بين نقابة الصحافيين والحكومة التونسية... حرب معلنة؟

بين نقابة الصحافيين والحكومة التونسية... حرب معلنة؟

17 ابريل 2017
البغوري (وسط) معروف بدفاعه عن الحريات (أمين لاندولسي/الأناضول)
+ الخط -
عند تقديمه للتقرير الشهري للاعتداء على الصحافيين وعلى حرية الصحافة لشهر مارس/ آذار الماضي، يوم الثلاثاء، بدا نقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغوري، متشنجاً وفي حالة غضب بادية على الوضع الإعلامي في تونس، محملاً رئاسة الحكومة التونسية المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع.

البغوري ندَد خلال اللقاء بارتفاع عدد الاعتداءات المسَجلة على الصَحافيين خلال شهر مارس/ آذار 2017، سيما ما سماها بالاعتداءات الممنهجة والتي تتبعها وزارة الداخلية وأعضاء من السُلطة التنفيذية.

كما أضاف قائلاً إن "ما نعيشه اليوم هو عودة لنفس المُمارسات الاستبدادية التي كانت في عهد بن علي (الرئيس التونسي المخلوع)، فثقافة التخويف والترهيب مستمرة واستعمال التعليمات بالهاتف ورقابة (صنصرة) المُحتويات الصَحافية لا تزال قائمة، ووصلت حد التأثير على المستشهرين (أصحاب الإعلانات التجارية) في وسائل الإعلام الخاصَة، وسنقدم في هذا الصَدد تقريرا في الأيام القادمة بالشَراكة مع الجامعة التونسية لمديري الصُحف يحتوي على نماذج حية لتدخل السُلطة في عمل وسائل الإعلام".

حالة الغضب لدى نقيب الصحافيين وصلت إلى حدّ تشبيه مسؤولين على ملف الإعلام في الحكومة التونسية بمسؤولين سابقين قبل الثورة التونسية، وهو ما يعد تصعيدًا غير منتظر من النقابة، فسره البعض بحملة انتخابية سابقة لأوانها، باعتبار مؤتمر النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين سيعقد في شهر أيار/ مايو القادم، والنقيب الحالي قد يكون من أبرز المرشحين للحفاظ على منصبه.

ووصل التصعيد إلى تهديد نقيب الصحافيين التونسيين بشن إضراب عام في قطاع الإعلام في تونس. كما طالب أعضاء مجلس نواب الشعب بضرورة مساءلة السلطة التنفيذية في ما يخص تدخلها في وسائل الإعلام. وقال في هذا الصدد "من موقعي هذا أخاطب أعضاء مجلس نواب الشعب أو ما تبقى منهم سيما الذين يؤمنون بحرية التعبير واستقلالية الصَحافة أن يقوموا بمساءلة أعضاء السُلطة التنفيذية بما فعلوه بقطاع الصَحافة اليوم".

كما أعلن البغوري رفض النقابة للتعيينات التي حصلت على رأس بعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والمصادرة، واصفا ذلك بـ"الاختيارات العشوائية لأشخاص يفتقرون للخبرة وللتصورات والرؤى الإصلاحية داخل المؤسسة".

العلاقة بين النقابة الوطنية للصحافيين ورئاسة الحكومة التونسية مرشحة لمزيد التوتّر، خصوصاً في ظل تباين وجهات النظر بين الطرفين في عديد الملفات. فقد أخذت منحى تصاعديًا في الآونة الأخيرة، على خلفية التعيينات التي أجرتها الحكومة على رأس بعض المؤسسات الإعلامية، وعزمها تعيين مسؤولين آخرين على رأس مؤسستي الإذاعة التونسية والتلفزة التونسية، وهو ما تعتبره النقابة تجاوزًا للصلاحيات القانونية الممنوحة لرئيس الحكومة. إذ يشترط المرسوم 115 الرأي المطابق بين الحكومة والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) في تعيين المسؤولين على رأس الإذاعات والتلفزيونات الرسمية. في حين تذهب الحكومة إلى إمكانية التعيين بالنيابة وهو أمر قانوني لا يستدعي الرأي المطابق فى انتظار تعديل القوانين المنظمة للإعلام السمعي البصري في تونس.

لكن الملفت أنه بعد تصريح ناجي البغوري، نقيب الصحافيين التونسيين، لمّحت عضو المكتب التنفيذي للنقابة سيدة الهمامي، إلى رفضها لبعض ما ورد في الندوة الصحافية، تحديداً تلك المتعلقة بهجوم البغوري على مفدي المسدي المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة التونسية.
وقد لاقى موقف الهمامي مساندة من بعض الصحافيين، وهو ما يؤشر إلى انطلاق التنافس الانتخابي مبكرًا على مقاعد المكتب التنفيذي للنقابة ومنصب النقيب، حيث من المنتظر أن يشهد مؤتمر النقابة الانتخابي تجاذبات وصراعات وتنافسا بين القوائم التي بدأ أصحابها يحشدون الدعم فى الوسط الإعلامي التونسي.

وذهب البعض إلى حدّ القول إن تصريحات البغوري وهجومه على رئاسة الحكومة والمستشار الإعلامي لرئيس الحكومة تندرج في هذا الإطار. ومن المنتظر أن تتصاعد حدتها كلما قرب موعد المؤتمر. ولا يستبعد أن تكون بعض الأطراف المقربة من دوائر الحكم في تونس تستعد لتقديم ترشحاتها للنقابة في مؤتمرها القادم، لذلك اعتبر البعض ما قام به نقيب الصحافيين من هجوم خطوة استباقية لقطع الطريق على من يريدون الترشح إلى المكتب التنفيذي للنقابة من المحسوبين على السلطة في تونس.





المساهمون