تظاهرات بنغازي غداً تُربك الخصوم والحلفاء

تظاهرات بنغازي غداً تُربك الخصوم والحلفاء

14 يناير 2015
كل مشارك في التظاهرة ستعتبره قوات حفتر "إرهابياً"(فرانس برس)
+ الخط -
أطلق نشطاء من مدينة بنغازي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ما سموه "مخطط الانتفاضة 15 يناير/كانون الثاني" الذي ذيلوه بتوقيعات أهالٍ من مدينة بنغازي، مطالبين بفتح جميع الشوارع ومحاصرة ما تبقى من مقاتلي اللواء المتقاعد خليفة حفتر التي تواجه مجلس شورى ثوار بنغازي. وأكدت الحملة إنهاء أي وجود عسكري لمليشيات حفتر، وتكليف مجلس شورى الثوار بتأمين حدود بنغازي ومنع دخول أي مسلحين أو مطلوبين إلى المدينة، وإعادة اللاجئين إلى بيوتهم ومساعدتهم في إعادة تأهيل مساكنهم. وأعلن منظمو "الانتفاضة" عن تشكيل لجان لاستقبال اللاجئين خارج بنغازي وإعداد قوائم بالأضرار، مع استخدام منابر المساجد في رأب الصدع وحلحلة المشاكل بين أهل المدينة. وأشارت الحملة إلى ضرورة حضور حكومة الإنقاذ الوطني برئاسة عمر الحاسي المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام لبنغازي وتوفير جميع متطلباتها الحياتية والغذائية. وذكر الناشطون أنه يجب عودة الدراسة لمدينة بنغازي في كافة المؤسسات التعليمية خلال أسبوع، مهما كانت المعوقات. وأصر مروجو "انتفاضة بنغازي" على تسليم جميع المطلوبين إلى مجلس شورى ثوار بنغازي، وتحييد المدينة عن أي صراعات سياسية وصياغة ميثاق شرف بين عائلات بنغازي.

وانتشرت هذه الدعوات على صفحات تواصل اجتماعي معارضة لحفتر، تهتم برصد الانتهاكات في بنغازي، ونشر الأخبار المندلعة في أحيائها، خاصة في الصابري، وسوق الحوت، وبوهديمه، وبمحيط الكتيبة 204 دبابات بالقرب من شارع فينسيا والكتيبة 21 مشاة صاعقة بحي الطابلينو.

وتعاملت القوات الخاصة الموالية للواء حفتر مع هذه الدعوات بجدية، إذ أعلنت عن فرض حظر تجول في مدينة بنغازي لمدة 15ساعة، تبدأ من ظهر غدٍ الخميس، مشيرة إلى أن من يشارك في التظاهرات يُعدّ "مخرّباً وإرهابيّاً يساهم في زعزعة الأمن في بنغازي"، منبهة سكان المدينة إلى ضرورة التبليغ عن أي شخص يدعم تحركات 15 يناير.

وبحسب وجهة نظر بعض المتابعين، فإن المشهد الأمني والعسكري في بنغازي لا يسمح بأي حال من الأحوال بالنزول إلى الشارع والتظاهر السلمي وسط اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة والقصف الجوي على أحياء داخل بنغازي ومدخلها الغربي. ويرون أن أي محاولة للتظاهر السلمي حتى داخل الأحياء الخاضعة لمجلس شورى ثوار بنغازي ستكون عرضة للتعامل معها، من قبل مؤيدي اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بدموية وقصفها بالطائرات الحربية الموالية له، وهو ما يعني وضع أعباء على كاهل قوات مجلس شورى ثوار بنغازي لمحاولة تأمين هذه التظاهرات. وهو عمل في رأي المتابعين غير ممكن في الظروف الراهنة.

وينتهي أصحاب هذا الرأي إلى عدم إمكان خروج تظاهرات سلمية رافضة لعملية "الكرامة"، وللواء المتقاعد خليفة حفتر، وهو ما يعني تعرض مصداقية الموالين لمجلس شورى ثوار بنغازي إلى اختبار صعب في حال فشلهم، والذي قد يؤثر معنويا في المؤيدين لقوات مجلس شورى الثوار.

في المقابل، يرى آخرون أن الدعوة للتظاهر جاءت فخاً لـ"الصحوات" من المدنيين الذين يقاتلون مع قوات حفتر في بعض أحياء بنغازي، واصطيادهم إلى التظاهرات، والانقضاض عليهم، أو تحديد هوية أغلبهم، متوقعين أن تكون تظاهرات الخامس عشر من يناير/كانون الثاني المقبل مسلحة، كنتيجة منطقية لما قد تواجهه هذه التظاهرات من قمع بالعنف.

ثمة من يعتقد أن حراك الخامس عشر من يناير يهدف إلى بث رسائل سياسية لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا التي ترعى حوارا مفترضا أن ينطلق في مقر الأمم المتحدة بجنيف، مفادها أن حالة من الرفض الشعبي لعملية الكرامة أوصلت مدينة بنغازي خاصة، وعموم مدن شرق ليبيا إلى مستوى قريب من الكارثة الإنسانية، كنقص الوقود وغاز الطهي، وانقطاع الكهرباء والاتصالات لأيام، وغلاء المواد الأساسية.

وتأتي الدعوة لهذه التظاهرات كدعم للمفاوضين عن المؤتمر الوطني العام، وقوات فجر ليبيا. وجاءت هذه الدعوات وسط مشهد عسكري "بيروتي" بامتياز في بنغازي الليبية، لناحية اقتسام قوات مجلس شورى ثوار بنغازي، والقوات الموالية للواء حفتر، السيطرة على أحياء المدينة الأكبر في الشرق، إذ تتركز قوات حفتر عند مدخل بنغازي الشرقي حيث خطوط الإمداد العسكرية واللوجستية غير مقطعة الأوصال، خاصة في مدينتي المرج 100 كيلومتر شرق بنغازي، ومدينة البيضاء 200 كيلومتر شرق بنغازي، بالإضافة إلى شريط القرى والمناطق الصغيرة التي تُعد من أهم روافد مد قوات حفتر بالمقاتلين غير المدربين. بينما تسيطر جماعة "أنصار الشريعة"، إحدى أهم كتائب "مجلس شورى ثوار بنغازي" على منطقة القوارشة في المدخل الغربي لمدينة بنغازي، بالإضافة إلى أحياء الصابري وسوق الحوت، وسيدي فرج والهواري.