تحالف الكرملين إلى أين؟

تحالف الكرملين إلى أين؟

01 أكتوبر 2015
+ الخط -
عندما تتضارب المصالح، يكون التنافس واضحاً، لاسيما أننا نرى الطرفين، أميركا وروسيا، متجاذبين في وسائل الإعلام، بذريعة الحرب على داعش، متنافرين في الحقيقة، للصراع على المصالح، لأن تدخل روسيا في منطقة نفوذ أميركا يمثل خطراً كبيراً على مصالح الأخيرة مع دول المنطقة، خصوصاً عندما نتحدث عن تحالف أمني عسكري بين أربع جيوش (موسكو، بغداد، طهران، دمشق)، بحجة التنسيق الاستخباراتي بين هذه الدول، لمحاربة داعش المتمدد في العراق وسورية، وسيطرته على أكثر من نصف سورية، وأكثر من ثلث المساحة العراقية.
روسيا بتدخلها في سورية واتخاذها من مطار اللاذقية قاعدة عسكرية، تبعث رسائل كثيرة، منها أن وجودها من أجل مساعدة نظام بشار الأسد، الحليف المطيع لها، وكذلك لعوامل جيوسياسية في المنطقة.
موسكو اليوم أكثر ديناميكية في سورية والعراق، لأنها تفكر بإعادة أمجاد الاتحاد السوفيتي، الذي تفكك عام 1989، لا سيما بعد احتلال جزيرة القرم الأوكرانية، وكذلك جورجيا، الأمر الذي يدفعها إلى توسيع نفوذها في الشرق الأوسط، وعدم ترك الساحة للولايات المتحدة الأميركية التي لا تبدو في أفضل حالاتها.
أميركا مترددة بشأن العمليات العسكرية ضد داعش، لأنها تحاول أن تقول "من هو المستفيد الأكبر بعد القضاء على داعش الإرهابي؟"، وهي لا تريد أن تتدخل بمعركة عسكرية برية تعود بالفائدة على إيران وروسيا، ونظام بشار الأسد المتهاوي، خصوصاً ونحن نعلم أن المسؤولين العسكريين في بغداد ودمشق يعتبرون موسكو تفي بتعهداتها أكثر من واشنطن، فيما يتعلق بالدعم اللوجستي.
ترى واشنطن أن لترددها مبررات أخرى، تجعلها لا تتسرع في اتخاذ قرارات شبيهة بحرب العراق الكارثية، تتعلق بطبيعة أرض المعركة، خصوصاً أنها تريد أن تدرب مقاتلين من أبناء العشائر السنية، لا يكون لهم علاقة بالحكومة العراقية، والحشد الشعبي، لأن الأخير يمثل العدو اللدود لها.
بتدريب هؤلاء المقاتلين، يمكن لأميركا أن تكسب ثقة العشائر المعارضة لداعش، وتكسر قاعدة القبليين الرافضين الوجود الأميركي أيام الاحتلال، باعتبارها (أميركا) ساعدتهم في محاربة داعش، والتخلص منه.
لذا، بادرت وزارة الدفاع الأميركية، في محاولة قديمة جديدة، للمناورة أمام تحالف موسكو المثير للقلق، بتعين الجنرال ألن مكفاليند قائداً جديداً على العراق وسورية لمحاربة داعش، إذ تم تعيينه لما يتمتع به من خبرة في مجال حرب الشوارع، لأنه شارك في بداية الحرب الأميركية على العراق، ويعرف خريطة العراق العسكرية جيداً، وأسهم بتأسيس الصحوات التي استطاعت القضاء على تنظيم القاعدة الذي كان يسيطر على مناطق الأنبار.
شاركت القوات الأميركية الموجودة في قاعدة التقدم، للمرة الأولى، بطائرات الأباتشي، والمدفعية ذات القذائف الحارقة، في معركة شمال الأنبار، ما يعطي إشارات واضحة بأن الإدارة الأميركية انتقلت من القوة الباردة إلى الخشنة. ولكن، ليس بالصورة التقليدية للحروب، فالأرض تكون للقوات العراقية النظامية وأبناء العشائر السنية، والسماء لطائرات التحالف والأباتشي. وبذلك، تكسب أميركا الحرب من دون قتل جندي واحد.
ليست المشكلة في التحالفات الرباعية أو الخماسية، وإنما في النيات الخفية التي قام على أساسها، هل هي للتحرير والمساعدة، أم فقط للتبرير والمماطلة، وكسب مزيد من الوقت من أجل الصراع والنفوذ؟
إذا كان التحالف الدولي المكوّن من 60 دولة، من مستشارين عسكريين وطائرات، لم يحقق المطلوب، فهل يملك تحالف الكرملين الرباعي عصا مُوسَى، لفعل ما عجزت عَنْهُ الدول العظمى، لاسيما أنها لا تنوي المشاركة بزج قواتها في قتال مباشر مع داعش والجيش المعارض؟
647CF4A7-C5CD-46D4-B9E3-E6A2C8BC186E
647CF4A7-C5CD-46D4-B9E3-E6A2C8BC186E
سيف سعدي (العراق)
سيف سعدي (العراق)