بعد أيام على عودته من الولايات المتحدة، كشف مسؤول عراقي في بغداد، أمس الاثنين، لـ"العربي الجديد"، أنّ من غير المرجَّح إجراء رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي زيارته المقررة مسبقاً للإمارات خلال جولته الخارجية المقرر أن تبدأ اليوم الثلاثاء من الأردن، نظراً لأنها تأتي بعد وقت قصير من لجوء أبوظبي إلى إشهار تحالفها مع إسرائيل. وأوضح المسؤول نفسه أن الكاظمي لا يريد أن تفهم زيارته بسياق خاطئ، تحديداً مع حالة النقمة الشعبية والسياسية المستمرة في العراق من الخطوة الإماراتية. ويستعد الكاظمي للقيام بجولة خارجية هي الأولى له منذ تشكيل حكومته في 7 مايو/ أيار الماضي، بعد زيارتين منفصلتين أجراهما لإيران والولايات المتحدة، على أن تبدأ الجولة من الأردن من خلال القمة الثلاثية الأردنية العراقية المصرية، قبل أن يتوجه إلى العاصمة السعودية الرياض، في محطته الثانية بعد أن أُجلت زيارته جراء العارض الصحي الذي تعرض له العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز في يوليو/ تموز الماضي. وأكد السفير العراقي في السعودية، قحطان الجنابي، أمس، موضحاً أن بلاده تتواصل مع الرياض لتحديد موعد جديد للزيارة. وبحسب مسؤول في مكتب الكاظمي، فإن الجولة الخارجية للأخير سترفع منها محطة الإمارات على الأغلب، لاعتبارات سياسية بسبب "إقدام أبوظبي على تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني". وأكد المسؤول في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "ثلاثة من مستشاري الكاظمي اعتبروا أن زيارته للإمارات في هذا الوقت قد تعطي رسائل سلبية داخل العراق وخارجه، لأن موقف العراق الشعبي، وحتى السياسي، مندد بالخطوة الإماراتية"، كاشفاً عن أن الزيارة قد لا تحصل أساساً لهذا السبب. وفي السياق، هاجم عضو البرلمان، فاضل جابر، صمت رئيس الحكومة وعدم إعلان موقف من التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، معتبراً أنه "لا يتناسب مع موقف الكتل السياسية، باعتبار إسرائيل دولة محتلة". وفيما أشار إلى أن "موقفه مرفوض ولا يمكن القبول به"، طالب مجلس النواب بـ"استضافة الكاظمي لتوضيح موقف الحكومة الرسمي".
البرلمان العراقي ما زال ينتظر موقفاً رسمياً من الحكومة إزاء التطبيع
ويأتي ذلك مع استمرار ردود الفعل السياسية في العراق إزاء الخطوة الإماراتية والضغط على حكومة الكاظمي لاستصدار موقف واضح. وذكر عضو كتلة "الفتح" البرلمانية، النائب كريم عليوي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "البرلمان ما زال ينتظر موقفاً رسمياً من الحكومة إزاء التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني"، معتبراً أن "العراق يعتبر ذلك خيانة عظمى لا يمكن القبول بها". بدوره تساءل رئيس كتلة "السند الوطني" البرلمانية، النائب أحمد الأسدي، في بيان، عن السبب "الذي دفع الإمارات إلى التطبيع الشامل مع الكيان الصهيوني. هل لديها حدود مغتصبة وسيادة مبتورة وحقوق تاريخية حتى تهرول للتطبيع مقابل قيام إسرائيل بتجميد ضمّ أراضي الضفة الغربية؟". ووصف التطبيع مع إسرائيل بـ"الخيانة والإذلال"، مؤكداً: "ستبقى فلسطين خالدة في ضمير الأمة، ولن تتخلى عنها". أما الخبير أحمد الحمداني، فشدّد في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، على أن الكاظمي يدرك أن هناك من يتصيد له الأخطاء ويفسّر كل خطواته، لذلك فإن زيارته الإمارات قد تثير التباسات عدة، مثل أنه غير معنيّ بالقضية الفلسطينية، أو حتى الشأن العربي ككل، وهذا تقزيم للعراق، ومخالفة أخلاقية في الوقت ذاته. كذلك طرح احتمال أن تُفهم زيارته من باب "الموافقة الضمنية على التطبيع"، على اعتبار قرب الكاظمي من المعسكر الأميركي، ما سيؤدي إلى وقوعه في مشاكل غير خافية داخل العراق. وعليه، إن "إلغاء زيارته لأبوظبي، حتى مع وجود مصالح للعراق تتعلق بمشروع الربط الكهربائي مع دول الخليج مثلاً، تعتبر الحل الأفضل". وحول عدم إعلان الكاظمي أو الرئيس العراقي برهم صالح موقفاً مندداً من التطبيع، رأى الحمداني أن الجامعة العربية نفسها ومجلس التعاون الخليجي لم يكشفا عن مواقفهما، على اعتبار أن قرارهما مصادر من أطراف معينة، وهي نفسها التي تشجع الانفتاح على الاحتلال الإسرائيلي، كالسعودية ومصر والإمارات والبحرين. وبالتالي، فإنه على الأغلب اختارت الرئاسات الثلاث في العراق عدم الدخول بأزمة مع أي طرف بسبب وضع العراق الحالي. من جهته، ذكر القيادي في "جبهة الإنقاذ والتنمية" أثيل النجيفي، لوكالة "شفق نيوز" أن "التطبيع مع إسرائيل مضر للعراق أكثر مما هو نافع، لأسباب عدة، منها أن الدول التي طبّعت العلاقة مع إسرائيل، سواء كانت مصر أو الأردن، كانت في حالة حرب مباشرة مع إسرائيل، ولهذا هي كانت بحاجة إلى مغادرة حالة الحرب، كما كانت تحتاج دعم الولايات المتحدة لغرض تسليح الجيش، وغيره". وأضاف أننا "في العراق، ليس لدينا أي مصلحة مباشرة لتطبيع العلاقة مع إسرائيل، بل على العكس، فهذا التطبيع يسبب إثارة مشاكل داخلية كبيرة في العراق".