تبون يأمر بالتحقيق في سلسلة حوادث تشهدها الجزائر

تبون يرجح وجود "مؤامرة" ويأمر بالتحقيق في سلسلة حوادث تشهدها الجزائر

03 اغسطس 2020
سبق واتهم تبون جهات خارجية وداخلية بـ"التآمر" (الأناضول)
+ الخط -


يعتقد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بوجود مؤامرة من قبل أطراف داخلية وخارجية تستهدف إثارة قلاقل وزعزعة استقرار البلاد، موجهاً الحكومة إلى فتح تحقيقات في عدد من الأزمات المتزامنة التي شهدتها الجزائر خلال الأسبوعين الماضيين. كما دعا، اليوم الاثنين، إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي قد يخلص إلى قرارات جديدة.
وكلّف تبون رئيس الحكومة عبد العزيز جراد بفتح تحقيقات فورية في أسباب الحوادث التي وقعت في الأيام الأخيرة، والتي كان لها الأثر السلبي على حياة المواطنين والاقتصاد الوطني، بحسب بيان لرئاسة الجمهورية، أمس الأحد.
 وأوضح البيان أنّ التحقيق الفوري يشمل الكشف عن أسباب الحرائق التي التهمت مساحات شاسعة من الغابات، وأزمة نقص السيولة في بعض البنوك والمراكز البريديةن والتي خلفت استياءً شعبياً كبيراً هز مصداقية الحكومة وقدرتها على إدارة الشأن العام، بالإضافة إلى توقف محطة لتحلية مياه البحر تقع في بلدية فوكة، 60 كيلومترا غربي العاصمة الجزائرية، وتزود الأحياء الغربية بالمياه، وكذا التحقيق بانقطاع الماء والكهرباء عن أحياء في العاصمة ومدن كبرى أخرى يومي عيد الأضحى من دون إشعار مسبق.
وبحسب البيان، يترأس تبون، اليوم الاثنين، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني، اجتماعاً للمجلس الأعلى للأمن، لمناقشة الأوضاع والأزمات الأخيرة، خاصة أنّ عدداً منها كان يتجه إلى أن يكون له تأثير مباشر على استقرار البلاد.
ووفقاً للبيان، فإن الاجتماع سيستعرض تقارير الأجهزة الأمنية والخلاصات التي توصلت إليها بشأن هذه الأزمات، ويتوقع أن تصدر عن الاجتماع قرارات تخص هذه التطورات.

أعمال مدبّرة ومتورطون
من جهته، قال رئيس الحكومة عبد العزيز جراد في تصريح للصحافة، عقب اجتماع وزاري خُصص لاستكشاف سوق اللقاح المضاد لفيروس كورونا، إن هناك أعمال مدبرة لخلق فتنة وعدم استقرار في البلاد.
 وكشف جراد عن ضبط متورطين في إشعال حرائق الغابات. ولم يستبعد إمكانية عرض اعترافاتهم بجرائمهم على شاشة التلفزيون أمام عموم الجزائريين. في سياق التحقيقات بشأن النيران التي اندلعت خلال الأيام الماضية، والتي التهمت آلاف الهكتارات من الغابات، قال جراد "لقد تبين بالدليل أن عدداً من حرائق الغابات قد كان نتيجة أعمال إجرامية".
من جهة ثانية، قال رئيس الحكومة إن سبب نقص السيولة في بعض البنوك ومراكز البريد، يعود إلى أن "هناك من حاول منع دخول وخروج السيولة من مكاتب البريد، فبعد التحقيق اكتشفنا نوعاً من المؤامرة لخلق ندرة في السيولة".
وعن سبب انقطاع المياه يومي عيد الأضحى، قال إن "عملية تخريب طاولت محطة تحلية مياه البحر بفوكة قرب العاصمة"، مشيراً إلى أن التحقيقات جارية وستكشف مزيداً من التفاصيل.
وليست المرة الأولى التي تفسر فيها أحداث في الجزائر على أنها "مؤامرة" و"أعمال تخريب"، بل حمل تصريحان سابقان، أحدهما للرئيس تبون والثاني لرئيس الحكومة، هذا التفسير، إذ قال جراد في مارس/آذار الماضي إنه تم رصد محاولات لاستخدام أموال رجالات الكارتل المالي الموجودين في السجون لإثارة قلاقل وزعزعة استقرار البلاد بطرق مختلفة.
 وكان تبون قد قال في حوار تلفزيوني قبل شهرين إنه "بعد فشل خطط إثارة الفتن في البلاد عبر الشارع، فإن المتآمرين سيمرون إلى خطط أخرى ستظهر في المستقبل القريب لزعزعة الاستقرار في الجزائر".
وقبل أيام، نشر نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة لتنظيم الانتخابات عبد الحفيظ ميلاط تغريدة توحي بذلك، واعتبر أن بروز مشكلات المستشفيات والعودة البارزة لظاهرة الهجرة السرية للشباب نحو السواحل الأوروبية، وأزمة السيولة النقدية في المصارف البريدية وانتشار الحرائق في الغابات، لا يمكن أن تكون تزامناً عفوياً، مرجحا أن تكون جميعها بفعل فاعل لإعطاء الانطباع بفشل السلطة السياسية والحكومة في البلاد.

