء مستقل وعادل، تبدأ من خلاله الخطوة الأولى في المسار الإصلاحي ومكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة.
وفي بيروت أيضاً، قطع محتجون طريق قصقص بالاتجاهين أمام مسجد الخاشقجي احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار. وأقفلت عدد من المحال التجارية أبوابها في العاصمة اللبنانية نتيجة الخسائر الكبيرة التي منيت بها من جراء ارتفاع سعر الصراف وانعدام القدرة الشرائية عند المواطنين. وتم قطع جسر الرينغ بالإطارات المشتعلة، وطريق المطار، كما قطع عدد من المحتجين أوتوستراد جل الديب وانطلياس بالإطارات المشتعلة، بالإضافة إلى مناطق أخرى في بيروت.


جنوباً، نظمت تحركات احتجاجية في صور، حيث نزل المنتفضون إلى الشارع ونظموا مسيرات رددوا فيها هتافات ضد سياسة الطبقة الحاكمة والمصارف التي أذلت المواطنين وسلبتهم حقوقهم.
كذلك، شهدت مدينة صيدا اعتصامات وقطعاً للطرقات بسبب تردي الأوضاع المعيشية، واستمرار السلطة في إهمال مطالب الشعب اللبناني المحقة، والاستمرار في تمرير صفقات وتسويات على حساب مصلحة الدولة، كما حصل في التعيينات المالية والإدارية. ونظمت وقفات احتجاجية أمام محال الصيرفة. ونصب محتجون خيمة وسط ساحة تقاطع إيليا استكمالاً لتحركاتهم التي بدأت منذ أيام بشكل متواصل.
وفي إقليم الخروب، قطع المحتجون أوتوستراد السعديات بالإطارات المشتعلة، ورفعوا الصوت عالياً بوجه الغلاء المعيشي وارتفاع سعر صرف الدولار. وطالبوا المعنيين التحرّك فوراً لإيقاف تجار العملة.

في البقاع، قطع عدد من المحتجين الطرقات في تعلبايا، سعدنايل، كسارة، مفرق المرج، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والنقدية. ودعا المحتجون الحكومة اللبنانية إلى الاستقالة بعدما عجزت عن إجراء إصلاحات جدية وسريعة، أقله لوضع حدّ لفوضى سعر صرف الدولار التي أفقرت الشعب.

وشهد مدخل بعلبك الجنوبي تحركات احتجاجية من قبل مجموعة من المحتجين الذين رفعوا الأعلام اللبنانية، ونددوا بغلاء الأسعار وتردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار وتدهور العملة الوطنية.
ودعت جمعية تجار بعلبك – الوسط التجاري، في بيان، التجار إلى إضراب عام وإقفال المحال التجارية والمؤسسات يوم غد الجمعة، استنكاراً لما آلت إليه الأوضاع. وذكرت أنّ "التجار لم يعد بإمكانهم تحمّل أعباء الكساد الكبير والتضخم وانهيار القدرة الشرائية والإجراءات المصرفية الجائرة، في ظل التراكمات الكارثية المعروفة التي فاقمت مشاكل التجار ودفعت العديد منهم الى الاقفال التام، ومن تبقى منهم يواجه أعنف تحديات الصمود باللحم الحيّ، ليضاف إلى ذلك اضطراب كارثي في السوق السوداء أدى إلى هبوط سعر صرف العملة اللبنانية مقابل سعر صرف الدولار".
شمالاً، قطع عدد من المحتجين أوتوستراد طرابلس – عكار في محلة باب التبانة بالعوائق وبلوكات الباطون، احتجاجاً أيضاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية وفوضى سعر الصرف.


وأعلنت جمعية تجار محافظة عكار، في بيان، أنه "مع تفاقم الوضع المعيشي لجهة ارتفاع الأسعار الجنوبي من جراء تفلت سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وحرصاً منا على ديمومة المواطن وشعوراً منا بالضائقة التي تجتاح حياة المواطنين، تداعى التجار في محافظة عكار، وقرروا إقفال أبواب المؤسسات حفاظاً على المواطن والتاجر، إلى حين يعمد المسؤولون إلى إيجاد آلية لتثبيت سعر الصرف من التفلت".
وحذّرت الجمعية من "استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم من التفلت في سعر الصرف؛ الأمر الذي يؤدي إلى تفلت أمني لا تحمد عقباه".

دلالات