مؤامرة أم فشل؟
لكن مثل هذا التفسير لا يجد له كثيراً من المؤيدين، كما أن نزوع الحكومة إلى الاعتقاد بوجود "مؤامرة"، وإلى هذا النوع من التفسير للأحداث والأزمات التي تكون في الغالب مرتبطة بسوء التسيير، لم يقنع الكثيرين في الجزائر، والذين يعتبرون أن العودة إلى هذه التفسيرات غير مقبولة سياسياً، وأن الأمر يتعلق بإخفاق حكومي في تسيير الأوضاع وحل المشكلات المزمنة، أو الحفاظ على الأقل على مستوى المشاكل والأزمات في حدها السابق إلى حين توفر ظروف حلها.
ويعتقد مراقبون، تحدث إليهم "العربي الجديد"، أن خلق أزمة سيولة نقدية في البلاد مثلاً، هو أمر معقد ويتطلب وجود تواطؤ على مستويات متعددة أفقياً وعمودياً.
 وفي السياق، يعتقد العضو الناشط في "الحراك الشعبي" و"تجمع الوطنيين الأحرار" (تجمع لشباب الحراك) نور الدين خدير، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الحديث عن مؤامرة هو إعلان فشل، والاستغراق في الحديث عن محاولات زعزعة الاستقرار، يدل على أن السلطة لم تغادر بعد المنطق ذاته في تبرير الفشل الذي كانت تستخدمه في عقود سابقة".
وتابع: "بالإضافة إلى كون فكر المؤامرة متجذر في خطاب السلطة وأدبياتها، وهو ومن حيث لا تدري الحكومة إقناع للجزائريين بفشلها في ضع حلول عملية للأزمات الراهنة، وبأن مشكلات التسيير أعمق من تغيير الأشخاص".
ويذهب محلّلون سياسيون إلى أنه من المرجح أن تكون السلطة تحاول الإيحاء إلى وجود صراع ومغالبة لها من قبل جناح ما من أجنحة السلطة السابقة أو تلك الموالية للقائد السابق لجهاز المخابرات محمد مدين، يستهدفان عرقلة خطوات التغيير التي يقوم بها تبون، وإظهاره وحكومته في حالة عجز عن حل مشكلات البلاد.
في الشأن، قال الباحث والكاتب أنيس سعودي، لـ"العربي الجديد"، إنه "يمكننا فهم موقف السلطة على أنه موجه ضد جناح، ربما يكون موالياً لقائد المخابرات السابق الموجود في السجن محمد مدين، خاصة مع وجود كثير من التقارير التي تتحدث عن عودتهم إلى العمل في مواقع متعددة، لكني اعتبر ذلك فزاعة لم تعد صالحة للاستخدام وغير مقنعة بالضرورة".